صحيفة المثقف

كاميرا

سونيا عبداللطيفزُوم (1)

لقطة أولى

اِمرأة اِنحنتْ تفتّش في ما تَبعثر

وفاض

وتناثر

بجانب حاوية على الطريق

اِنحنتْ

تبحث بعين ثاقبة

الإبهام والوسطى والسّبابة

تنقر

كأنّها دجاجة

**

زُوم (2)

يدها اليمنى تقذف باللّقمة المشتهاة

من الحاوية إلى فمها

إلى أمعائها الخاويةْ

بيُسراها تشدّ لحافها الذي لا يكاد

يسترها

فيتدلّى نحو الزّبالة

إذ اِنحنتْ

وياليتها ما اِنحنت

ثديُها تدلّى

جائعا

كالذئب عاويا

فزجّتْ به دونما اِكتراث

بقوّة

ألقتْ به تحت اللّحاف

**

زُوم (3)

توقّفوا

طرأ على المشهد عنصر دخيل

لَنَعُدْ من الأوّل إلى التّصوير

المرأة تنحني

بعد أن سوّت من لحافها الهاوي

تنشغل من جديد بالبحث في القمامة

أطعمة فاسدة

حفّاظات نتنة

شظايا قوارير

خُردة صدئة

وروائح قذرة

**

زُوم (4)

الثّدي مرّة أخرى

 يقفز في إلحاح

لا حصّارة تشدّه

أو يلفّه قماش

يا ويحهم كل الناس

لم يتركوا حتّى الفُتاتَ للجياع

تركوهم كالحيوانات السائبة

للعراء

للضّياع

**

زُوم (5)

الثّدي يصرخ عاليا

عطشان... جوعان

دُلّيني يا زبالة

أين العيش الكريم

أنا ما ذقت يوما قطرة حليبْ

وأنتم الذين تُصوّرون

كفاكم  تُهمهمون

أوقفوا التّصوير...

فهذا الثدي لا يستحي

يُصرّ على تعرية الحقيقة

كلّكم إلى الجحيم

تبّت أياديكم

وما ملكت أهاليكم

هل تنامون؟

هل تغمض لكم جفون ؟

**

زُوم (6)

الشّواطئ تعُجّ بالجثث

على ضفافه ترتطم

البحر بات للجياع هو الحلّ

فلا شيء في البلاد يُحتمل

هل الحرق هو الأمل؟

***

سونيا عبد اللطيف - تونس

............................

من وحي الفيديو الذي نشر على صفحة الفايس بوك آخر نوفمبر 2019، وتبدو فيه اِمرأة في مدينة ـ حلق الوادي ـ بتونس وهي تبحث عمّا يؤكل في الزبالة وثديها يتعرّى غصبا عنها

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم