صحيفة المثقف

ليكن قبري في غابة ظليلة

صحيفة المثقفمتخمة مقبرة الأهل

بالجدود والأعمام وثلة من مرضى الكلى وباقة ورد من الأطفال والرضع وعالم من صخب ومن ثرثرات نساء ما لبسن من أعمارهن الا الونى  وما عرفن الحياة بجودها أو عقمها فما حرثن بأرضٍ ولا رفعن سماء وأنا أزحف وحدي في درب ذي نهاية واحدة، أجرجر هامتي المتعبة. أضعت الرصيف وغفلت موضع العتبة وعيوني مطفآت القناديل إذ لا زيت يرفدها كما المحبرة بلا حبر، فلا خطاب يصل الأحبة مني ولا برقية نعي فمن سيراني وأنا والدرب عدنا من تراب واحد كما كنا. أجلس للراحة على خد درب داسه الغرباء كل بساعته وهم يمرقون يحدثني صمتهم بلغة بلا حروف ولا نبرات "كل ما هو آت أت" ويبقى وجه ربك، والصلوات يرفعن منزلة الطيبين. فارفض القتل والتضليل والسجود لغير الله وارفض مد اليد لمال الآخرين وعرض الآخرين واعشق ما خلق الله طيرا شجرا أرضا نهرا بشرا لكن لا تستأثر بالغيم في كبد السماء ولا تعتقل اليمام ولا تأسر غزالة في عقر دارك دعها ترفل بالسعادة في البراري وفي الهضاب ومتعها وخذ منها الدروس وكل العبر... دعها ترى سماء الله شمسا ونجوما. جر على نفسك لا عليها فما خلقتْ له يصوب سيرها لا زنازين الطغاة ولا السلاسل. اهرب بنفسك من لظى واحسن الى خلق الله كي يحسن اليك ولا تفاخر تظن انك الأعلى والأسمى والآخرون دونك في النجوى وفي خلق وفي شكل وفي فكر وفي كرم. كل حباه الله من فضل ومن نعم  وما الكمال الا بيد الخالق الجبار ذي النعم. أرصفة الرماد بانتظار الأفول الأخير والبيت الخشبي الصغير يحن لساكن الثرى بعد طول مكوث في أزقة الارهاق ودروب المتعة البريئة المدافة بالعناء، وبالهناء المغلف بالشقاء. لا لون لجراح الروح ولا دماء فارحم نهاية رحلة اللا جدوى ببلسم السراب وانقع جفونك في مياه نهرك أو في ثرى البلد الذي أهداك نبضك والقوافي وماء وجهك والثمر واغف على اسم الله وألفاظ الشهادة...وليكن قبري وقبرك يا صاح في غابة ظليلة.

***

نص مفتوح

سمية العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم