صحيفة المثقف

أليات الاستفادة من قانون غلوبال ماغنيتسكي في ملاحقة الفاسدين

بعد ان كتبت مقالي عن قانون ماغنيتسكي وقلت انه سلاح ناجع لملاحقة الفاسدين وناهبي المال العام ومرتكبي الجرائم ضد حقوق الانسان داخل وخارج العراق (بالمناسبة هذه يصح بالنسبة لاي دولة في العالم ولايقتصر على العراق فقط) جاءتني الكثير من الاستفسارات حول الالية التي من الممكن اتباعها للاستفادة من هذا القانون والقوانين المماثلة له في دول العالم مثل المملكة المتحدة وكندا واوكرانيا وغيرها .

في البداية يجب ان نعرف ان القانون حاليا منذ عام  2016 اصبح ساريا  على مستوى كل دول العالم وهو يمنح الحكومة الامريكية صلاحية فرض عقوبات على كل من تثبت عليه تهمة الفساد وانتهاك حقوق الانسان في كل أنحاء العالم من خلالِ تجميد أصولهم المالية وحظرهم من دخول الولايات المتحدة وقد تمتدُ العقوبات لأمور أخرى. وهذا القانون هو احد البرامج التي تتبعها وزارة الخزانة الامريكية في ملاحقة المجرمين حيث ان هناك برامج اخرى ترتبط بمكافحة الارهاب وهناك برامج اخرى تتعلق بتمويل المنظمات الارهابية . حاليا هناك اربعة اشخاص عراقيين تم فرض العقوبات عليهم استنادا الى قانون غلوبال ماغنيتسكي من قائمة 113 عراقي قامت وزارة الخزانة الامريكية بفرض عقوبات عليهم عن قوانين اخرى بضمنهم مصارف عراقية وهناك سياسي عراقي ورد اسمه ضمن الاشخاص السوريين لانه يحمل جواز سفر سوري . اي ان اي شخص حتى لو كان يحمل اكثر من جواز يمكن ملاحقته في اي مكان يتوجد فيه .

من هذا المنطلق يمكن اعتبار هذا القانون اقرب الى مشرط الجراح فهو يستهدف الشخص الذي يقوم بصورة مباشرة او غير مباشرة بارتكاب اعمال الفساد وانتهاك حقوق الانسان حتى وان كان لم يرتكب تلك الافعال بنفسه فمجرد ان يثبت عليه انه امر او اصدر توجيهات بالقيام بتلك الاعمال ،ولايستهدف ذلك القانون الموسسة التي يعمل الشخص المستهدف ضمن اطارها الا اذا كانت المؤسسة تحاول حماية عضوها الفاسد كما انه يختلف عن العقوبات التي يتم فرضها على الدول والتي تصيب بضررها الافراد الابرياء كما حصل في العقوبات التي تم فرضها على العراق بعد غزو الكويت والتي ثبت ان ضررها كان على المواطنين اكبر من ضررها على النظام . بالاضافة الى ذلك فهذا القانون يستهدف الفاعلين الحقيقيين وليس (الادوات ) فهو يستهدف من امر واستفاد من الافعال الاجرامية فهذا القانون يستهدف مباشرة او يعاقب الافراد الذين يتخذون القرارات وينفذونها. وقد استخدم هذا القانون ضد الجنرالات في بورما (ماينمار)، ومسؤولي الأمن في نيكاراغوا، والمسؤولين الروس الذي ثبتت مسؤوليتهم عن قتل سيرغي ماغنيتسكي.

اما اثار تلك العقوبات على الاشخاص فهي اكبر مما يبدو من خلال الكلمات حيث ان إضافة شخص إلى قائمة  (عقوبات وزارة الخزانة الامريكية ضمن فئة غلوبال ماغنيتسكي) يفرض على كل مؤسسة مالية تتعامل بالدولار الامريكي من خلال النظام المصرفي العالمي ان تقوم بإغلاق حسابات ذلك الشخص واي حساب مالي اخر يثبت ان له علاقة به حتى وان كان باسم احد اقاربه او افراد عائلته او اصدقائه او شركائه في العمل ، ويتم منعه من الدخول إلى أي دولة تطبق قانون ماغنيتسكي او قانون مشابه له في العالم.

هناك شعور لدى الفاسدين انهم في امان من هذا القانون ماداموا لايمتلكون ارصدة او اصولا ماليه في الاراضي الامريكية ولايريدون زيارة الولايات المتحدة الامريكية وهو احساس كاذب ناتج عن عدم ادراك الاثار المترتبة على العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الامريكية على أي شخص او مؤسسة في العالم دولة أو شخص من الاحية الفعلية تشبه العقوبات الدولية وتصل بتأثيرها الى الأشخاص والمسؤولين والدول والجهات التي قد تتعامل مع المسؤول أو الشخص الخاضع للعقوبات الأميركية . كما ان سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف (سويفت)، التي يديرها ممثلو المصارف الكبرى في أكبر عشرة اقتصادات في العالم، والتي تعمل على مساعدة المصارف حول العالم لتنظيم المعاملات المالية و تسهّل التدفقات المالية العالمية والمحلية من خلال توفير طريقة آمنة لإجراء المعاملات في القطاع المالي تجعل من المستحيل على اي مصرف في العالم يستخدم التحويلات المصرفية فتح حساب لاي شخص ورد اسمه في قائمة العقوبات . وسيطرة الولايات المتحدة على هذه الجمعية نابعة من كون الدولار الأمريكي يعد أضخم عملة نقدية احتياطية أجنبية على مستوى العالم وبامكان الولايات المتحدة الامريكية حظر أعضاء مجلس إدارة سويفت من العمل في النظام المالي الأمريكي، وذلك إذا شعر  أنهم يساعدون من يتحدى العقوبات الأمريكية .

يلزم قانون ماغنيتسكي الرئيس الأمريكي بفتح تحقيق بعد تلقيه طلبا من أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس الامريكي، إذا ما كان أجنبي مسؤولاً عن جريمة قتل أو تعذيب أو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا لممارسته حقه في حرية التعبير.

كما يُلزم القانون الرئيس بإصدار تقرير خلال 120 يوما من تلقي الرسالة، يتضمن قرارا بشأن فرض عقوبات على أي شخص يعتبر مسؤولاً عن انتهاكات خطيرة مثل التعذيب والاحتجاز لمدة طويلة دون محاكمة أو قتل شخص خارج نطاق القضاء لممارسته هذا الحق.

مما تقدم فعلى كل من يحاول الاستفادة من ذلك القانون في ملاحقة الفاسدين والذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الانسان ان يتأكدوا اولا من مصداقية المعلومات التي يمتلكونها . فاذا كان الشخص هو المصدر الأصلي لمعلومة، كأن ينقل شهادة مباشرة على حدث ما، فمسؤوليته عما ينقله كاملة، ويقع عليه عبء دعم ما يرويه بالشواهد والأدلة الكافية على صحته. وأفضل سبل دعم الروايات هو توثيقها بالصور أو مقاطع الفيديو ضمن مواصفات معينه فعلى سبيل المثال اي فلم فديو ليس عليه تاريخ ومكان الحدث لايعتد به . كما يجب الاهتمام بالتفاصيل وخلو الرواية من التناقض بين أجزائها وكذا عدم تناقضها مع المنطق والواقع المعروف للجميع، كل ذلك يدعم مصداقيتها ويؤدي إلي الثقة  في صحتها.

اذا كان الشخص ينقل عن مصدر آخر فمصداقيته تعتمد أولا على اختياره لهذا المصدر، فالاعتماد على مصادر غير موثوقة أو ضعيفة المصداقية يوحي بالإهمال وينتقص من الثقة فيما ينقله بشكل عام.

بالاضافة الى أمانة النقل عن المصدر، بداية بالحرص على ذكر هذا المصدر، وإتاحة المعلومات التي تيسر الوصول إليه إن كان ذلك ممكنا، وانتهاءً بعدم التصرف فيما يتم نقله الا إن كان تفسيرا، او اختصارا لا يخل بالمعنى الأصلي، وفي الحالتين لابد أن يكون التصرفك فيما يتم نقله واضحا .

عند توفر ا لادلة القاطعة على الافعال يجب التواصل مع المنظمات القانونية في واشنطن العاصمة وهنا يكون لنقابة المحامين العراقيين واتحاد الحقوقيين العراقيين دور كبير في التواصل من اجل ايصال الموضوع الى لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الامريكي وعرض تلك المعلومات ليتم توثيقها ومن خلال تلك اللجنة يمكن البدء باجراء التحقيقات ضمن اطار القانون وهنا تكون التوقيتات ملزمة للادارة بالرد على تلك الادعاءات بغض النظر عن مرتكبي الافعال الجرمية ومواقعهم الرسمية او اماكن تواجدهم .

اذن هنا يكون الواجب على من يمتلك الادلة القاطعة بوجود جريمة من المشمولة بقانون غلوبال ماغنيتسكي ويشعر باه غير قادر على متابعتها داخل العراق لاي سبب كان بامكانه التواصل اما مع المنظمات غير الحكومية او مع وزارة الخزانة الامريكية لتزويدهم بالمعلومات من اجل متابعة الفاسدين .

 

زهير جمعة المالكي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم