صحيفة المثقف

كلمات فلسفية في الحياة والوجود (5)

علي محمد اليوسفأعتدت كتابة شذرات فلسفية في جمل وعبارات نشرتها من ضمن مواضيع محتويات بعض مؤلفاتي وفي هذه المجموعة أكون وصلت الجزء الخامس منها والتي لم يسبق لي نشرها، ومن خلال تجربتي مع هذا النوع من التعبير الفلسفي أجد أحيانا أن ما أرغب التعبيرعنه بصفحة أو أكثر من الشرح السردي ألقاه متحققا قد أستوعبته جملة أو بعض عبارة من التعبير اللغوي الذي يحقق الغرض المطلوب ويبقى تقدير الأمر للقاريء لهذا النوع من الكتابة الفلسفية الجاهزة السريعة..

- ما لا يدركه العقل تخونه الحواس والذاكرة، وما لا تدركه الحواس ولا العقل يدركه الجنون الذي ربما كانت مدركاته أسمى من مدركات العقل...فالعقل السوّي يحدّ أدراكه الزمان والمكان وتعبير اللغة.. بينما تكون هذه المحددات غير موجودة كعوائق عند المجنون في محاولته التعبيرعن حالته الشعورية واللاشعورية...

- اللغز المحيّر وجود الحياة والانسان على الارض من دون وجود حياة في عوالم وكواكب أخرى في هذا السديم الكوني اللامتناهي...ووجود كائنات متطورة لا تشبه الانسان أستوطنت كواكب أخرى غزت الارض في بعض المراحل التاريخية كلها محض خيال خرافي لا سندعلمي له..

- عندما ييأس الانسان يقوم بمقارنة السيء بالاسوأ بالحياة.

- أسوأ مما نتوقع حدوثه لن يكون أسوأ مما نتخيّل ونخاف حدوثه.

- حقيقة حياة الانسان على الارض هي كابوس مقيت لا يمكننا الخلاص منه الا في نهاية الانسان بالموت....ولو كان الانسان خالدا في الارض لما بقي للحياة معنى من أجله يعيش الانسان.. فخلود الانسان الارضي يلغي توق الانسان وشغفه الديني خلوده في السماء الذي لا يتحقق الا بموت الانسان وفنائه الارضي وبذلك ينعدم معنى الحياة على الارض... بهذا المعنى يصبح خلود الانسان بالموت هو الخلود الحقيقي وليس خلوده الانبعاثي الميتافيزيقي في السماء..

- الحقيقة التي تعطيها الفلسفة الغربية حقّها من الاهتمام هي أن علم النفس وعلم اللغة هما أهم ركيزة تقوم عليها مباحث الفلسفة المعاصرة حصريا، وجميع أحكامنا يلعب بها العامل النفسي وتعبير اللغة ما يوازي الاهتمام بالادراك المنطقي العقلي لفهم موضوعات الحياة..

- الفلسفة بمفهومها العام هي أفكار منطقية مستمدة من الواقع والخيال، لكنها عاجزة تماما أن تكون واقعية في حل أشكاليات خارج منظومة التفكيرالفلسفي المجرد.

- أدخل فلاسفة علم اللغة واللسانيات وعلم النفس مباحث الفلسفة بعد تجريدها من كل قيمة معرفية حقيقية جادة في تغيير الحياة، أدخلوها قسرا في عالم التعابير اللغوية المتداخلة مع بعض معارف علم النفس نفق التقويض المبرمج لجعل الفلسفة تلفظ أنفاسها الاخيرة على هامش الزوال والاضمحلال والتلاشي الحتمي...لتبقى الفلسفة البراجماتية وحيدة بلا منازع جدير بالثقة والبقاء الى جانبها أو منافسا لها.

- لا نمتلك يقينا قاطعا أن اللغة عاجزة من التعبير عن الافكار بصورة دقيقة، متناسين حقيقة اللغة هي وعاء الفكر، عليه يكون تقصير التعبير بالفكرأسبق من خيانة اللغة التعبيرعن مكنونات التفكير العقلي...

- عندما تكون الافكار عاجزة أن تمنحنا المعنى فألاجدر بنا أن لا نعوّل على اللغة تمنحنا المعنى..

- كينونة الانسان عملية تصنيع ذاتي دؤوبة من الاضافة والتكوين سعيا نحو تحقيق الذات الخالصة، ولا توجد كينونة أنسانية ناجزة متشكلة قبل ممات الانسان حيث تتوقف حين تفارق الروح الجسد..

- الكينونة لا تحمل ماهيتها الناجزة معها بل تحتويها صيرورة غير مكتملة، والكينونة والماهية ليستا جوهرا واحدا في تلازمهما وحسب ، بل كلتاهما جوهرا غير متكامل يسعى كل منهما بناء الآخروالتكامل معه وصنعه بمرور الوقت..

- وصف سارتر الوعي الوجودي (بذاته) أنه محاولة مستمرة في سعي الانسان تكوين ماهيته الثابتة كي يتحول من موجود لأجل ذاته الى موجود بذاته، لكن الجمع بين الاثنين (لأجل ذاته) و(في ذاته) أستحالة وجودية مجتمعية انسانية لا يصلها الانسان في الحياة.

- الانتحار هو فهم الحياة على حقيقتها الماساوية وقمّة الادراك أنها بلا جدوى.

- الحياة التي نعاملها بجدّية أكثر مما تستحقه أنما هي مهزلة يعيشها الانسان مرغما عنه منتظرا نهايته بالموت.

- تبدو لي مفارقة غريبة مع ما اؤمن به أن كل شيء بالحياة يجب أن يكون في خدمة حياة الانسان نحو الافضل، وكانت جميع مقالاتي على هامش الفلسفة طموحة لتحقيق مثل هذا الهدف لكني وجدتها في حقيقتها منطقا تجريديا صرفا ليس في وارد أهتمامها تغيير حياة الناس..

- الفلسفة ليست ايديولوجيا سياسية تعبوية في تغيير المجتمعات بقدر ما هي منطق لغوي يعمد تفسير الحياة بمغايرة عن الفهم العام لها..

- كان ماركس متنبئا محقا وعلى صواب حين أكتشف الفلاسفة غارقين في تفسير العالم بدلا من تغييره فعمد الى ايديولوجيا الاقتصاد السياسي وهجر الفلسفة وكانت الحصيلة قلب العالم رأسا على عقب..

- مما أندم على تضييعه اليوم أني كتبت مئات وأكثر من المقالات السياسية وفي الثقافة والادب عموما طيلة اربعين عاما كانت جميعها مضيعة جهودي الفكرية الثقافية والركض وراء سراب خادع في السياسة، قبل أن أكتشف في خريف عمري أني وجدت نفسي في حب الفلسفة والكتابة على هوامشها.

- نظافة الضمير الاخلاقي نفحة روحانية أنسانية لا يتمتع بها ولا يمارسها بهائم تمشي على قدمين.

- في مجتمع بلا قيم اخلاقية وخبيث في تعاملاته لا يضمن الانسان كرامته وسط حثالة تتسيّده .

- من العبث أن لا يرسم الشعب المظلوم مستقبل حياته وأجياله منتظرا النخبة الثقافية أن تنتزع له حقوقه وهي غارقة في الانانية وجني الامتيازات وبناء أمجاد زائفة وخدمة الحكام الفاسدين من قمة الرأس حتى أخمص القدمين..

- لا بد من السعي والتضحية من أجل تحقيق مجتمع تسوده أخلاق وقيم الضمير النظيف لتجنب السقوط في لامعنى الحياة وخوائها في الجحيم الارضي.

- لا أجد معنى أن يكون كل حزب سياسي في العراق والوطن العربي يمثل الوطنية كاملة لوحده بحيث لا يبقي شيئا من الوطنية للآخرين من شعوبهم..

- كان الشعب العراقي متحمّلا طيلة قرن كامل أن تهضم حقوقه وتسرق أمواله الى أن وجد نفسه يعيش بلا وطن أصبح ملكا صرفا لحثالة من الفاسدين.

- مثلما يجد بعض المتدينين المتطرفين أنفسهم أوصياء على محاكمة الناس في الارض بدلا من محاكمة رب العالمين لهم في السماء... وجدت بعض الاحزاب السياسية في العراق والوطن العربي تحتكر العمالة للاجنبي منفردة في أسقاطها الخيانة والعمالة على الاخرين..

- ثقافة النفاق الفاقدة لقيم الحياة لا تبني مجتمعا، فالمثقف الذي لا يصدق مع نفسه لن يكون صادقا مع غيره.

- لم تسلم  الثقافة العربية من العهر والدعارة الاعلامية..

- الوعي الذاتي بين أنسان وآخر من نوعه هو وعي نوعي مفارق لكل منهما حين يجد كل واحدا منهما في الآخر موضوعا لأدراكه ووعيه، وبهذه المغايرة التعالقية من الوعي المتبادل يعرف كل منهما حقيقة وعيه الذاتي.

- يقول (كانط) لا يستطيع الانسان تكوين حدوسات عقلية..بمعنى أن الفكر لا يستطيع الأنابة عن موضوع الادراك الغائب (الواقع) بأستثناء تفكير العقل الخيالي بمواضيع مستمدة من الذاكرة وليس مصدرها الحواس... والحدوسات في غياب الموضوع المتعيّن أدراكه في عالم الاشياء يتعذر على العقل تكوين حدوسات منطقية عن شيء في تعطيل أدراكات الحواس .

- يقول لايبنتيز (الحقيقة هي مايمكننا تحديده بالكامل) ويقصد أن معرفة صفات الشيء وأدراكه بالعقل غير كاف لمعرفة حقيقة (ماهيته) والأحاطة به .

- ادراك الشيء مكانا في وجوده الخارجي هو أدراك زماني له داخل العقل في محاولة فهمه فهما جيدا حقيقيا هو غير الادراك الحسي مكانا به..

- يذهب جون سيرل (أن تجربة الادراك الواعية التي ليس لها موضوع هي حالة من الهلوسة الادراكية ) وهذا تعبير ألتباسي غير واضح للاسباب:

اولا حالة الهلوسة ليست تجربة أدراك واع بغياب الموضوع المدرك،عندها لا تكون هي وعي بل هي تداعيات فكرية هلاوسية غير منظمّة ولا معبّر عنها لغويا أدراكيا بغياب موضوعها. والوعي بلا موضوع متعيّن في الذهن وعالم الاشياء لا يرتب عليه أدراكا عقليا مطلقا.

ثانيا ليس هناك أدراك واع لا يحمل موضوع أدراكه معه، والهلوسة بلا موضوع لا تكون وعيا بشيء ،أو موضوعا محددا بالذهن يستحيل أن تكون وعيا عقليا يمكن حدوثه..

- قوانين العقل الانساني تعلو قوانين الطبيعة، فهي تقوم بأدراك الاشياء بالطبيعة ويضفي عليها مقولاته وقوانين تنظيمه لها بما تفتقدها نظم الطبيعة وقوانينها، والسبب واضح بهذا الامتياز فالعقل يعقل نفسه ويعقل مواضيع الطبيعة في وقت واحد.. بينما قوانين الطبيعة لا تعقل ذاتها ولا تعقل الانسان كوجود محايث لوجودها. وبهذا التمايز تكون قوانين الطبيعة ثابتة لا تتغير بينما قوانين الانسان الوضعية دائمة التغير والتطور في مواكبة وبناء الحياة..

- لا أثق بتفكيري دائما فاللغة تخون الفكر الحقيقي النافذ على الدوام كون الفكر أكثر ثقة من اللغة وأغنى بما يدخّره من معنى.

- فضائع الحياة تجعل من الصمت أكثر أيلاما من الكلمات.

- أغلب حقائق الحياة يكتشفها الانسان في وقت متأخر من العمر.

- ربما أكون سيء الحظ وتلك حقيقة، لكني عشت الحياة بضمير يفتقده الذين أخذوا أكثر من أستحقاقهم بأخلاق النفاق وسلوك العهر الاعلامي على صعيد السياسة والثقافة والاخلاق... وسلوتي أني لست الضحية الوحيدة في عالم غارق بكل تافه وخبيث ومنافق..

- من أحدى مساوىء التفلسف السطحي هو السرد التاريخي المقتضب عن حياة فلاسفة كبار من غير عرض ونقد ومناقشة أهمية أفكارهم الفلسفية.

- عبقرية اللغة في التعبير مستمدة من عبقرية الفكر وما تعبر عنه اللغة بوضوح يطالب به فلاسفة اللغة هو السطحية بالتفكير في عجزها التعبير عن عمق الفكر الذي يحمل على الدوام فائض المعنى.

- في الوقت الذي لا تجد فيه الفكرة غير اللغة وسيلة تعبير عنها الا أن اللغة لا تقود الفكربل تستطيع المراوغة معه..

- ماذا لو أكتشف الانسان بعد فوات الاوان في خريف العمر أن الحياة التي عاشها كلها محض صدف متتالية ولم يكن له النصيب الاوفر في صنعها بأرادته؟؟

- التاريخ الزائف تكتبه القوة الغاشمة ولا تكتبه قوة الحق الغائبة.

- من هنا من الشرق الاوسط بداية نشوء ومهد الحضارة البشرية الذي أصبح اليوم القنبلة الذرية الموقوتة التي سيؤدي أنفجارها نهاية العالم.

- اذا ما تمّكن العلم من أكتشاف سر الموت مستقبلا فلا يبقى للحياة معنى وسينتحر العالم ببطء شديد كارثي في عدم كفاية الطعام لحياة المليارات من البشر على الارض مع أطراد التكاثر السكاني.. وهذا الفناء سيكون قبل فناء الحياة الارضية الحتمي في أستنفاد الشمس أستهلاكها للهيروجين الذي سيجعل من الحياة على الارض صقيعا متجمدا لا يمكن العيش معه..

- لا أجد هناك مبررا معقولا في فزع الانسان من الموت بعد أدراكه لا معنى الحياة...وأمتحان الانسان في الحياة لا مبرر حقيقي له أمام حقيقة الانسان وجود طاريء قذف به بالعالم من غير أرادته.

- شيئان لا يتصالحان في حياة الانسان العقل والعاطفة.

- الحياة مأزق لا يمكن تجاوزه ألا بالموت.

- الحياة تصنع الانسان ولا يصنعها هو.

- هدف الوعي القصدي هو الذي يشّكل لغة التعبير عنه.

- يضرب ليفي شتراوس المذهبين المادي والمثالي بقوله ( لا أولوية فيه للبنية الفوقية أو التحتية في عملية تأسيس المعرفة ) وهو رأي تركه صاحبه شتراوس معلقا بين الارض والسماء..

- متاهات العقل الانساني الفلسفي هي متاهات التعبير باللغة..

- الانسان فكر عقلي قبل أن يكون لغة معبّرة عن الاشياء في وجودها المادي..

- العقل تقف مهمته أمام تعريف الزمان لمدركاته، أي لمدركات العقل للاشياء في ظواهرها الفيزيائية.. أذ وضع العقل علاقة العلم بالزمان في مهام تخرج عن نطاق فهم الزمن كدلالة لا يستطيع العقل العلمي أحراز تقدم من خلالها مثل هل للزمان بداية ونهاية؟؟

- قد يحمل الانسان عبء وشم مزري مدى الحياة لا يمت له بأدنى صلة.

- عندما لا يحتاج الانسان موتا سريريا فمعنى ذلك أنه قد مات روحيا منذ زمن طويل.

- في مجتمعاتنا العربية تتوارى حقائق الحياة خلف توثيقات تافهة نفاقية يتولاها اناس لا ضمير اخلاقي لهم ولا قيمة فكرية يحملون ولا بصمة أجتماعية يمتلكون.

- يتحدث هوسرل عن العدم بانه لصيق القلق الوجداني ويسايره هيدجر نفس المنحى، في حين يتوجب علينا النظر بتعالق العدم مع الوجود المادي، ونبعد ربطه وتعالقه بالنفس الانسانية، فالعدم فناء لكل اشكال الوجود المادي وليس افناءا لعصاب او حالة نفسية تنتاب الانسان..وأنفلات السيطرة وقدرة التعبير والاحاطة بمعنى العدم بالكلمات لا يمنحنا حق اعتباره ميتافيزيقا تراود النفس..

 

علي محمد اليوسف /الموصل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم