صحيفة المثقف

التطورات والتداعيات اللاحقة بعد ٢٥ اكتوبر

سعد الساعديبعد تشكيل قوات حفظ القانون قبل أيام من الدعوة لتظاهرات جماهيرية بعموم العراق من حفظ امن وسلامة المتظاهرين حدث ما لم يكن متوقعاً بسقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى خلال ساعات على أيدي تلك القوات وبعض الجهات الامنية ما أدى لاشتعال فتيل الازمة قبل السيطرة على الوضع السلمي بتظاهرات سلمية لا يحمل فيها المتظاهرون غير العلم العراقي وقنينة الماء متحدين الرصاص الحي بصدور عارية.

جاء الخطاب الحكومي قبل  يوم الجمعة موعد  انطلاق التظاهرات حين كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق مشيرا الى الاستعمال المفرط بإطلاق العيارات النارية والغازات المسيلة للدموع ضد المتظاهرين بشكل عنيف تسبب بمقتل اكثر من ١٥٠ متظاهر وجرح اكثر من ٦٠٠٠ في الاسبوع الاول من اكتوبر ما ادى لرد فعل انعكاسي جعل المتظاهرين يتقدمون الى المنطقة الخضراء مقر الحكومة والبرلمان منذ ساعات الصباح الاولى من يوم الجمعة ٢٥ اكتوبر ليتلقوا بعد دقائق سيلاً من الاطلاقات النارية لترتفع تبعاً لذلك مطالب الجماهير بإسقاط العملية السياسية برمتها.

توالت بعد ذلك الاحداث متسارعة لتشمل حرق مكاتب الاحزاب الحاكمة وبعض منازل المسؤولين الكبار ممن عدّهم المتظاهرون من كبار الفاسدين ليتوالى معها سقوط المزيد من الضحايا.

دخول الامم المتحدة على الخط متمثلة بدعوة الامين العام بحماية المتظاهرين واحترام حقوق الانسان الذي اكدت عليه بلاسخارت ممثلة الامين العام في العراق التي احرجت الحكومة بضرورة حماية المتظاهرين الذين كفل لهم الدستور حق التظاهر السلمي.

والمضحك في كل ذلك الاتهامات الكيدية من الحكومة والكثير من السياسيين بان المتظاهرين يتحركون وفق اجندات اجنبية تقودها امريكا والسعودية واسرائيل وان الكثير من المتظاهرين هم من الموالين لحزب البعث المنحل علماً ان اغلبهم لم يعرف البعث او يعاصره من الشباب صغار السن؛ كل هذه التداعيات سارعت من النقمة الجماهيرية لتطالب علناً ايران بعدم التدخل بالشأن العراقي اضافة لحرق صور علي خامنئي ورفع العلم العراقي فوق بناية القنصلية الايرانية مساء السبت الامر الذي يعد مخالفة قانونية وفق الاعراف الدبلوماسية و القانون الدولي.

وبذا ظلّ المتظاهرون مصرين على تحقيق  مطالبهم المتمثلة بتعديل الدستور والغاء مجالس المحافظات ورواتب المسؤولين الضخمة مع رواتب اخرى لشرائح معينة من الشعب بعيداً عن استحقاق الجماهير المطالبة بتوزيع الثروات بشكل عادل.

من هذا وغيره كحراك سياسي صحيح يخفف من العنف ضد المتظاهرين بانتظار تلبية مطالبهم المشروعة قررت كتلة سائرون البرلمانية وهي اكبر كتلة التحول رسمياً للمعارضة وبدء الاعتصام المفتوح داخل البرلمان في حين هناك طلب استجواب لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي قدم لرئاسة البرلمان الذي اخفق بعقد جلسة طارئة لمناقشة حزمة اصلاحات الحكومة ومطالب المتظاهرين لعدم اكتمال النصاب بسبب غياب اكثر اعضائه في ظل الوضع الصعب الراهن .

وما يزيد الامور تعقيداً حالة الطوائ المستمرة بمنع التجوال داخل مدن الوسط والجنوب، فيما تشير الكثير من الوقائع ان اقالة الحكومة باتت وشيكة وإلاً سينزلق الوضع لحالة قد تؤجج حرباً اهلية حسب بيان السيد مقتدى الصدر الاخير ومحاولة عدم زج اتباعه في التظاهرات لاتهامه بركوب الموجة حسب قوله علماً ان اغلب افراد التيار الصدري في بغداد هم من مدينة الصدر شرق العاصمة واكثر من سقط من الشهداء والجرحى في التظاهرات من ذلك المكان  لكنهم متظاهرون بلا قيادة جماهيرية او تيارية أسوة ببقية المتظاهرين السلميين واغلبهم في سرايا السلام التابعة للصدر الذي امرهم بالاستعداد للعودة كحماة للمتظاهرين  بعد تجميدهم لسنوات مضت لكنهم الى الان لم يمسكوا الارض بشكل عملي، وما أشيع عن ذلك هو مجرد شائعات أو تسجيل حضور فقط.

بقي شيء في غاية الاهمية من المتوقع حصوله هو بقاء استمرار حالة التظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني مقابل العنف المضاد من القوات الامنية الذي قد يسرع بتدخل أممي بموجب قرار من مجلس الامن الدولي لحفظ الامن وحياة المتظاهرين قد تقوده الولايات المتحدة مجدداً، وهذا ما يبدو من تصريحات وتلميحات مفوضية حقوق الانسان المراقبة للوضع بدقة وحذر شديدين بعد اجتماعها برئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الاعلى واستمرار حرق بيوت ومكاتب الأحزاب الإسلامية.

 

سعد الساعدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم