صحيفة المثقف

ملائكة وكلاب وغربان وغجر

عامر كامل السامرائيللشاعر المجري: كاروي باري

ترجمة: عامر كامل السامرّائي

***

لم يبقَ سوى بُعدَ الأقاصِ

وضجيج وقع خطى اليأسِ

والدمُ في العروقِ:

سربُ بجع-كالمِلح

يتزاحم في الأَورِدة الزرقاء،

 

لم يبقَ سوى نداء لا مناصَ منه،

أجهّزُ وجهي

في أصِيلٍ مُسَنّدٍ بشعاع

من قَرمَد- حرير براعم الزنابق، فمًا

ومن مَعْبَر الأيام أنفاً،

عيوناً من ذروة خَبَبٍ بلا صوتِ،

 

أجهّزُ وجه طفولتي،

جدارُ الدار يهمسُ بكلماتٍ مبهمةٍ

ويُسْمَعُ لها أزيزاً،

كأزيز سحابة تحلق بغنائم،

تَميل الشمس، على معالم جرح لا يندملْ..

وقعُ خطى هارب تسارعت لرؤية منزل

 

يَمثلُ الماضي

يتجلى

فتنكشف معالم خفية

هواءُ الصيف ينسجُ خيوطهُ النعيب

الشجيرات التي من خلفها

يلعب الغجر القِمار

ينبعث من بين شفاههم دخان

بقربهم برزخٌ من سديم،

أسيصبحُ الحاضرُ

ماضيا؟

أهي السماءُ تطرق على عتبات النوافذ؟

أم زنابقُ الحديقةِ رغوةً؟

قلقٌ؟

أتطلّعُ إلى نفسي،

أحقاً أنا، مَن يتجول في الحقول بلا ظلّ..

أأنا الذي، يركعُ جاثياً،

بين الأشجار المحشوة بالرماد

أنا

لحمٌ، ودمٌ، وعظام،

 

لم يَعد إلا الخراب

وإرجاءُ الحرمان

وتُظلِمُ، كما تتجلى الحياة

يزدادُ الصمت، أمام أفقٍ يلتهم قرص النار

ويبزغُ القمر مترنحاً من أعلى قمة الجبل

على الخواء الممدود،

في يدهِ مطرقة: قرعُ نواقيس طويل

أوجه العالم المطعون بإبرة التطريز

يَسْوَدُّ..

تَسْوَدُّ

التضاريسُ، والسهوبُ

والرسوماتُ المزوقة

على الأسوار الخرسانية لمحطاتِ السككِ الحديدية

وأمواجٌ تتقاسمُ الأسماك،

كُهُوف النساك..

والدول المبدلة للخرائط

 

للهاجعين مبكراً

للنائمين مبكراً

أنا أسأل، وأنا أجيب

- كيف كانت حياتك؟

- رغداً، بدقةٍ كما خُطْتْ،

كقصيدةِ قطٍّ ما كُتِبتْ

- للعدم، وجدوى الوجود؟

وزفير الانتظار يلفُّ كلَّ شيء

تتلامسُ الميادين..

 

وميضُ زوارقَ الدوريات يشقُّ عُمق الأنهرِ الجارية

خفقُ أجنحةٍ، وتوهجُ مصابيح لصوت النباح

رجلٌ في حلمهِ،

يهذي بصَخَب مع آخرين بلغةٍ مبهمة،

أناسٌ يقذفون بشخص إلى هوّةٍ سحيقة،

يتركونه هناك

لا يدري، ماذا حلَّ

الصبح، أم الظهر، أم المساء

لكنّه يعلمُ أنهُ لن يبرحَ الهاوية حياً

وهجٌ حاد يلفُّ المكان.

***

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم