صحيفة المثقف

انتفاضة المقهورين

رحمن خضير عباسلا اعتقد أن رئيس الوزراء العراقي الحالي عادل عبد المهدي على مقاس المرحلة التي يعيشها العراقيون. تلك المرحلة التي تشابكت فيها الأخطار والانقسامات الحادة. واثقلتها المحن. وطوقتها الأزمات. فهذا الرجل الذي سوّقته وسائل الأعلام على أنه المنقذ المحتمل، والذي يمكن أن يُبعد البلد عن حافة الهاوية،باعتباره مستقلا عن الأحزاب، التي تشظت وانشطرت وتكاثرت. ومن ثمّ أصبحت صاحبة للمال الوفير والسلاح الكثير، إضافة إلى الأتباع والمُريدين.

وسائل الإعلام صوّرته أيضا، على أنه زاهد في منصب الرئاسة، وان ورقة استقالته جاهزة  في جيبه،في حالة عدم تحقيق رغبته (المخلصة) في اختيار كابينته الوزارية وفق الكفاءة والأمانة والوطنية!

ولقد استبشرنا – نحن المقهورين-  خيرا بالسيد عادل عبد المهدي ووعوده بأنه سيلغي المحاصصة وسيحارب المحسوبية. وسيبعد أباطرة الأحزاب (المؤمنة) ومنها الدعوة والفضيلة والحكمة، وغيرها من أسماء ومسميات،انتشرت في الجسد العراقي كالنار في الهشيم . ونام المقهورون على حرير وعود السيد عبد المهدي. وحالما استيقظوا حتى وجدوا أنفسهم في ذات الدوامة للمحاصصة العلنية، ومزادات بيع المناصب. ونفس الوجوه الفاسدة التي قدمت نفس بضاعتها. ناهيك عن تقوية حيتان الفساد التي استولت على كل شيء. والأنكى من ذلك ان وزارة السيد لم تستطع أنْ تبتّ في قضية فساد واحدة. ولم تستطع أن تحاكم فاسدا واحداً. كما أنها ظلت تعالج الأخطاء باخطاء مماثلة.

وفي الوقت الذي تزداد ثروات حفنة الأحزاب. تنعدم فرص العيش لبقية شرائح المجتمع.

لذلك فقد انفجرت هذه الانتفاضة بين المقهورين، والذين كانوا ضحية لهذا الدمار الذي سببته الأحزاب الدينية فدمرت البلد واهدته إلى دول الجوار. من خلال هؤلاء الزمر الجشعة والبشعة، من رجال الدين  ومن الموالين لإيران وتركيا والسعودية،ومن الخلايا النائمة لحزب البعث الذين ذوّبوا أنفسهم مؤقتا في الأحزاب  الإسلامية بشقيها الشيعي والسني. حتى أصبح البلد مستباحا وضعيفا ومخترقا ومنهوبا.

لذا جاءت الانتفاضة ردا بليغا على دمار الوطن .

إنّها الصرخة الأخيرة بوجه فشل الطغمة التي أفسدت وخربت البلد، إنها الاحتجاج ضد اختلال القيم وانهيار المعايير الأخلاقية، التي سلكها هؤلاء الفاشلون، والذين وجدوا أنفسهم قادة في غفلة من الزمن.

هذه الانتفاضة هي الصوت الوحيد الذي عبّر عن معاناة وجعنا العراقي، وعن جرحنا وخيبتنا وإحساسنا بالمذلة.

على شباب العراق أن يستفيدوا من أشقائهم السودانيين الذين أسقطوا حكم البشير. ولم يقبلوا بانصاف الحلول،واستمروا في حراكهم حتى أنقذوا السودان.

نظام الحكم (الديمقراطي) العراقي،هو نظام بعيد عن مفهوم الديمقراطية الحقيقية، لانه قائم على دكتاتورية الفوضى، ودكتاتورية الميليشيات التي تتستر بعباءة الدين والمذهب. لذلك فيجب تصحيحه ولو بعملية قيصرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

(ديمقراطية) الطغمة الفاسدة في العراق تقوم على مفهوم تكديس المال والرفاهية لرجال الحكم، وإبقاء شرائح المجتمع فريسة للحاجة والفقر وتفشي الأمراض.

لذلك فليس لدى العراقيين سبيل سوى إجبار الحكومة على الاستقالة.

واستبدالها بحكومة إنقاذ وطني.

المجد للشباب العراقي الذي ثار ضد الظلم.

المجد لشهدائنا جميعا.

 

رحمن خضير عباس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم