صحيفة المثقف

البيتُ الذي ليس فيه بيت

شوقي مسلمانيليس

ما ضاعَ

كلُّه ضاع.

**

شجرةٌ

في مسافة

قميصُها الأخضر

لكفيف يبحثُ عن نظر.

**

"قتيلات

خفيضاتُ الصوت".

**

البيتُ الذي ليس فيه بيت

القلبُ الذي ليس فيه قلب

الوجهُ الذي لا وجه له

الرأسُ الذي لا رأس فيه

والمكانُ الشائك

ومؤسف.

**

ومساحاتٌ يستردُّها البحرُ

خرجَ البحرُ ليحيا في بحرٍ آخر.

**

اليدُ التي تصنعُ الدخولَ والخروج

أوّلُ الأثرِ وامّحاؤه، يجب أن يعرفَ

يتماوجُ في الماءِ جرادٌ، خناجر، ظهورٌ مكسورة

عالمٌ في كلِّ عالَم، وفي الداخلِ في بطنِ "في"

فوضى هو الطقسُ، فيه مِنْ كلِّ ناحية

أوحى بالسيفِ. الضوءُ قليلٌ

حاجزٌ خلفَ كلِّ حاجزٍ

أمّهاتٌ وحدهن

لم يغادر شيئاً إلاّ وانقلب إليه

السؤالُ لم يصل، الأملُ قليل

أضاءَ ولا يزال في عتمة

تسلّلَ منكَ إليكَ، كلّه سمٌّ

فيه أمكنة عليها الرملُ يتراكم

يقول كلّما لا يصل

مرّاتٍ هو عين الصورة الحقيقيّةُ

الصبرُ الحكيمُ رأسُ الحكمة.

**

ثمّ اشتعلتِ الحربُ

استبسلَ أيّما استبسال

مهمّةُ أخينا أن يشيلَ

خلل الغاباتِ البكرِ

والأوديةِ السحيقةِ

خلل الممرّاتِ الضيّقةِ

عندَ أكتافِ الجبالِ الشاهقةِ

إلى خطوطِ النارِ الأماميّة

ويرجعُ بالمحمومين والجرحى أو القتلى

ترقّى مِنْ شيّالٍ إلى عتّال

فإلى حمّال

لكنْ في آن يحظى، والحقّ يُقال

بمكتسبات جديدة

مثالاً كان يقتات ممّا ينجم

صارت له مائدة

كان يستحمّ تحت وابلِ المطر

أو فيما هو يخوض مجرى نهر

صار له معاون يحمّمُه بالماءِ الدافئ

ينشّفُه، يعطّره

والمُحال أن يستقرَّ الحالُ

طالتِ الحربُ

ما كان عمليّةً بسيطة

صار عمليّةً معقّدة

فيها حياة أو موت

أصابَ الشحُّ أصلَ الموارد

أصابَه التقنين

حتى أتى على كلّ مكتسباته

طالَ أمدُ الحربِ أكثر وأكثر

ساءتْ أخلاقُ الجنودِ أكثر

رآهم يفتكون بأسرى

يغيرون على قرى

شبيهة بأعشاشِ عصفور الدوري

يضرمون النيرانَ فيها

ويلقون لأسنانِ البورانا عيوناً

ولم يعفّوا عنه

كانوا يقولون له: "تقدّمْ"

صاروا يقولون له: "حا"

كانوا يقولون له: "قفْ"

صاروا يقولون له: "هشّ"

طلبَ الجنرالُ مزيداً مِنَ القوّاتِ والمعدّاتِ

امّحتْ مطارحُ كثيرة عن الخريطة

لا ليس الهدفُ حقول الموزِ

بل الهدف  تنصيب الديمقراطيّةِ ملِكة

الحضارة يجب أن تنتصرَ على الهمجيّةِ

خلقٌ كثيرٌ ماتوا

وعلى الرغم لم ينكسر ظهرُ المقاومة الموزيّة

وقعتْ عينُ الحاصودِ على الحمّال

هما وجهاً لوجه

ولم يقدر الحاصود عليه

لا يستطيع الحاصودُ أخيراً

أن يحصدَ أكثر ممّا يستطيع

أصابَه مسٌّ

أقسمَ أنّه لن يهدأ ولن يهنأ

حتى يرى الحمّالَ صريعاً

كمنَ له تحت حجرٍ

في ممرٍّ ضيّقٍ

عند أعلى جبلٍ شاهق

داسَ الحمّالُ على الحجر

انهزل الحجر

ليتعثّرَ

ولكن لم يسقطَ في الوادي

أرشدَ المقاومةَ إلى حيث الحمّال

قصفوه بالكاتيوشا

امّحى كلُّ مَنْ كان معه

هو وحده نجا

همسَ الحاصودُ لذبابةٍ

معتمِداً الحرب النفسيّة الخطيرة

طالباً أن تقوم عندَ أذن الحمّال

وإلاّ سينزع روحَها

وأوحى للحمّالِ المُنهَك

أنَّ هذا الطنين هو هدير صاروخ

مزوَّد بمعلومات

ألاّ ينفجر إلاّ وهو في داخل رأسِ الحمّال

داخلاً إليه مِنْ طريقِ إحدى أذنيه

وأُصيبَ الحمّالُ بصعقة

ولم يمت

وزّعتِ المقاومةُ أخيراً منشوراً

تستغربُ أن تكون الديمقراطيّة

تعني حقّ الذئبِ أن يفلتَ بين الحملان

وأصرّت على المقاومة

حتى دحرِ آخرِ فلولِ الغزو

بدأتْ قلاعُ الغزاة تتهاوى

أخيراً لم يبقَ

إلاّ سطح مغارة

حطّتْ عليه مروحيّة

بانهماكٍ أو بارتباك

وفرّتْ بما حملتْ

فيما حبلٌ

ي

ت

د

لّ

ى

يتعنزقُ به الحمّال ذاته

رجع إلى ديرته

ناجياً بروحِه

ولكنْ ليس بكلّ عقلِه.

**

وطالما سمعتُه يقول

"الواقعَ أغرب مِنَ الخيالِ"

الزحمةَ غير صحيّة، العقلُ يدرِكُ العقلَ

ما انقطعَ يتّصل

ولكن ليس بعد فوات الأوان.

**

أنا في المحلّ والمحلّ أنا

المحوَرُ مائل والأرضُ تدور.

***

محور مائل (5)

شوقي مسلماني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم