صحيفة المثقف

مجهولة

صحيفة المثقفمهداة الى:

الشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي

***

ها أنا نقطة سوداء، صفر على أقصى اليسار. مجهولة.. كأن لم أعش فيها ولم أمتِ.. كما لو كنت آنية شفافة من زجاج أهملها الباعة على رفوف الكساد، لا تُرى من أيما زاوية فقد غمرتها تراكمات الأتربة عبر سني القحط وخلال أزمنة الخصوبة البلهاء. حتى من وضعها على هذا الرف المنسي مثلها لم تتبادر الى ذهنه بشخصها ولو لحظة من زمن صحو وتذكّر بل ربما خطرت فأبعدها عن ذهنه فورا مع إشارة من كف وساعد يوحيان بالمحو  لا من ورق فحسب بل من ذهن ووعي، أسيرة للبلادة في صحون الغفلة.. مغلقة.. محارة في قعر بحر غميق مع حبات لؤلؤي المطفآت بعيدا عن شمس الحضور الى منابر السطوع . وأنا أقبع وحدي في بئر من رماد عتيق أحارب النسيان عبر العقود الغفل بسيوف الحروف وهمسات الشعر لا يسمع صوتي الرابض شوكة في يباس حنجرتي الا الصمم المنغرس في ليل الصمت الواعي الباحث بعينين من هلام نزق عن زهرة لا تنبت الا في الظلال لا تتعرف عليها بصمات الأصابع الوالغات في عسل القصيد . يقودني موتي الأدبي من بحار النسيان الشوامت الى مهاطل المطر الغشوم كورقة يبست وذكرى باهتة لدواة لم تحفل بالحبر الذهبي مذ حرب البسوس . يمر بي السيل مزبداً ولا تحية تربط حاضري بماض موغل في غابات نثار الحس البديد مثل عطر عبثت به ريح الشمال. وضفائري وهنت من أشرطة اعتقال مسها العمر بألوان أقمار المحاق الشاحبات على نفور. لا لوم يا مقلي ولا تثريب فلقد سهرت معي حتى ضويت محبطة في محجر بليد منه ترين الركب يزحف للفجر غبطة وانتشاء وأنت غارقة في طريق الأُفول حيث لا رجعة للظاعنين الى مرابد القبور. ويمامة تصفر في عشي تحفزني للوقوف على أطلال عمري، وتردني عن سرر الموات فزاعة ترتدي شفوف الأندلس كولادة وشاحا يرف عبر الزمان ورديا معافى كوشاح لؤلؤها البراق فوق ترائب الترف الرطيب . كلما مددت قدمي نحو مزالق العدم تعود بي ليلى الأخيلية الى فرش السلامة تاركة لعروة بن حزام أن يأسى على نار خفوت، وترد العباسة عن سؤالي المرسوم على شفاه الغيب  ب: لا بأس لكل نصيبه في الدنيا فاصمدي صبراً يا ورقة غادرت الغصن زمن الأعاصير هذا خلاقك - فاعلمي - مرصودا بألف نجم لا بريق له وقناديل عمرك ما أينعت ذبالاتها لهباً فلا ضياء بلا وقود.

***

سمية العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم