صحيفة المثقف

اتساع الدعم والمشاركة والتاييد للحراك الشعبي في العراق

كاظم الموسوينال الحراك الشعبي في العراق منذ انطلاقه في مطلع تشرين الاول/ أكتوبر الماضي دعما وتأييدا ومن ثم مشاركة من قطاعات واسعة، من نقابات وشخصيات وطنية أكاديمية ومستقلة ورجال دين. إضافة إلى القوى التي قامت به وشكلت مادته الأساسية في الميادين، في العاصمة بغداد وبعدها في المدن الأخرى في الفرات الاوسط والجنوب. وتميز هذه المرة بشكل واضح بمشاركة واسعة من جيل الشباب، ومن الجنسين، والاغلب الاعم من الباحثين عن عمل منتج وحياة كريمة. والملاحظ أن الأحزاب السياسية التي أسهمت في العملية السياسية التي انتظمت بعد غزو العراق واحتلاله قد تريثت في اعلان تاييدها، فضلا عن التشكيك في اندلاعه والمشتركين فيه.

أما أحزاب السلطات المتنفذة فاغلبها امتنع عن التجاوب معه، بل دعم الحكومة في التصدي له والخوف من استمراره وتصاعده. ولكنها تحركت بعد استمراره في محاولة التجاوب والامتصاص لتداعياته وانتشاره. إذ تراجعت عن مواقفها الاولى واخذت تتسابق فيما بينها في اعلان الدعم والتأييد اللفظي والمتناقض مع أساليب إدارتها وعملها اليومي. بل واعلنت مبادرات منوعة وعاجلة لتقول انها تتواصل مع مشاركتها وتأييدها للحراك الشبابي الغاضب. في الوقت الذي كُشف أن اغلب المشتركين المتحمسين في الحراك  من خارج الأحزاب السياسية المتنفذة، ولديهم مرارة أو مواقف سلبية منها.

من جهة أخرى تحركت قوى ومنظمات ورجال دين من خارج المشهد الرسمي أو  الموازي من اتحادات نقابات من بغداد، ونقابات النفط من البصرة، ومؤتمر الإتحادات والنقابات العمالية العراقية. وشاركتهم من ثم بيانات وخطب علماء دين من أمثال البغدادي والحيدري والخالصي والطائي وآخرين بالتأكيد. كل هذه التحركات انصبت في تأييد الحراك الشبابي ودعمه وانتشاره جغرافيا. واسهمت كل من مواقعها بشكل من أشكال الدعم والمساندة وحتى بإعلان موقف يسجل لها، واعطاء مؤشرات محفزة لانضمام اعداد كبيرة من مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية والطبقية.

أصدر اتحاد نقابات عمال النفط بيان دعم وتاييد للحراك الشبابي السلمي، وردت فيه مطالب الاتحاد وتضامنه المطلبي، مُلخصة في عشر نقاط، مؤكدا على حرص الاتحاد في الوقوف إلى جانب مطالب الشعب المشروعة والمساهمة بشكل فاعل مع بقية الفعاليات للقضاء على البطالة وتشغيل جميع المعامل المتوقفة وتحسين الخدمات وزيادة رواتب الرعاية الاجتماعية والمتقاعدين ومفردات البطاقة التموينية وحماية المتظاهرين والإعلان عن جميع سراق المال وتشريع القوانين التي تخص الطبقة العاملة، وغيرها من المطالب. وانتهى البيان بشجب العنف ضد المتظاهرين وإخراج الناشطين المحتجزين من السجون.

وأصدر مؤتمر الإتحادات والنقابات العمالية العراقية بيانا مؤرخا في 2019/10/24 بعنوان " الحقوق تنتزع ولا تمنح"  مثبتا "أن التظاهر والاحتجاج والاضراب والعصيان المدني حق مشروع وفقا لكل المعايير الدولية. ومن حقنا كعراقيين أن نحتج ونثور وننتفض ضد الظلم والفساد الذي نخر جسد الدولة وسرق أموالها حتى انهكها. لقد طفح الكيل من سياسات الحكومات المتعاقبة على العراق حتى أصبح الجوع والعوز وانعدام فرص العمل والتهجير ظاهرة يعاني منها الجميع وبالذات الشباب".

في شريط فيديو وزع واذاع فيه ناطق باسم مجموعة من النقابات بيانا، أشار فيه الى انه اجتمع يوم 2019/10/22 ممثلون عن نقابات الاطباء، الصيادلة، المهندسين، الأطباء البيطريين، المعلمين، أطباء الأسنان، ذوي المهم الصحية، الأكاديميين، ذوي المهن الهندسية، الجيولوجيين،  المحامين، الكيميائيين العراقيين، التمريض، المحاسبين. وتضمن البيان عشر نقاط مطلبية، وجاء فيه: اننا كمنظمات مهنية ذات تاريخ طويل ومنتخبة من شرائح وطنية نرى لزاما علينا أن نوضح موقفنا من هذه الأحداث تجاه أبناء شعبنا العزيز وشرائحنا المهنية ( ...) وأعلن فيه تحميل القوى السياسية التي حكمت البلد بعد 2003  المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأمور، وتثمين وعي الحراك والدعوة إلى تبني مطالب محددة في إصلاح منظومة الدولة وتعديل الدستور وقانون الانتخابات وإلى اليقظة والحذر من حرف اتجاهات  الحراك السلمي  الى مسارات عنيفة، ومطالب أخرى في سياق المطالب العامة المعلنة من كل المشتركين في الحراك الشبابي.

ونشر (اية الله..) السيد كمال الحيدري شريط فيديو مسجلا فيه موقفه الصريح من التطورات السياسية في العراق، اشار الى وقوع الشعب تحت "حكم طبقة فاسدة اولدت حالة من الإحباط واليأس من العيش بكرامة في الوطن"، وذكّر بتحذيره من حالة الفساد المقننة دون أي رادع وطني أو ديني أو قانوني. واكد أن التظاهرات التي خرجت والتي ستخرج ماهي الا انعكاس طبيعي ضد حالة هيمنة الفساد على مقدرات العراق..  معلنا "وقوفه الكامل مع مطالب المحتجين التي هي مطالبنا في القضاء على هذه الطبقة الفاسدة". وكرر ضم صوته الى أصوات الشباب الوطنيين واقفا معهم من أجل إعادة صياغة العملية السياسية وحذر من استخدام اي عنف ضد المتظاهرين ودعا الى التحلي بالمسؤولية والسلمية وطالب "بإسقاط الحكومة" وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة وتشكيل لجنة وطنية لالغاء المحاصصة والطائفية والتوافقية السياسية وسحب السلاح من الشارع ووضعه بيد الدولة فقط.

كما نشر (اية الله..) السيد احمد الحسني البغدادي بيانا "حول انتفاضة المحرومين في العراق.. بتاريخ الخامس والعشرين من تشرين الاول عام ٢٠١٩م" أورد فيه: "وقد فشلت كل الوعود المقدمة من الحكومات العاجزة والفاشلة والساقطة، ووصل الامر الى ان يتقدم شباب العراق وفتيان الجيل الجديد من المحرومين والجياع والعراة القادمين من مدن الفقر والفاقة من المحافظات التي تقدمت التظاهرات السلمية طلائع من الصفوف الشجاعة المؤمنة بانقاذ العراق من محنته، وقفت في ساحة التحرير، وبقية ساحات الوطن في الاول من تشرين الجاري؛ فواجهوا بشجاعة رصاص القناصيين (...) وها هي النخوة الوطنية والشهامة تتجدد لتحدد مسار ومطالب انتفاضة شعبنا في الخامس والعشرين من تشرين الاول لتدعو كل احرار العراق ونخبه الوطنية ومرجعياته المقاومة للاحتلال لانهاء واسقاط هذه الحكومة الفتنوية، والاعلان عن اقرار فشل ونهاية العملية السياسية، وانحراف دستور بريمر، والعمل الفوري على الغائه من جديد، وقيام مرحلة انتقالية محددة تقودها حكومة كفاءات وطنية محايدة ونزيهة، والشروع بجدية لتحضير انتخابات ديمقراطية يقرر الشعب العراقي فيها مصيره بنفسه، انتخابات يشهد عليها ويشرف المجتمع الدولي تتم بنزاهة لتضع العراق على طريق الوحدة الوطنية، وبتوفير السلم الاجتماعي، والعمل على اصلاح اوضاع العراق البائسة، وانهاء كل اشكال التشتت والتشرذم الطائفي والاثني والجهوي! ".

بالتأكيد هناك أصوات أخرى ومن قطاعات أخرى تصب في هذا الإتجاه وترسم لها موقفا سياسيا واضحا، وتتجدد وتتوسع مع استمرار الحراك وتصاعده وتطوره حتى نجاحه في إنجاز حقوقه وأهدافه المشروعة.

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم