صحيفة المثقف

إن للصبر حدود

ضياء محسن الاسديبعد مضي أكثر من أربعة عشر سنة على تغيير النظام في العراق والمراقب لكل الأحداث التي جرت بعدها لم يشاهد أي حقيقة ملموسة على ارض الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لتأسيس مشروع بناء دولة قائمة على مقومات الدولة الحديثة بأنظمتها التي تميزها كنظام دولة بل كانت تلك السنوات عبارة عن حكومات متعاقبة ضعيفة من حيث البرامج والبنا التحتية والخدمات لتساهم في رفع الواقع المعيشي للفرد العراقي ولا مشروع يرتقي بنفسه ولا برجال سياسة يستطيعون قيادة البلد ولا بناء مشاريع خدمية واقتصادية وصناعية لتنمية المجتمع العراقي بل على العكس أخذت حكوماتها الضعيفة التي بُنيت على عدم الكفاءة لرجالاتها وهيمنة الأحزاب على حصصها من السلطة وطغيان الطائفية العرقية والقومية والدينية في سياستها حيث أودت باقتصاد العراقي إلى أدنى مستويات الفقر وتردي الأوضاع المعيشية قياسا للبلدان المجاورة لنا والتي هي أقل من إمكانياتنا اقتصاديا وبشريا التي تستطيع بناء دول كاملة فأن الطبقة الحاكمة التي توالت على حكمه لم تستفد من خيراته وثرواته البشرية وطاقات شبابه في بناء دولة متينة بل ساهمت في بناء مؤسسات ثرية ومتنفذة وطبقة سياسية استفادت من الوضع الحالي والمفروض على الشعب العراقي لإنعاش جيوبها ومصالحها الفئوية الحزبية وبنت جدار عالي وسميك بينها وبين شعبها ونفور نفسي حين تركته فريسة للجهل والفقر والفساد الاقتصادي والحكومي تدير أمورها من وراء الجدار لتدع كل تلك الأمور تنخر في مجتمعه وساهمت في ذبح المواطن العراقي وزادت في معاناته ومشاكله الداخلية والخارجية وجعلت منه بسياساتها الخاطئة ساحة صراع إقليمي ودولي وأرض خصبة لها على حساب مقدرات شعبها وتنكرت له على مدى هذه السنين للتضحيات الجسيمة عن كياناتهم وسلطتهم وحفظت العراق من الانهيار والضياع وأسقطت كل المشاريع المتربصة بالعراق وشعبه من الداخل والخارج حيث وصل هذا التردي والإنكار لفئة عظيمة من الشعب العراقي وبالخصوص الفئة المتضررة الأكثر وهي الشباب التي أصبحت الضحية الكبرى وأشد وطأت لهذه الشريحة حيث وصل مداه إلى أقصى حد من الرفض والوقوف بوجهه بتحدي دموي وسلمي لإسماع آذان الحكومة الصماء لحقوقهم المشروعة والتي تُفتح أوسع أبوابها في أيام الانتخابات تلبية لحاجاتها الماسة لهذه الأصوات للصعود على أكتافها إلى سدت الحكم وبعدها تركها عرضة للفقر والفساد الحكومي ونكران الذات والنفاق السياسي الذي يمارس اتجاه جماهيرهم التي ضحت من أجلهم . أما الآن والمستقرأ للأحداث المقبلة يرى انعطافة جديدة وخطيرة على الساحة العراقية حين خرجت هذه الجماهير في الأول من أكتوبر الحالي ما هي إلا جذوة صغيرة تشعر الآخرين بخطورتها وتُفهمهم بأنها قد توقد مواقد من النيران الملتهبة التي لا تحمد عقباها إذا ما لم يحاط بها واستيعابها وإيجاد الحلول في إطفائها على وجه السرعة ما دامت المطالب مشروعة وبسيطة وممكنة التنفيذ ومتيسرة لدى الحكومة وعلى الحكومة أن تستوعب الدرس الأول للمظاهرات العفوية لكن الخوف من القادم والدرس الثاني والثالث إذا لم تلبى المطالب وما هو آت أخطر ولا يحمد عقباه لكن أملنا كبير في بعض الحكماء وذوي العقول الراجحة التي لا تخلو من الفطنة والنباهة في تلبية مطالب المتظاهرين على عجالة للسيطرة على الشارع الملتهب يقابلهم أعداء متربصون بهم يحاولون صب الزيت عليها لإيقادها واستمرارها وهذا ما نخشاه ونخافه في قادم الأيام من عاقبة الأمور لا سامح الله.

 

ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم