صحيفة المثقف

واقعة الموت في الخيال القديم

 عامر عبدزيد الوائليعلى الميت أن يعرف خارطة الموت و جغرافية؛ ليستطع ان يدرك اسراره مكابدته التي سوف ترشده إليها خرائطَها وعوالمَها سوف يتغير مصيره بحسبها .ومن هنا ياتي السؤال الوجودي من ذا الذي يرمي إلى تلك المرامي سواه؟ ومن سواه قادر على أن ينقش على وجه الطين ملامحه ويرسل الى البشر رسالته المعتقة بريح الجنوب التي لعنها ادابا وبكى الجنوبيين على عذاباتها؟ من ذا ينسى حزن جلجامش على فقدانه غريمه ومن ثم حبيبه الأوحد الذي غيبت ارض كور نايه،وصدى صوته الحزين يعلن الحزن على أرض عشقها عذاب وفراقها عذاب ..صوت مازال لدى كل عراقي صداه يتردد في كل المنافي وحنينه إلى ارض أوروك ؟ حزن ترك ضلاله تمتد على انليل الفاجر الملعون المبعد إلى حيث أرض إللاعودة، تلك الأرض القاسية التي خاطتها مخيلة أدباء أوروك ومن قبلهم أدباء سومر تعلن كل المراسيم الحزينة وهي تبكي عشتار الجميلة التي جدبت خصالها الحية عند أبواب الموت الأبدي وخاطت حول كل الذكور قربان اخصاء كان حبيبها أول من ذهب قربان لها، اه يا تموز و أنت تهرب متخفيا وعين الإله تحميك من عيون متعطشة للموت تروم اعتصار رغبتك، عذاب سوف يتكرر صداه لدى كل أصحاب الرؤوس السوداء وأحفادهم من بعد ما أضاعوا الحلم بالخلود منذ غادرهم جلجامش الجميل الذي غيب ذاته من اجل بقاء أوروك، وآدابا من قبله أرام الخلود إلا أن خديعة شمش غيبة عليه وعلى جنسه فرصة الخلود؟ هكذا كان الكهنة يحاولون زخرفة لعنة الموت الأبدي الذي ينتظره الجميع وحتما ملاقوه ومن ثم الحديث عن جغرافية للموت تعني البحث عن إبعاد ومواقع تخيلية للجغرافية،التي شكلتها المخيلة العراقية معتمدة على آليات تخيل رسمت إبعاد لتلك العوالم امتدت أثارها عميقا في الذاكرة لدى الشعوب الأُخرى التي استعارتها من بعد؛ ونحن هنا نحاول تحديد جغرافيا للموت نحاول إعطاء مرتسمات لتلك العوالم الموازية التي تشكل إحدى الممكنات التي ممكن إن تكون قد فاز بها بعض الإبطال سواء أكان ذلك على مستوى الواقع أم على مستوى التخيل الرمزي، إلا إننا ندرك عظمة العراقي القديم الذي برع في تخليق عوالمه الرمزية وإكسابها بعد قيمي أضفى على الحياة قيمة عندما منح تلك الوقائع عمق ميتافيزيقي مرتبط بمنظومة من القيم إذ مثلما وظف الطين ليكون أداة للكتابة، كذلك وظف الخيال ليكون حقل فعال يتم من خلاله بناء الذاكرة وشحذها بالرموز التي هي صدى الواقع اليومي الاجتماعي والسياسي .

إن البحث في الواقع الديني "الموت " أو المخيال الديني وما يصطنعه من عوالم تخيلية تعود إلى الواقع الاجتماعي والمؤسسات الفاعلة فيه - قديما كان المعبد والقصر - كما يرى الكثير من الباحثين في هذا الأمر فهي نشاطاً يحمل معنى يشد إليه الفاعلين الاجتماعيين فينظمون سلوكهم بعضهم إزاء بعض، بمعنى انه فعالية جمعية يذوب فيها الفردي داخل الجماعة من اجل الحماية والشعور بالاطمئنان في تلك الفترة الفرد ليس فاعل بل منفعل على الرغم من أنها حقبه رعوية تبحث عن منقذ يقود الجماعة على الرغم من أنها هي من يصنعه خصوصا في فضاء الحاجة إلى قادة في الحروب هنا يتم تخليق الإبطال، ساعتها تصدق مقولة (إن مصير الشعوب لا يتوقف على الجماعة بقدر ما يتوقف على قيمة الفرد)(1) تشكل قيمة الوجود المتخيل من خلال وجود معبد يقرر الحقيقة ويكون الواسطة فيها كل هذا هو منطق الدين القديم الذي يرجع كل شيء إلى ما هو خارج البشر إلى القوى المفارقة التي تريد تبرير ذاتها، بعدها سلطة، وتفعل ذلك باستعمال مقولات قابلة للتعميم والشمولية، أيّ صالحة لكلّ النّاس نجد هذه المقولات بطابعها القديم من خلال التشريع المدعوم بالسرد الديني عبر الاسطرة إبطالها شخصيات مفارقة أو متميزة أو إنصاف آلهة. 

يفترض من اجل إنجازه هذه الغاية أن يندمج كل سلوك فردي في عمل يحمل طابع الاستمرارية وان تنتظم التصرفات وتتجاوب بعضها مع بعض طبقاً لقواعد ضمنية مستضمرة. من أجل النجاة من التيه، وكلّ ما يعاكسه هو التيه والجنون بحسب رواية المعبد إلا أنه كان ضروري لتنظيم وحده الجماعة فالممارسة الدينية- الاجتماعية، بوصفها تنتظم شتات تصرفات الأفراد وتوجهها نحو غايات مشتركة، تفترض وجود بنية معقدة من القيم وعمليات التعيين والاندماج المحمل بمعانٍ ودلالات في أو ملة أو طائفة أودين يتخذ من إله يحتمي به وبحياضه المقدس،هنا ظهر المكان المتخيل (المقدس) وظهرت أيضا حاجه إلى وجود , كما تفترض لغة رمزية (شيفرة) اجتماعية ومستضمرة ليست هناك أية ممارسة اجتماعية يمكن إرجاعها فقط إلى عناصرها الفيزيقية، والمادية بل لابد من اختلاق منظومة رمزية مرتبطة بالقوى التي يستمد المجتمع منها وجودة التي تبدو أنها في بداياتها الجنينية (تشكل عفوي، تكون متأصلة في الاديان ذات الصبغة الدعوية الكونية) (2) هكذا تدعم السلطة نفسها بالقوة القهرية سواء أكانت مادية بالرجال أم مفارقة إلهية تغدو السلطة كنتيجة لضرورة خارجية إن كل مجتمع كلي على صلة بالخارج بالإلهة التي أنزلت الملكية من السماء، وأنزلت القوانين للملوك كما استلم حمورابي شريعته من شمش (3) يبدو عبر سرد المعبد والقصر أن المجتمع يستمد قوانينه من خارجه لا من ذاته. ويتضمن ثانياً، مبدأ (المغايرة) أي القول بأن البشر مدينون بمعنى وجودهم إلى غيرهم وليس إلى بشـر مثلهم، ويتضـمن ثالثاً، مبدأ (الانفصال)، أي القول بوجود فارق أو مسافة بين المجتمع ومصدره، بين المجتمع ومصدره. (4)

ومن هنا فإن كل مجتمع -المجتمع ممثل بالقوة الفاعلة فيه هي هنا كما قلنا المعبد والقصر - ينشيء لنفسه مجموعة منظمة من التصورات والتمثلات، أي مخيالاً، من هنا فإن كل مجتمع هو إنتاج نفسه، مخيالاً يقوم ـ على وجه خاص ـ بجعل الجماعة تتعرف بواسطته على نفسها، ويوزع الهويات والأدوار ويعبر عن الحاجات الجماعية والأهداف المنشودة.

لهذا ظهرت اللغة الدينية ونخبويتها بوصفها وسيط بين الناس ومصدر وجودهم هنا اللغة ليس هي الأخرى - بحسب تلك المخيالات- ليس صنيعة البشر وضرورة من ضرورات تواصلهم بل هي صنيعة الإله هو الذي علم البشر الأسماء المحب للمعرفة هو إله الحكمة(انكي) هنا تصبح الحقيقة بيد الإلهة لكن كيف يمكن التواصل معها أو معرفة نواياها الملغزة هنا برعت المعرفة القديمة بقيادة المعبد في خلق علوم العرافة والتنجيم والرثاء والتأبين وصناعة مخال الموت .

كل هذا ساهم في خلق الهوية الموحدة لجماعة أنه (بقيام الجماعات البشرية معانٍ ودلالات مخيالية اجتماعية تتمكن من إعطاء معنى لكل ما هو (موجود)، لكل ما يمكن أن يقوم فيها أو يقوم خارجها) (5) وهو أمر موجود في عمق كل ممارسة إنسانية إذ يحاول المجتمع أن يرصن وحدته من الانقسام فيخلق أعداء يمثلون تهديداً واستناداً إلى هذا التهديد الخارجي.سواء كانوا من عالم مفارق إلهة أم شياطين أم أعداء . كيف يعمق وحدته من خلال صناعة المنظومات الدينية التي في اغلبها موروثة، فإنها تؤدي بالنتيجة إلى تمجيد وحدة المجتمع عبر "سلطة الرمز" التي تمظهر عبر المخيال الاجتماعي(6) بما أنه منظومة من البداهات والمعايير والقيم والرموز فهو ميداناً لتحصيل المعرفة بل هو مجال لاكتساب القناعات، مجال تسود فيه حالة الإيمان والاعتقاد.

كل هذا يتحقق من خلال "الدين" (7) فهو في أصله دَيْن البشر للعالم الآخر وللكائنات العلوية وللقوى الفائقة. بمعنى أن الدين على رغم من أنه ينبع من حاجات داخلية ؛ إلا انه ينزل من السماء التي تشرف وتدير شأن الأرض وفكرة الدين هي التي تتيح المجال الموت هو اعتداء على وجوده سواء أكان فردأ أم جماعة هنا أقام المجتمع منظومات قيمة تسوغ حدوث الموت إما بخطاء بدئي وإما بقرار كوني قامت به الإلهة مثل الطوفان فأن هذه المبادئ تحدد أسـس الواقعة "الدينية البدائية "فإنها تشــكل من جهة أولى شروط أمكان الدولة ؛ لأن نشوء الدولة ما كان ممكناً ؛ إلا أن يعقل المجتمع نفسه بواسطة مبدأ خارج عنه.(8)

بمعنى إن تلك الرؤية تستمد منها الدولة الشرعية كونها جاءت بقرار يعود إلى قوى مفارقة هي التي تصنع رؤية البشر ووجودهم ومن ثم ليس أمام البشر من قدرة بالخروج ؛إلا بحاله من حالات ثلاث :

الأولى، توجيه الشكوى إلى تلك القوى المفارقة فهي التي نصبت الملك ورسمت الأقدار .(9) وإما الثاتية فهي تكفير تلك القوى ومن ثم تجريمها وهكذا حدثت اغلب الانشقاقات الدينية من خلال ظهور ديانات جديدة .وربما هناك حاله ثالثة هي الاعتماد على القوة ثم إعادة بناء السرد الرسمي والقول إنّ الإلهة اختارت الإله الذي يعود إليه الشعب المنتصر أن يكون زعيم الإلهة كما حدث في قصة الخليقة البابلية عندما أنتصر حمورابي انتصر معه مردوخ كزعيم لإلهة هذا ترقيع للاهوتي يعيد بناء السرد من جديد حتىّ يسبغ المشروعية على المنتصر والقول إنه قرار مفارق .(10)

إذا كانت هذه آلية المجتمع البدائي في المحافظة على وحدته من التمايز فإنها تسهم في خلق عالم مفارق وأسبغ الشرعية على الملوك على حين هي جزء من نظام تشريعي ماضي من الشفاهيه بوصفه عرفاً يضفي القدسية على الوضع السياسي يرجع تشريعاته إلى الآلهة واوجب الخضوع لها ويعلي من شأن الملك في الوقت نفسه . في مجال تحليل المخيال الديني الناظم إلى وحدة الجماعة المتمثل في تلك المنظومة القيمة التي يشيدها المعتقد الاجتماعي الديني من خلال سلطة المعبد،يمكن رسم خرائط هذا العالم التخيلي من خلال سرديات أسطورية تشي بملامح هذا العالم من خلال سرد حبكات تروي رحلات متخيلة إلى هذا العالم المستحيل الذي تم تخليقه خياليا، فالخيال يستطيع بقدرته الخاصة التأليف بين الأشياء، والألوان والأحاسيس فيبدع الصورة مستفيداً من التعاقب والحركية في الزمان ومن التشكيلية في المكان. يعني أن الوعي مرتبط بعلم النفس والاجتماع والمعرفة التي يظهر عندها من خلال مفهوم الخيال إذ يرى (جيلبار ديران ـ Gilbert Durand ) أن الوعي يتمتع بطريقتين لاستحضار العالم ؛ واحدة مباشرة يبدو فيها الشيء ذاته حاضراً في الذهن، وذلك عند الإدراك أو الإحساس البسيط، كأن تتخيل إنسان تعرفه، أو شجرة أو شيئاً مادياً محسوساً وأما الثانية فهي غير مباشرة عندما لا يمكن لوعينا إن يستحضرا موضوعه استحضاراً حسياً، كما هو الشأن عندما تتذكر طفولتنا أو نستحضر عالم ما بعد الموت. (هكذا أتاحت تلك الطبيعة الجميلة "حيث تلك السهول الفسيحة والسماء الشديدة الزرقة التي ما كانت تشوبها سحب أو تكدرها غيوم، بينما النجوم تتلألأ فيها )(11) وقد تجلت تلك الحقيقة في تلك الحقب، في أماكن عديدة كانت بمثابة أول الأحلام التي عصفت بها الريح في خضم تراجيديا رهيبة جعلت منها مجرد نصوص أثرية ـ أحلام ظهرت بأشكال هندسية على جدران الفخاريات أو نصوص خطتها أنامل الكهنة(12) في كل الأحوال التي يكون فيها الوعي لا مباشر يكون موضعه غائباً أي من جنس المجردات التي يمكن أن يقال عنها أنها تمثل (قيمة أخلاقية سياسية) ولا يمكن للوعي أن يتمثل، إلا بوساطة الصور.(13) إذا كان للرموز وظيفة فهي الدافع الذي يعين ويجعل الإنسان قادرا على المواجهة، ومن هنا فالنصوص التي ظهرت شكلت مرحلة نضج، أمَا القراءة فهي من جانب مؤرخي الأفكار في محاوله تأويليه، تتجلى من خلال محاولاتهم الحفر و دراسة مراحل ظهور الرموز والبنية المعرفية التي أنتجتها والظروف التي ساهمت في ذلك ؛ أي هي مهمة القارئ الذي يبحث عن المعنى وهذه السطور مساهمة في جهود القراءة فأننا نلمس في الحفريات المعرفية الاثارية التي ظهرت باحثة عن مراحل تكون الفكر العراقي والإنساني القديمين والتي وجدتها تتمفصل إلى ما قبل التأريخ وما بعده .

والتي تعد محاولات حضارية ناضجة ؛ وفي الوقت نفسه تعد مدوناتها من أقدم المدونات التي تناولت مسائل وجودية:" كالحياة والموت، وخلق الكون والإنسان، والخير والشر، والثواب والعقاب "(14) .كانت تلك المدونات قد عكست قلق الإنسان الوجودي إذ الإنسان " هو كائن قلق الحس، يبحث عن ملجأ يأتمن إليه "(15).

هكذا فإن الأمر بقدر ما يمثل جانباً معرفياً فانه يقوم على بعد حسي يحصل فيه الإدراك بشكل مباشر، وبعد حسي باطن يعتمد على المدركات السابقة. فعندما يتصور الوعي بأشياء فأنه يريد أن يراها في الخارج بينما هي مخزونة في ذاكرته، بل حتى عندما يتصور صور جديدة و فأنه يتصورها بالمقارنة مع تلك الموجودة في الحس الباطن أو العقل بوصفها نتيجة لتجارب سابقة، يمكن ترميزها والتعبير عنها من خلال الرغبة (معاني الألم، الشر، و الحياة، و الموت) عبر الوسيط البطل الأنموذج الذي سعى إلى تحقيق رغباته من خلال محور الرغبة يظهر من يناصره ويظهر من يعاديه والذي يحول بينه وبين موضوع رغبته.الرغبة بالحياة الطويلة والصحة الجيدة بعيدا عن عوالم الموت والتقلبات كل هذا يمثل موضوع يمكن استثماره عبر جعل المخاوف تهجع والأماني تورق يتحقق هذا عبر السرد والقدر المدهشة للغة التي تمكننا من أن نحقق أحلامنا عبر السرد والمحكي من ثم نستطيع أن نبني مخيالا أسطوريا (لا يوجد أي مجتمع بشري يمارس دوره او آليته بشكل مختلف أي بدون تشكيل متخيل ما) (16) لأن التخيل يمنح المجتمع القدرة على أن يقدم حلول لما يحيط به من معضلات طبيعية (فالدين أو الأديان في مجتمع ما هي عبارة عن جذور .. ونجد إن كل الأديان قد قدمت للإنسان ليس فقط التفسيرات والإيضاحات، وإنما أيضاً الأجوبة العملية القابلة للتطبيق والاستخدام مباشرة في ما يخصّ علاقتنا بالوجود والآخرين والمحيط الفيزيائي الذي يلُّفَنا، بل وحتى الكون كله، وفيما وراءه بالأشياء الموعودة (فوق الطبيعة)(17) ومن هنا يلجأ الأفراد إلى رموز متعدد: فالحديث أو الكلام يستعمل نطاقاً من الأصوات ليكوَن أشكالا كثيرة من الرموز مثل الكلمات، واللغة المكتوبة، ويمكن تذكرها بسهولة جداً ؛ لان المكتوب يكون مطبوعاً، ويمكن للغة أن تأخذ أشكالا أخرى لا متكلمة ولا مكتوبة (..) يمكن تحقيق الاتصال باللغة، والهيئة، ووضع الجسم أو التعبيرات الوجه وهذه الوسائل للاتصال تشكل المستوى الأول للرمزية بينما تشكل المفاهيم، التي تعبر عن حقيقة ما المستوى الثاني التي تقدم صوراً أو تمثيلات ذهنية، تأخذ موقع الأشياء التي تعبر عنها ولكون المفاهيم شخصية لكل إنسان، فإنها تكون بالضرورة أيضاً نتاجاً اجتماعياً لعدد كبير من الناس(18)، ليس من الضروري أن نجد هيمنة الموضوعية على منظومة معتقدات المجتمع (فإن منظومة المعتقدات الفاعلة ضمن مجتمع غير محددة لا بالحقائق المنطقية أو التاريخية ولا بالأدلة الواقعية) (19) وهذا يظهر ونحن نتطرق إلى منظومة من المعتقدات الأخروية والدنيوية العراقية التي تخط ملامح جغرافية تخيلية للموت ؛من اجل فهم التمثلات القديمة لابد من الوقوف عند أمرين:أولهما، مفهوم الزمان كما تصوره العراقيين، والثاني المنظومة التي يمكن من خلالها كشف الصورة التي تمكننا من فهم الفكر القديم وموقفه من الموت . ونحن نجد نمطين من السرديات الأسطورية تغاير مقاصدها بتغاير المتن الوجودي لها فهي الأفاق التي تمكن الإنسان من خلالها أن يستوطن اللغة ويتخذها سفينة النجاة التي تحيل تخيلاته إلى أماكن قابله للعيش؟

لعل محاولتنا هذا هي رحلة إلى العالم الافتراضي الممكن أو المستحيل، الذي خلقته تلك الثقافات في محاولتها فك سر حدث الموت.

 

 د. عامر عبدزيد الوائلي

...........................

(1) عبد الرزاق الجبران، جمهورية النبي، بيروت،2007،ص57.

(2) ميشال مسلان، علم الاديان، ترجمة عز الدين عناية،المركز الثقافي العربي،ط1، بيروت، 2009، ص126.

(3)(3) شريعة حمورابي 1795-1750(ق.م) تعد انظم وأكمل شريعة في تاريخ الحضارات القديمة .انظر :نائل حنون، شريعة حمورابي،ج1،ص13.بواسطة : سالم الالوسي، شريعة حمورابي،بيت الحكمة سلسلة رواد الفكر، بغداد،2007،ص13.

(4) بيار كلاستر، مارسيل غوشيه، في اصل العنف، تعريب: على الحرب، دار الحداثة، بيروت، ط1، 1985، ص35ـ36 

(5) فاخر عاقل، معجم علم النفس، دار العلم، ج3، بيروت، 1979، ص25

(6) فاخر عاقل، معجم علم النفس، المصدر السابق، ص25ا

(7) الدين : بشكل عام، ثمة تصوران متواجهان يفترضان نفسيهمما . التصور الاول يقول بوحدة الظاهرة الدينية الاساسية . ففيما يتجاوز التاريخ وتنوع التمظهرات العينية، نجد ماهية واحدة للدين وحدة الظاهرة الدينية من خلال الايمان بوجود عالم غير مرئي، مفارق ومقدس، مأهول بالارواح أو الالهة واليه يتقدم الناس باستمرار بالنمط نفسه،من العباداة .

خلاف لذلك يرفض بعض الكتاب استخدام كلمة "دين" ويرون فيها تصنعا مفهوميا يشبه تحكميا واقعا واحدا لظواهر مختلفة ..لمزيد انظر :جان فرنسوا دورتيه، معجم العلوم الانسانية، ترجمة : جورج كتورة،مؤسسة الكلمة، ط1، ابو ظبي،2009،ص412.

(8) فاخر عاقل، معجم علم النفس المرجع السابق، ص 36ـ 37 ـ 38.

(9) انظر :محمد عابد الجابري،نحن والتراث دار الطليعة، بيروت .

(10) قصة الخليقة : إينوما إلش ... حينما في العلى،ترجمة ثامر مهدي محمد عن كتاب قصة الخليقة البابلية واثرها في العهد القديم تاليف الكسندر هايدل،دار الشؤون الثقافية 2001،طباعة : إنانا الأمير.

(11) صموئل نوح كريمر، ترجمة : فيصل الوائلي، كويت، (بدون تاريخ)، ص156.

(12) تربو عدد الرقم الطينية للعراق القديم على المليون لوح متعددة الإغراض .انظر : فاضل عبد الواحد، من ادب الهزل والفكاهة،م/ كلية الاداب، جامعة بغداد،ص82,

(13) صموئل نوح كريمر المرجع السابق الذكر،ص27-26.

(14) المرجع السابق، ص78.

(15) يوسف الحوراني، الإنسان والحضارة، ط2 بيروت، 1973، ص6-7.

(16) محمد أركون، العلمية والعلمانية، ترجمة : هاشم صالح، الساقية بيروت،ص32.

(17) - المرجع نفسه، ص23.

عبدالهادي عبد الرحمن، سحر الرموز، ص137. (18)

(19) خوان بايا وبونثا، العمارة وتفسيرها، ت سعاد عبد علي، الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1996، ص39.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم