صحيفة المثقف

لمحات غابرات

نور الدين صموديضيق المقالْ

بكل مجالْ

إذا هو طالْ

فقلْ ما يُقالْ

وعشْ في الخيالْ

**2**

إذا حاصَرَ النوْمُ عيْني

بليل الشتاءْ

فلا تتركنـِّي

وحيدا أراودُ جفني

على النوم حينا،

إذا ما بدا طيلسانُ الدُّجَى

على الليل داكنْ

وحينا أراودُ جفني

على الصحْو، لكنْ

أرى الطرفَ في السقف يرنو

إلى كل ما كان أحمرَ قانٍ وأسود داكنْ

ويسعَى بيَ الوهمُ نحو بعيد الأماكنْ

ويمضي خيالي يحرك في السقف ما كان ساكنْ

فأبـْـصرُ صقرًا وبطـًّا وزُمّجَ ماءْ

وأُبصرُ قِرشـًا

يسوق قطيع الدلافينَ إذ تمخر الموج نافرة من نيوب القروشْ

كما يهرب الطفل في الحرب من هجمات الجيوشْ

ومثل الأيائلِ فوق صخور الجبال

تحاذر من هجمات الوحوشْ

وأبصرها تتسابق وهي تكاد تطيرْ

وتسبق سرب النوارس في البحر يرسل في الموج أقوى هديرْ

وأُوشِكُ أُبصرُ في السقف جيشـَا

وأُغـْمِضُ طـَرْفي

وأرفع في الأفـْـقِ كفي

وأفتحُ عينَ خيالي

فأبصرُ ما لا تراه العيونْ

إذا ما فتحتُ الجفونْ.

**3**

وكانت، تنامُ بـقـُرْبيَ أمّي

إذا ضمني في الشتاء الفِراشْ

تـُعيد عليَّ الحكايا التي طالمَا رددتـْها

على مسمعي في ليالي الصقيعْ

ولكنّ نومي

يُهاجم عيْنـي

قـُبَـيْلْ ابتداء الحكايهْ

ولكنَّ أمي،

تحس لاحظُ  ُب نومي،

وتمضي  تقصُّ عليَّ الحكايهْ

من البدء حتى النهاية

 **4**

وفي كل ليلهْ

تعيد على مسْمعيَّ الخرافهْ

ولكنني منذ أسمع منها البدايهْ

أنام وأ ُسْلِمُ للنوم عيني

وأغمِضُ جفني

ويغمُرني الدفء في حضنه

وينسَى الفتى، وهو مَن كنتـُه،

جميعَ الذي كان في ذِهـنِـِه

من القصة الناقصهْ

وظـَلـّتْ طوال الليالي تضيعُ بذهني

(كما ضاع عِـقـْدٌ على خالصهْ)

فهل (ضاع شعري على بابكم؟)

(كما ضاع عِقدٌ على خالصهْ؟)

وهل (هُمزتْ عينُ (ضاعَ فضاءَ)

وأغرقَ في النور كل الفضاءْ

وبالشعر و(العِقـْدِ) للأعيُنِ الفاحصَهْ

رأينا (ابنَ هاني)

بَديع المعاني

غريبَ المباني

منَ الـْهجو للمدح يقلب أجلـَى المعاني

من الضد للضد دون توان ِ

ويمضي زماني ِ

ويُفنيه كـَـرُّ الثواني.

**5**

ولمّا كبُرتُ

ومثل الرجال

غدوتُ

وفي غفلة من زماني

غدوْتُ

أبا، لم أجدني

حفظتُ

عن الأم أيَّ حكايه

أُ ُنـِيمُ بها في ليالي الشتاءْ الصغارْ

فصرْتُ

أُأَلـِّف أغرب ما يستطيبُ الصغارْ

وأرتجل القصص الساحرات التي تستثير الخيالْ

فأزعم أني

على جبلٍ قد صعَدتُ

ولم أدر كيف

وقعتَ

بمنحَدَرٍ ما له من قرار ُ

ولم ألـْق فيه سبيل الفِــرارْ

فرُحتُ

على رمل ذاك المكان الخطير

أُصَوِّرُ نـَسْــرًا كبيرْ

وأرسمه فوق رمل وثيرْ

وقلتُ له: في السماء انطلق بي

وحلق وراء الغـَمامْ

فطار بيَ النَّسْرُ ذاك الذي فوق تلك الرمال

رسمتُ

وأبصرتُ شمسًا وبدرًا منيرا

وجيشَ نجــومْ

وأبصرتُ درب الحليبْ

ونهر المَجَـرّةِ حيث تعومْ

حِسانُ العذارى

من الحوريات يجئن حيارى

بأجنحة مثل سِـرْب الحُبارَى

و في بـِرَكٍ كاللآلي

أراهُـنُّ يسْـبحن في صدف البحر مثل السمكْ

فألقي على أجمل الحوريات الشبكْ

وفي صيد كل الجميلات لا أرتبكْ

وذاك لأني

أمام الصِغار

وجدتُ

بأن جميع الحكايا التي، في الصبا قد حسبتُ

بأني سمعتُ

ولكنْ محاها منَ الذهن نومي

فـسلمت كل الصغار

إلى سلطة النلفزهْ

ولم أرَ في مَا رأوه بها من حكايا سِوَى النرفوهْ

وأدركتُ أن السنين التي بيننا

دعتني

لترك الشراع

بكف سوايْ

وأصبحت تلميذ بعض الصغارْ

بكل الذي في الحواسيب أو في الهواتفْ

فقد أصبحتْ لعبة في أكفِّ الصغارْ

وصرنا صغارا أمام الصغارْ

وحين أتى الهاتف المتنقل

علمتُ

بأني له أجهلُ

ورحتُ

لأطفال أبنائنا أسألُ

ورددتُ ما قاله المتنبي الذي ملأ الكون شعرًا

وبالشعر قد شغل الناس شرقا وغربَـا

فقد كان في عالم الشعر ربَّا:

(أتى ذا الزمانَ بَـنـُوهُ بوقت الشباب

فسَرَّ بَنِــيه وأشمت فينا العِدى في الكِبَرْ

***

نورالدين صمود

قليبية أكتوبر 2019

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم