صحيفة المثقف

موجبات القانون فى قضية الروهنقا امام القضاء الدولى

فى خطوة غير مسبوقة قامت دولة غامبيا برفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية متهمة اياها با للإخلال  ببنود اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها  والتى اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق او الانضمام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 260 ألف (د 3) والمؤرخة فى 19\ كانون اول ديسمبر 1948 وكان تاريخ نفاذها فى 12\ كانون ثانى يناير 1951م وفقا لأحكام  المادة 13 .

بالنظر الى اضطهاد الأقليات حول العالم  نجد ان معظم  تلك الأقليات  تتكون من المسلمين الذين يعيشون ضمن مجموعات أخرى فى دولة واحدة ففى الصين وفى مينمار وفى منطقة البلقان وفى اقريقيا الوسطى مرورا بنيوزلندة وغيرها من نحد ان هناك اقليات مسلمة تتعرض بصورة ممنهجة الى اضطهاد اثنى وتطهير عرقى وإبادة جماعية وقتل على الهوية والمعتقد

فى دولة مانيمار بورما سابقا تعيش أقلية مسلمة تسمى أقلية الروهنقا فى أقصى جنوبى البلاد، هذه الأقلية كانت وما زالت هدفا دائما لحكام دولة مينامار لا لشئ الا لأنها تدين بالإسلام بينما تدين الدولة كلها بالبوذية فأصبحت ديانتها مصدر حزن دائم عليها، فمنذ ستينات القرن الماضي إذا شئنا التأريخ الحديث كانت هذه المجوعة تعيش على حافة الحياة فلا يجد أهلها ما يسد رمقهم ولا ما يغطى أجسامهم  ويتعرضون على الدوام لهجمات الأمن والشرطة والجيش ويقتلون كما تقتا الشياه اما من نواحي حقوقهم السياسية فاننا لا نتحدث عن حق العمل ولا حق التصويت ولكننا نتحدث عن حق المواطنة حيث منعوا من جنسية بلادهم  وبالتالى ليس لهم حرية العمل ولا التنقل .

كان الهجوم الكبير من الجيش فى مينمار على الروهنقا فى أغسطس 2017م هو قاصمة الظهر على مجموعات الروهنقا حيث مارست قوات الجيش كل أساليب القمع من قتل وحرق واغتصاب للرجال والنساء والأطفال حتى ضجت الدنيا وقامت منظمات حقوق الإنسان بإصدار البينات والنداءات وحتى قامت الأمم المتحدة نفسها بفتح اذينها لاول مرة وكونت لجنة تقصى الحقائق حول ما يدور فى إقليم اراخان المسلم

اتخذت دولة غامبيا، أصغر دولة في قارة إفريقيا، خطوة غير مسبوقة هذا الأسبوع في مجال العدالة الدولية: فقد رفعت دعوى قضائية في المحكمة العليا للأمم المتحدة متهمة ميانمار بالإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهنجيا

لم تكن دولة غامبيا متأثرة بشكل مباشر او غير مباشر فى الصراع الدائر فى اقليم اراخان بين مسلمى الروهنقا ودولة مينمار، كما لم تكن من دول المقدمة فى قارة افريقيا من ناحية المساحة والسكان او الاقتصاد ولكنها مع هذا قامت باتخاذ هذه الخطوة الجريئة

بسبب نظرة فاحصة من وزير خارجيتها ابوبكر تامبادو حينما وقف عن قرب  على لأوضاع الانسانية بالغة السوء لمسلمى الروهنقا .

 و رأى أبو بكر م. تامبادو، تقرير اللأمم المتحدة في العام الماضي مفصلاً كيف قتل الجيش في ميانمار ذات الغالبية البوذية الآلاف من الروهينجا في عام 2017 ودفع أكثر من 700000 إلى بنغلاديش المجاورة..

قام تامبادو، الذي عمل لعدة سنوات كمحام في محكمة الأمم المتحدة التي تركز على الإبادة الجماعية عام 1994 في رواندا، بزيارة مخيم روهينغيا للاجئين في بنغلاديش في مايو 2018.

ذكّرته المحادثات مع اللاجئين وآلامهم بتاريخ ملىء  بالفظائع التي ارتكبتها الحكومة الرواندية، والتي قضت على حوالي 800000 شخص على مدى 100 يوم في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.

اما السبب الثانى الذى جعل دولة غامبيا تتصدى لجرائم مينامار فهو وقوف دول منظمة المؤتمر الاسلامى جميعا خلف تلك القضية فكانت دولة غامبيا وعلى رأسها وزير خارجيتها ابوبكر تامبادو هى من نالت قصب السبق فى طلب العدالة لشعب مسلم كاد ان ينمحى من على ظهر البسيطة

بالنظر الى القضية المقامة من دولة غامبيا ضد دولة مينامار امام محكمة العدل الدولية نجد ان دولة غامبيا قد استندت على اتفاقية  منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها والتى اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق او الانضمام بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 260ألف (د 3) الؤرخ فى 19\كانون اول \ ديسمبر 1998م . فقد جاء فى المادة الاولى من تلك الاتفاقية ان الاطراف تصادق على ان الابادة الجماعية سواء تم ارتكابها فى وقت الحرب او السلم هى جريمة بمقتضى القانون الدولى وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها، كما جاء فى المادة الرابعة يعاقب مرتكبو الابادة الجماعية او اى فعل من افعالها الاخرى المذكورة فى المادة 3 سواء اكانوا حكاما او سياسين او موظفين عاميين او افراد . وتنص المادة التاسعة من الاتفاقية على تعرض على محكمة العدل الدولية بناء على طلب اى من الاطراف المتعاقدة بشأ تفسير او تطبيق او تنفيذ هذه الاتفاقية بما فى ذلك النزاعات المتعلقة بمسؤلية دولة ما على ابادة جماعية او عن اى من الافعال الاخرى المذكورة فى المادة الثالثة، اذن فان دولة غامبيا قد استندت فى دعواها على المواد الاولى والرابعة والتاسعة فى اقمة دعواها ضد دولة مينمار باعتبار ان الاخيرة قد قامت بارتكاب جريمة الابادة الحماعية ضد اقلية الروهنقا المسلمة وان عليها وقف الافعال التى تشكل تلك الجريمة فورا  وتمنعه ارتكابها مرة اخرى كما يجب عليها معاقبة الاشخاص الذين قاموا بارتكابها حسب ما نصت عليه المادة الاولى من الاتفاقية  وبخصوص تلك المعاقبة نصت المادة السادسة من الاتفاقية على يحاكم الاشخاص المتهمون بارتكاب الابادة الجماعية او اى فعل من الافعال المنصوص عليها فى المادة الثالثة امام محكمة مختصة من محاكم الدولة التى ارتكب الفعل على اراضيها او امام محكمة جزائية دوليةتكون ذات اختصاص ازاء من يكون من الاطراف المتعاقدة قد اترف بها، وطبقا لهذه المادة فان محكمة العدل الدولية يجب ان تلزم دولة مينمار بمحاكمة الاشخاص الذين قاموا براتكاب جريم الابادة الجماعية او الافعال الاخرى المنصوص عليها فى المادة الثالثة امام محكمة وطنية فى مينمار وذلك متى ما ثبت لها ان هنالك جريمة ابادة جماعية قد تم ارتكابها طبقا للادعاء الغامبى، ومن ناحية اخرى فان المادة السادسة السابقة الذكر قد خولت القضاء الجنائى الدولية بمحاكمة الاشخاص الذين قاموا بارتكاب جريمة الابادة الجماعية فى اى دولة شريطة ان يكون مختصا بذلك وفى هذا الصدد فان المحكمة الجنائية الدولية قد فتحت تحقيقا اوليا فى مزاعم ارتكاب اشخاصا فى دولة مينمار جرايمة ابادة جماعية وقد استندت المحكمة فى اختصاصها بفتح ذلك التحقيق على ان جزءا من تلك من الافعال التى كونت جريمةالابادة الجماعية قد تم ارتكابها على اراضى دولة بنغلاديش وهى من الدول المصادقة على ميقاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.

لقد كات اتفاقية الابادة الجماعية اول معاهدة لحوق الانسان اعتمدتها الامم المتحدة وهى تركز الاهتمام على حماية الاقليات العرقية والقومية والدينية من الاخطار التى تهدد وجودها وهو ما ينطبق تماما على اقلية الروهنقا بحسب التقرير الذى قدمه السيد\ مرزوق دارسمان رئيس لجنة تقصى الحقائق حول الابادة الجماعية فى مينمار حيث قال فى هذا الخصوص امام مجلس حقوق الانسان ان (مستوى الوحشية لا يصدق، فالجيش تجاهل تماما حياة المدنيين) وخلص فى نهاية الامر الى ان هنالك حريمة ابادة جماعية قد تم ارتكابها فى مينمار من الجيش والشرطة والامن ضد اقلية الروهنقا المسلمةفهل تستجيب المحكمة لمطالب الادعاء الغامبى ام مواضعات السياسة التى تراهن عليها مينمار ستعرقل صدور الحكم بادانتها؟.

 

ناجى احمد الصديق - السودان

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم