صحيفة المثقف

اصرارُ على نيل الحقوق.. قالها العراقي: نازل آخذ حقي!!

عبد الجبار العبيدينعم.. هي ثورة حتى النصرعلى الطغاة الذين لم يعودوا يدركون واقعهم الحالي بعد ان تمرغت نفوسهم المريضة بالمال والمنصب حتى عدوا انفسهم أنهم أصبحوا مالكي وطن دون منازع، والشعب لم يعد في الحُسبان.. بعد ان نشروا بينه المخدرات وكل انواع الرجس والمجون التي يؤمنون بها بالفرض والقهر والحرمان، حتى احلوا الغريب الطامع ومليشياته القاتلة تدير وتدمر الوطن .. وأمواله تُرحل،وأرضه ومياهه.. تباع هبة للأخرين.. بعد ان نسوا حق الشعب في وطنه.. ونسوا ان الله لا يحب المعتدين والخائنين والمزورين..

فتجاوزوا كل الحدود .. على السيد رئيس الجمهورية "حامي الدستور"ان يعي المسئولية قبل ان يوفعوه الطغاة الى فخ حنث اليمين ويصبح امام القانون وجهاً لوجه.. فهل يعقل ان الرئاسات الثلاث تستدعي رسميا "قاسم سليماني" للنظر في محنة الزمن؟ أعتراف رسمي خطير" انظر المحاورة في محطة دجلة الفضائية اليوم بين نبيل جاسم والمحاور الايراني الذي تبجح في قوة نفوذ الايرانيين لمساعدة الخونة من حكام العراقيين.

نعم.. ثار الشعب البطل بشبابه الغض الميامين حين جعلوا حتى مزارات العراق حسرة على الخامنئيين وآيديولوجيتهم العقيم.. لا بل حتى مزارات مشهد القديمة في أرضهم محاصرون..

هؤلاء الذين لم يقرأوا حكمة الزمن .. وفلسفة التاريخ .. التي اجبرت الطغاة في الارض ان يندموا على افعالهم .. حتى قال احدهم: "ان الندم لا ينفع على فراش الموت النادمين".تحية للابطال الشهداء وكل الاخرين .. على جسور بغداد وشوارعها وأزقتها صاحبة التاريخ العريق.. التي أستعصت على المغول والفرس والعثمانيين وكل الغزاة والمجرمين.. وستبقى احزاب الاسلام السياسي ومليشياتها المجرمة وعلى من يعتمدون العار الابدي عبر السنين.. فلنُدخلها في مناهج دراسة التاريخ في صفوف الطلبة والمتعلمين؟

معرفة التاريخ لاتعوض، ودراسة التاريخ علم وفلسفة حياتية يجب ان لا تهمل ويعتريها النسيان، فبها تؤرخ الأعوام، وتُعرف الأنساب، وتُعلل الحوادث، وتُدرك المشاكل واسبابها وحلولها، فهي حافز لإثارة الهمم في الامة. المؤرخون هم الذين يتحدثون عنها، وبها يتفاخرون، وبأيامها واحداثها وعِبرها ينصحون. فلاهو وعاءُ للالفاظ الوطنية، ولا وسيلة لتبرير خمول الامة. .بل هو دراسة التجربة الانسانية على الارض، وهو مدرسة الأجيال لمعرفة الصحيح من الخطأ فيما نقرأ ويقرأون.. ولكن كيف يفهمها الجهلة من الحاكمين..

. على المؤرخين أن يفهموا بأنهم حماة الامة، فعليهم أن لا يبتعدوا او يقصروا عنها بحجة (شعلينه).. بلدنا العراق بحاجة اليهم اليوم، علينا أن نساهم جميعا من اجله لعلنا نستطيع إسعافه من محنة الزمن القاسية التي يمر بها، و نلتفت للذي حدث ويحدث اليوم، فلكل له جزاؤه في السلب والإيجاب، فالوطنية لها ثمن، والخيانة لها ثمن، لكن الفرق بين الاثنين كبير، فهل يسمع أصحاب القرار المتخاصمون على الثروة والمنصب..؟؟.

بقراءة التاريخ المتأنية ندرك ان العقل هو اساس حياة البشر وهو أغنى الغنى على حد قول فيلسوف حكيم. وعندما حل العقل عند المسلمين تغيرت حياة الناس عندهم فجاؤا بالأفضل.. لكن عندما توقف العقل في حياة الامويين والعباسيين، وطغت العاطفة على العقل وقع الشر في حياة الناس، فظلت الدولة كالموجة الهائجة القوية –التي حين تدنو من الشاطىء- تبدأ تضعف وتتلاشى وتموت .فحين وقع شر الخصام على الدنيا بين الدولتين، فنسوا العقل والدين، فنساهم الله، حتى ماتت وماتوا معها فحشروا مع الغابرين. فهل تدرك عقولنا اليوم ما حدث لنقف مع الوطن والصالحين. أم نبقى ننتظر من القادمين.

حكمة الزمن،وفلسفة التاريخ يجب ان تُقرأ وتُدرك وتُحلل وتُنشر نتائجها على الناس ليتدبروا مستقبل الحياة، فلا يقعوا في خطأ التقدير، او في اوهام العاطفة، فهي منهج مُلزم لتقرأه الأجيال، وتتعظ منه في قادم الايام. وهذه هي مهمات اساتذة التاريخ.. ان اول مهمات الحكومة الصالحة وضع مناهج التاريخ في المدرسة والجامعة،في مقدمة المهام الوطنية وقول الحقيقة – حتى وان كانت مرة - للناس دون مواربة من تلفيق، وأعطاءعلماء التاريخ كل الاهتمام فهو وهُم خزانة الدولة التي لا تنضب. .فالتاريخ هو الذي يحدثنا عن الامانة والصدق واحترام حقوق الناس وأسباب قيام الدول وسقوطها وشروط الانهيار حتى غدت الجامعات اليوم عنوانا لها في منهج التاريخ واضح وفاعل.. وليس باهتا وغامض..

وبهذا نقول : منذ عهد بعيد استطاع العقل البشري ان يعرف ما حدث ويتوقع ما يحدث، فالتاريخ يقرأ الزمن وفلسفته من عنوانه، لأنه هو الزمن بكل مظاهر الوجود المادية والروحية، ولقد أدرك الانسان أن لكل شيء في هذا العالم اسباباً وعِلل، فأراد أن يعرف ذلك الذي حدث، ولماذا حدث؟ من هنا بدأ الانسان يعرف تعليل التاريخ، أي بالعقل تربط الظاهرة وبه تستخرج الظواهر الجديدة، فبدأت خطواته الأولى في طريق الحضارة. ولهذا قال العلماء: "ان العقل هو اول مخترعات الانسان".

ليس موضوعنا العقل اليوم، لكن به استطعنا ان نتلمس الطريق المستقيم الذي به ووصل الانسان الى بداية ظهور التقدم الحضاري وانتصر وتقدم بعد ان سلك تفاصيل ما اراده له العقل، فتفوق وأستمر.. حنى تبعته أمم كثيرة وأصبح سيد العالم كما نقل لنا التاريخ. ولكن هل كنا نحن العرب كما يقولون فعلا سادة العلم بالحق والعدل.. أم كنا عكس ذلك؟.هذا ما يجب ان نعرفه وتعرفه أجيالنا اليوم، ولو الى حين بعد ان عتمنا عليها الكثير.. .فقد كذبنا وزورنا على الاجيال كثيرا، واليوم نحصد الثمر المُر. فلا احد يعرفه الا اذا تغير المنهج الدراسي نحو المنهج العلمي البديل. وجاءت حكومات تؤمن بالحرية والديمقراطية والتجديد حقا وصدقا لا كذبا وخيانة كما هم قادة العراق اليوم الذين أوصلو الى مهاوي الردى لخيانتهم للوطن والتاريخ.. . فالطريق بيننا وبين الذي نريد لا زال طويلا جداً وبعيد.

ويبقى السؤال الهام الذي عليه سنبني دراستنا وما نريد هو، لماذا تخلفنا عن ركب الامم الاخرى بعد ان تقدمنا؟ ولماذا قتل الابناء ابائهم وكذلك يفعلون.. والعكس صحيح..؟

انها حكمة زمن؟ لسنا وحدنا الذي مررنا بالدورين، فقد سبقتنا إلى ذلك أمم وحضارات. فحين نقرأ في الحضارتين المصرية والعراقية القديمتين لنقف مذهولين على التقدم الذي احرزعلى أيديهما علما وفناً وصناعة لكن القانون ظل كَسيراً، فبعقولهم اخترعت الكتابة الهيروغلوفية المصرية القديمة، والكتابة المسمارية العراقية القديمة، وبالقلم والقرطاس تقدم العالم شرقا وغربا، وعندما اهمل القلم والقرطاس والمنهج عدنا منذ عصر الجاهلين المتسلطين توقفنا. سرُ اكتشفه المحتلون منذ آلاف السنين، فالهكسوس دمروا حضارة المصريين الرائعة واستعمروها، والقبائل العيلامية والمغولية الغازية التي جاءتنا من الشرق دمرت حضارة العراق القديمة لكنهم لم يوقفوها، وهكذا فعل العثمانيون، واليوم يفعلها بنا الايرانيون حقدا ولؤما على السنين، والاستعمار الحديث حين جاءنا من أقصى الغرب يدمر حضارتنا ويقتل علماؤنا ويحرق مكتباتنا وحتى سجلات نفوسنا ومتاحفنا تحت سمعنا وبصرنا بخيانة الخائنين، ونحن أسرى له مكبلون. فكأن القلم والقرطاس هدفهم الاول في التدمير،حين باعت سفاراتنا في الخارج حتى وثائق التوراة والأنجيل.. ولا ندري من سيأتي بعدهم من الاخرين ليزداد حقدا ُعلى التاريخ..؟ فاين مؤرخونا من الحقيقة والتحقيق ليكتبوا لنا كل جديد؟. 

الشعوب لا تحيا الا بعقولها ولا تتقدم الا برجالها المخلصين، ولا تصان الا بهممهم،ولنا في المخلصين اسوة حسنة.. فأين نحن اليوم من التاريخ..؟

 ونعود للشطر الثاني من السؤال، لمَ قتل الأبناء آبائهم والإخوة إخوتهم ولازالوا يفعلون؟

ألم يخبرنا القرآن الكريم بقصة هابيل وقابيل وكيف ان النفس الانسانية التي امنت بالسوء احدثت ما ارادت ضد انسانية الانسان بالسوء؟ ألم يُقتل الخليفة الثاني عمربن الخطاب بايدي المسلمين؟ ويُقتل عثمان وعلي والحسين بن علي(رضَ) من بعدهم بأيدي المسلمين؟ الم يَقتُل الخليفة المآمون اخاه الامين شر قتلة لنفسه الأمارة بالسوء، ألم يَقتل الخليفة المنتصر اباهُ المتوكل لنفس اعتراها التدمير؟.

والقادمون الجدد ألم يقتلوا صداما والآخرين، واليوم هُم يواجهون نفس المصير.. لماذا؟اسئلوا التاريخ سيجيب.؟

فهل حدث كل هذا صدفة ام كان هناك من تخطيط؟ هنا واجب المؤرخ ان يكشف لنا الحقيقة لنتعلم منه دروس منهج التاريخ، فكيف كانت نهاية التاريخ؟ كانت نهايته في سجن الكاظمية الرهيب، فهل ستتكرر المآساة من جديد؟ فهل من دروس التاريخ سيتعلمون.؟ لا نريد أن نطيل في شروحنا للقارىء الكريم حتى لا يمل ولايكل، ولكن عليه أن يقرأ التاريخ؟ فكل باطل ينتظره نفس المصير.. فعلينا أن نكون حذرين.علينا ان لا نقرأ ما اصابهم كتاريخ ونحكم لنتعض، ولكن لنفهم احداث التاريخ اسبابها وفلسفتها، فهل كانوا يستحقون ما فعلوا بهم ام نحن المقصرون؟ فاين حكم الزمن وفلسفة التاريخ؟

 لا شك ان ليس كل ما كُتب ويكتب صحيح، وليس كلهُ وهماً وخطئاً، فالمؤرخون بشر والبشر مع العاطفة اميل اليها من العقل، والعاطفة والسياسة تُعمي العقول، وتُضلل الذهن، وتملأ القلب قسوة. وهكذا فعل بنا الفقهاء حين حولوا ديننا الى مذاهب متخاصمة على السلطة.. لا الى قوانين.. فغاب التجديد لمشروعنا على الرؤية التاريخية وجدية النظرفي العلم والعمل حتى اصبحنا بعيدين عن التجديد.. لكن لماذا هذا الذي حدث في التاريخ؟ وعندي أن غياب الدستور والقانون والحكم الصالح والخلافة السائبة لمن لا يستحقها.. والتقرب الى السلطة والمال والجاه هو ما نجهل ويجهلون؟.

وألا لماذا حصل التغييرعندنا في 2003، لنبدل وجوها باخرين. فلا زال القانون غائبا وحقوقنا الشرعية معدومة، واموالنا مشاعة لمن ينهب ويهرب على طريقة المسئولين وما سمعناه اخيرا في البنك المركزي والتجاري من بيع العملة الصعبة والقروض الوهمية وبطاقات تموين الفقراء والمساكين،ووزاراتنا أصبحت مُلكاً للسياديين،وكاننا اصبحنا نعيش في عهد الولاة العثمانيين، ولا زلنا نتغنى بالتغيير؟.. واليوم يواجهون مِحن السابقين .

اين مؤسسة النزاهة وما اثير حولها من ضجة المصلحين لملاحقة الفاسدين.. اين دولة القانون.. الذي كنا نعتبرها الشخصية الكريزماتية المنقذة للقانون..؟ كلام وتصريحات لا تستند الى دليل لابل كانت هي قاتل القتيل. أما من حقنا ان نثور ونصر على التغيير.. ونستعد للدفاع عن مجتمعنا ووطننا الكظيم؟. ونرفض المساس بكرامة المواطنين؟ لماذا جاء الاسلام وتغير الحال، لمجرد الدين، فقد كان لقريش دين. ولكل السالفين أديان.. لا بل شعوب تقدمت وهي بلا دين كما في اليابان والصين.. فهل جاء الإسلام ليحيا بالناس ام تحيا الناس به، افتنونا يا فقهاء ومرجعيات المسلمين يا اصحاب فتاوى الباطن والتغليس في الدين..؟

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم