صحيفة المثقف

سؤالٌ في التفسيرِ..؟

عبد الرضا عليصدر هذا اليوم عن (دار كنوز المعرفة) في عَمَّان / الأردنّ، الجزء الرابع من (سؤال في التفسير) للأستاذ الدكتور سعيد جاسم الزبيدي الذي تنطبقُ عليه كما أزعم جملةُ الأقدمين البليغةُ: (هو نسيجُ وحدِهِ) لكونهِ في الدرسِ الأكاديميِّ لا يُشبهُ غيرَه.

وإذا كانت هذه الجملةُ كنايةً عن كونِ الموصوفِ بها متفرِّداً بخصالٍ فريدةٍ محمودةٍ لا تجتمعُ في غيرهِ، فإنَّ الزبيديَّ لكذلك، فهو موسوعيُّ الثقافةِ سواءٌ أكانَت تلك الموسوعيَّةُ في علمِ اللغةِ، أم في النحوِ، أم في الصرفِ، أم في خصائصِ المنظومِ، أم المنثورِ، أم في أسئلةِ التفسيرِ التي يجترحُها منطقُ الاستقراءِ .

**

والدكتور سعيد جاسم الزبيدي حين يتصدَّى للكتابةِ في شأنٍ علميٍّ، أو ثقافيٍّ، فإنَّهُ لا يكتفي باستقرائهِ، وتحليلهِ، وتقييمهِ، إنَّما ينشغِـفُ به عن وعيٍ عامدٍ ليستوعبَ مقاصدَهُ، فيأخذهُ أخذاً، أو يستغرقُ فيه استغراقاً حتى يستوعبَـهُ كليَّاً. والأمثلةُ عديدةٌ، فحينَ تصدَّى لـ (النحو عند غير النحويين) لم يدعْـهُ إلى أن جعله قائماً في سِفْـرٍ محكمٍ جمعَ فيه رموزَ ممارسيهِ، وأشارِ إلى جهودِهم ببنانِـهِ الأمينِ على نحوٍ موضوعيٍّ كانت الحيدةُ العلميَّةُ إحدى أدواتِـهِ .

وحينَ وقفَ على بعضِ استخداماتِ الجواهريِّ اللغويَّةِ في بنيةِ نسيجهِ الشعريِّ المختلفِ أدركَ منتبهاً إلى أنَّ قراءتَهُ لن تكتملَ بغيرِ أنْ يُمحِّصَ كلّ مفرداتِ ثالثِ النهرينِ تمحيصاً، ويقابلها بما كان في خزينِهِ، وخزائنِ المعاجمِ من تكويناتِ البناءِ اللغويِّ، أو البيانيِّ العام، فانتهت تلك القراءةُ التي استغرقته زمناً طويلاً بسِـفْـرٍ لغويٍّ مهم هو (من معجم الجواهريّ) ليكونَ مرجعأ أساسيَّاً لدارسي البنـيةِ اللغويَّةِ في شعر الجواهريِّ تحديداً.

وها هو اليوم يطبّـِقُ منهجَـهُ العلميَّ (في الاستقراءِ المتشعِّبِ) عينَـهُ على الجزءِ الرابعِ من (سؤال في التفسير) ليقدِّمَهُ ناضجاً مستوعباً كلَّ شاردةٍ وواردةٍ تستحقُّ العرضَ،والمناقشةَ، والاستشهاد.

1226 سؤال في التفسير

كان منهجُ الزبيديِّ في أجزائه الأربعة من (سؤال في التفسير) يتلخَّصُ في عرضهِ للآيةِ الكريمةِ المرادِ تفسيرها على نحوٍ من حواريَّةٍ سرديَّةٍ تجري بينهُ (بوصفِهِ) أستاذاً أكاديميَّاً، وسائلِهِ المستفسرِ (بوصفه) تلميذاً جامعيَّاً، ومن خلالِ تلك المحاورةِ المستفيضةِ يعرضُ الأستاذُ على تلميذهِ آراءَ جميعِ المفسِّرينَ، سواءٌ أكانوا لغويينَ، أم نحويينَ، أم صرفيينَ، أم ممَّن اهتمَّوا بعلومِ البلاغةِ والبيانِ، أم ممَّن كانوا فقهاءَ لهم جهدٌ مؤشَّرٌ في تفسيرِ آي الذكرِ الحكيمِ، وتأويله.

وهنا ينبغي التأكيد على أنَّ الأستاذَ المجيبَ لا يدعُ رأياً تناولَ تلك الآيةَ الكريمةَ بالتفسيرِ إلاّ ويوردهُ لتلميذهِ النابهِ، ذاكراً تلك الرواياتِ، واختلافَها، ومظانّها تراتبيَّاً، فضلاً عن إيرادهِ للقراءآتِ القرآنيّة المختلفةِ التي وردت متواترةً سماعاً عن بعضِ الصحابةِ، والقرّاء كـ (عاصم، ونافع، وحمزة، وغيرهم)  في الآياتِ المقصودة، وبهذا المنهجِ حصل المتلقّي على مختلفِ الآراء، وأطَّلعَ على عشراتِ المظانِّ، ووقفَ على ببليوغرافيا موصَّفة، ومؤرخّة لجميعِ المفسِّرين، وآرائهم الجديرةِ بالمعرفةِ والاطِّلاع.

 

تقديم: أ.د.عبد الرضـا عليّ

كاردِف ـ بريطانيا

تشرين أوّل / 2019م.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم