صحيفة المثقف

الحراك العراقي.. هل هو ثورة أم حركة إصلاح؟

جعفر المظفردعوا العراق الجديد يولد من جديد.

من المهم الحديث عن كتابة دستور بديل من شأنه إعادة تشكيل العراق الوطني العلماني الديمقراطي من جديد.

من المهم أيضا تعديل قانون الانتخابات وإستبدال المفوضية العليا غير المستقلة للإنتخابات بأخرى مستقلة فعلا.

من المهم التأكيد على ضرورة القضاء على الفساد ومطاردة الفاسدين وإعادة الأموال العراقية المنهوبة من سارقيها.

كل ذلك وغيره من المهم تضمينه كأهداف لحراك تشرين العظيم.

غير أن السعي لتحقيق هذه الأهداف مع بقاء عناصر الفساد والتخريب والرضاء بها كأدوات تغيير معناه أن كل أهداف الحراك ستضيع وكل دماء الشهداء ستهدر.

ولهذا ..

فإن من المهم معرفة إن ضمانة تنفيذ (أهداف التغيير) تشترط أولا توفير (أدوات التغيير) وقبل كل ذلك فهي تشترط تعريف (ماهية التغيير).

 

فإذا كان المطلوب إصلاح النظام فمعنى ذلك أن على قيادة التحركات أن ترضي بالمستويات المقبولة من الإصلاح وفق خارطة طريق يضعها الطرفان، طرف المتظاهرين وطرف النظام، وذلك بوساطة طرف ثالث ضامن يحظى برضائهما.

وإن هذا يشترط أن يتوقف النظام فورا عن الحديث أو الذهاب إلى إقتراح أوحتى تنفيذ اية خطوة إصلاحية من خلال مجالسه التنفيذية والتشريعية القائمة حاليا والذهاب فورا إلى تشكيل لجنة للتفاوض مع قيادة الحراك لأجل وضع قائمة بالأهداف التي سيتفق عليها ووضع خارطة طريق تتضمن تحديد الأهداف ووسائل التنفيذ.

إن وسيلة التنفيذ والهدف هما كُلٌ لا يمكن تجزئته.

وفي حالة النظام العراقي فإن كل قياداته الإدارية والتشريعية هي مجرمة حتى تثبت براءاتها، وذلك خلافا للقاعدة القانونية التي تقول أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

إما إذا كان الحراك هو ثورة فعلية فيقتضي ذلك أن تجري المطالبة بتغيير النظام تحديدا كشرط لضمانة تنفيذ التغيير.

إن كل ذلك إنما يحدده المتظاهرون أنفسهم، وكل ذلك ستُتَرْجمه سياسيا قياداتهم في الميدان، وكل فعل أو رأي يأتي من خارج الميدان سيكون من حق القيادات الميدانية أن ترفضه أو أن تقبل به من واقع كونه أما معونة غير مشروطة وأما نصيحة أو مشورة لا أكثر.

ما أتمناه أن يكون الحراك ثورة وليس مجرد حركة إصلاح محدودة.

لكن حذارِ من أن نسقط على الحراك ما نتمناه، بل علينا أن نتركه يفعل ما يراه، وما يستطيع فِعله.

أما نحن دينصورات السياسة، أحزابا وأفراد، فمسموح لنا أن نكون ناصحين لا بدلاء.

ومسموح لنا أن نكون (أجدادا) للحراك لكن من غير المسموح لنا أن نكون (آباءً) له.

إن اثداء العجائز غير قادرة على الإرضاع.

دعوا العراق الجديد يولد من جديد، من آبائه الجدد.. أولادنا.

 

جعفر المظفر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم