صحيفة المثقف

الشاعر في عوده الأبدي

فتحي مهذبشيعوه بإيقاع ألة التام تام..

ضعوا نعشه على مزلجة مزدانة بأزهار الكريسماس..

لتجرها زنجية غليظة الشفتين

نصف عارية وشبه ضريرة..

ليرقص الأموات والذئاب والسكارى..

ليرقص الكنغر والثعلب العدمي..

أم أربع وأربعين وقطيع الظربان القرمة..

ليؤبنه طائر الوقواق

ويشعل المايسترو مصابيح الماوراء..

لتقطع لسانه تلك المرأة

التي قذفته بنهدين من البرونز..

إختلست فستق روحه في حانة الميناء..

لئلا يفشي سرها لفخامة هاديس..

أطردوا الكاهن الذي عض زنده الأيسر في الكاتدرائية..

لطخ خبزه ونبيذه بدموعه المغشوشة.

ليخمد صهيل المدافع في عموده الفقري..

وتفر كوابيسه من شقوق المخيلة..

لينطفئ الثور الأسود القابع بين خصيتيه..

لتنكسر عاداته السرية مثل قوس المنجم..

ولترحل الخفافيش من ثقوب جمجمته الملعونة ..

ليحضر شوبنهاور وكلبه العائلي المدلل ..

ليحضر (مالدرور) بأناشيده المزعجة ..

جاري الكفيف بردائه السريالي الخافت..

بصوته الداكن مثل حنجرة مومياء..

ليحضر المسيح وحده

حاملا صناجة وعلى ظهره المقوس صليب من الخشب الأحمر..

ليذرف غيمته في صمت ..

ويئز مثل فراشة مهددة بنوبة عصبية..

ليطلق حمامة الغفران في المقبرة

ويغسل قبور المضطهدين بفضة صوته..

ليمرر يده الكريمة على وجهه المليئ بالكدمات الزرقاء..

ويهدئ خاطره المكسور..

ولتبك الإوزة البيضاء وحدها

وتمزق ريشها الذهبي

أمام حفرته العميقة..

حيث في انتظاره أم حقيقية

بجناحين وارفين من النوستالجيا

وضحكة أبدية لا تفنى..

إدفنوا معه كتاب الأموات

ونصوصه التي كسرت عظام الميتافيزيقا..

لا تذروا أحدا من أصدقائه السيئين يلتذ بمشهد موته..

لا تنسوا أن  وراءه جواسيس وقتلة ومنبوذين وبهاليل كثرا

لإزعاج العالم

وشن حروب الأسئلة الكبرى .

***

فتحي مهذب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم