صحيفة المثقف

اللغة خاصية النوع الانساني

علي محمد اليوسف(دراسة اللغة بأعتبارها نسقا للعلامات كانت فتحا جديدا للنوع الانساني ) روزاليند كوارد .

من المهم الاقرارالمسبق بالحقيقة الانثروبولوجية التي تعتبر أختراع اللغة خاصية نوعية في الانسان منذ وجوده البدائي في ملازمة محاولته ورغبته أختراع وسيلة التعبير التواصلية بغيره من نوعه لغويا بالصوت والكلام عوضا عن أو بالتكامل مع الحركات والايماءات الجسدية التي كانت تلقى أستقبالا غير محدد في توصيل المعنى المراد والمطلوب للاخر المعني,, أن أول ماعرفه الانسان كما يذهب له علم الانثروبولوجيا وتؤكده الفلسفة البنيوية الحديثة هو الكلام الشفاهي الذي يعتبره البنيويون أصل الكتابة ومن بعدها اللغة ووالكلام سابق على أختراعهما..الكلام الشفاهي سابق على الكتاب كنقوش تصويرية وسابق أيضا على اللغة بمفهومها التواصلي قبل أختراع اللغة السومرية 2500 ق.م.

ولم يكن الكلام قبل أختراع الكتابة لغة تداولية بالمعنى المعروف كون الكلام أصوات ليست عشوائية في المطلق التعميمي لكنها لا تفي بالغرض التواصلي المطلوب الذي حققه تطور اللغة لاحقا.... بأن اللغة هي مجموع أفصاحات الكلام الصوتية التي يلازمها حفر صور الاشياء والكتابة معا التي أستقرت في رمزية الحروف والمقاطع المنطوقة الصائتة والمكتوبة..

وكان الكلام الشفاهي قبل أختراع اللغة بالمعنى التواصلي مجتمعيا هو أشارات رمزية وحركات جسدية ترافقها هذاءات صوتية تواصلية غير مفهومة في مصاحبتها أيماءات حركية تعبيرية ترتسم على الوجه وحركات اليدين تحاول تقريب توصيل المعنى للآخر, وقد تزامن الكلام الصوتي الشفاهي مع البدايات التصويرية للكتابة في أشكال لا ترقى الى مستوى أعتبارها الكتابة المعروفة التي قوامها الحروف والمقاطع بدلالاتها الصوتية التواصلية... والتي وجدت رسوماتها البدائية على جدران الكهوف في العصور الحجرية الاولى, وهذه النقوشات الصورية البسيطة لا يمكن أعتبارها كتابة رمزية تمتلك أحرفا ومقاطع لها اصوات معبرّة عنها تحقق هدفا تواصليا كلغة كما هو الحال اليوم...

كما وصل حال تطور اللغة في نهايات عصر الزراعة سبعة الاف سنة قبل الميلاد وبداية تشكيل المدن في العصر النحاسي أو البرونزي ألاول عند السومريين مع أختراع أبجدية الكتابة المسمارية في بلاد الرافدين حوالي 2500 ق. م لتعقبها بالتزامن اللغة الهيروغليفية الفرعونية في مصر الفين وخمسمائة قبل الميلاد وربما كانت السنسكريتية لاحقة لكليهما أو مزامنة لهما معا..

والمسمارية والهيروغليفية تعتبران لغتان تجمعان كتابة الحرف والمقطع على شكل صورة رمزية صامتة لاشياء تعبّر عن معنى شيء ولا صوت لها حتى مع ملازمة الدلالة الرمزية والاشارية للصورة المقطعية.. وبقيت تلك الكتابة على أنها لغة تواصل تداولي تفي بالغرض من وجود اللغة المتطورة في حياة الانسان وأهميتها في تلك العصوروما تلاها أي قبل أختراع الانسان أبجدية الكتابة واللغة بمفهومها المتطور الحديث..

أذن اللغة منذ بدايات تكوّنها وتطورها وقبل أختراعها بشكلها الحديث لم تأخذ صفة الفتح الجديد للنوع الانساني حصرا مع بزوغ فجر علم الدراسات الالسنية واللغوية في بدايات القرن العشرين, بمعنى بقي منجز أنسنة اللغة النوعي تحصيل حاصل التطور الانثروبولوجي للانسان في بناء الحضارة وتحديدا في العصر الزراعي, ولا تضيف فتوحات الدراسات اللغوية الحديثة آفاقا معرفية أنسانية تتعالق باللغة لم يكن تطور اللغة عبر التاريخ يعرف بعضها متحققة في حياة الانسان...فاللغة هي الوجه الاخر لتطور انثروبولوجيا الانسان, والتعالق بينهما غير منظور من وجهة نظر تاريخية تحاول فصل اللغة عن انثروبولوجيا التطور الانساني..

وهنا تظهر أمامنا حقيقة لا يمكن عبورها ولا تجاهلها أن تطور اللغة هو تطور الانسان أنثروبولوجيا ...بمعنى أيضا أننا لا نضيف جديدا مخترعا أو مكتشفا لغويا وصلته الدراسات اللغوية الحديثة والمعاصرة بعد أن اصبحت اللغة نسقا علاماتيا أضفى على لغة الانسان بعدا آخر جعلت من وجوده الانثروبولوجي خاصية نوعية جديدة متقدمة لتوكيد خاصية أضافية أعمق مكتسبة فيه لم يكن الانسان يعرفها ويعيشها في بعضها على الاقل .. ..بمعنى آخر بمقدار ما كان الانسان عبر العصور كائنا انثروبولوجيا متطورا بمقدار ما كانت اللغة تجسيدا ملازما حيا لهذه الانتقالات الالانثروبولوجية النوعية في حياة الانسان..

مسألة توكيد الوجود النوعي للانسان في تطور اللغة قديما أو حديثا هو تحصيل حاصل تطوره الانثروبولوجي, وهو نفسه يمنحنا الاقرار بحقيقة أن تطور اللغة في النسق العلاماتي الجديد المكتشف بالدراسات الانسانية الحديثة على أنه فتح آفاقا أمام الانسان كنوع في لغة يحتازها الانسان دون غيره من الكائنات الحيّة..لم تكن جديدة على التطور الانثروبولوجي – اللغوي للانسان في مختلف مراحل حياته عبر التاريخ.

وتطوراللغة النوعي في نسق علاماتي جديد تقوم عليه الدراسات الالسنية الحديثة والمعاصرة تؤكد خاصية الانسان النوعية أنثروبولوجيا التي هي خاصية أختراع القدرات النوعية التوليدية في اللغة.. وفي جميع مراحل التاريخ الانثروبولوجي للانسان لم تكن اللغة غير لغة أنسانوية مؤنسنة بنوع الانسان ككائن ناطق تنم عن أقتدار فريد متطورخلاّق دائما يتسّم به الانسان كنوع وحده منفردا..الشيء المذهل حقا في اللغة أن الانسان أخترع مئات الالوف من اللغات واللهجات المحلية بتنوع وثراء يغطي كافة دول العالم اليوم في توكيد أن الانسان كائن نوعي باللغة وليس كائنا نوعيا في خروجه المستحيل منها أذا صح التعبير..

 

علي محمد اليوسف /الموصل

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم