صحيفة المثقف

حقوق الإيغور في إقليم شينجيانغ الصيني

بكر السباتينوالحرب التجارية بين أمريكا والصين

قبل كل شيء أنا ضد ممارسة العنف من قبل الحكومات ضد شعوبها في كل دول العالم، من منطلق إنساني، ولست مع توظيف الدين في الدعاية ضد أي بلد وتحويل قضايا غيرنا إلى مفرخة للإرهاب على حساب قضايانا العادلة.

أيضاً من موازين العقل والمنطق، ومن واقع تعاملنا التاريخي مع السياسة الأمريكية في الوطن العربي، وخاصة القضية الفلسطينية فإن المؤشرات ستقول بأنه ليس حباً بالمسلمين أن يوافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يدعو الرئيس دونالد ترامب إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين الصينيّين ردًا على "الاعتقالات الجماعيّة" بحقّ المسلمين الصينيين الإيغور في إقليم شينجيانغ الصيني؛ لذلك أنا مقتنع تماماً بما ذهبت إليه غالبية المراقبين في أن الإجراء الأمريكي آنف الذكر يعتبر امتداداً للحرب التجارية بين الصين وأمريكا لضرب الأسواق الصينية في الدول العربية وتشويه سمعة العدو التجاري الأول لبلاد العام سام الذي يستهدفه المقامر الأمريكي الأشقر، ترامب، ونحن كعرب لا ينقصنا الدليل على نوايا ترامب السيئة ضد العرب والمسلمين من خلال برنامجه السياسي الانتخابي حينما وعد بمنع هجرة المسلمين إلى أمريكا وتحويل تلك البلاد بالتالي إلى بيئة طاردة لهم، ونعلم بأن الأخير يواجه أزمة قانونية في أمريكا قد تعصف بوجوده.

وفي سياق متصل، كان على رئيسة مجلس النوّاب الأمريكي، الديمقراطيّة نانسي بيلوسي قبل أسابيع أن تقول نفس الشيء عن الشعب الفلسطيني الذي هدرت حقوقه بوحشية من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، قبل التصويت لصالح حقوق الإيغور على اعتبار أن "أعمال بكين الوحشيّة تُشكّل إهانة للضمير الجماعي العالمي" أما الممارسات الإسرائيلية فهي مشفوعة لديهم؛ لأن الدم الفلسطيني من ماء!

لا بل كان بوسع أمريكا أن تتحرك أيضاً في نفس الاتجاه إزاء المجازر البشعة التي ترتكبها الحكومة البورمية ضد مسلمي الروهينقا.. هذا لم يحدث لأن بورما ليست العدو التجاري لأمريكا.

وتتهم منظمات حقوقية بكين بأنها تحتجز ما يصل إلى مليون من المسلمين الإيغور في معسكرات في إقليم شينجيانغ الصيني والذي سبق أن شهد اعتداءات نسبت إلى انفصاليين أو إسلاميين. لكن السلطات الصينية تنفي هذا العدد، وتؤكد أن هذه المعسكرات ليست سوى مراكز للتأهيل المهني لمكافحة التطرف. وكأن الصين تعد بهذا المشروع التنموي التأهيل بإقليم صيني متقدم في كل المجالات بعيداً عن النوايا التخريبية للانفصاليين ومنعاً من تنامي تلك الجماعات في الوسط الجماهيري، مقابل إقليم تعمه الفوضى والإرهاب، يسعى الانفصاليون للسيطرة اليائسة عليه، والذي لن يكون مستقبلاً في أيديهم بأفضل من حال أفغانستان اليوم.

وقد ذكرت السفارة الأمريكية في بكين يوم الأربعاء الموافق 4 ديسمبر 2019، أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتوقع الإجراءات المستقبلية التي من المحتمل أن تتخذها الصين ردا على تمرير مشروع قانون مجلس النواب الأمريكي الذي يفرض عقوبات على كبار المسؤولين الصينيين على خلفية ملف الإيغور في منطقة شينجيانغ بشمال غرب الصين.

وانتقدت بكين في ذات اليوم بشدّة مجلس النواب الأمريكي لتمريره مشروع القانون هذا. وإزاء ذلك عبّرت بكين عن "غضبها الشديد" بعد عملية التصويت في مجلس النواب، داعيةً إيّاه إلى "تصحيح خطئه" وعدم "التدخّل في الشؤون الصينيّة الداخليّة".

وقالت المتحدثة باسم الخارجيّة الصينيّة هوا تشون ينغ آنذاك، إنّ مشروع القانون يُسيء "بشكل تعسفي إلى جهود الصين في القضاء على التطرف ومكافحة الإرهاب" في منطقة شينجيانغ الصينية، وأضافت بأن "الصين سترد وفقًا لتطوّر الوضع"، من دون أن تعطي مزيدًا من التفاصيل.

من هنا يجب أن ندرك خطورة الدور الأمريكي في تحريض الدول العربية وشعوبها ضد الصين في حرب لا ناقة لهم فيها أو بعير، مستغلة ما تقوم به الأخيرة من ممارسات ضد الأقلية المسلمة الصينية في “الإيغور” وكأنها محاولة منها لتسويق الأمر كقضية تحتاج لدعم إسلامي لوجستي كما كان يحدث في أفغانستان التي حولت شبابنا إلى إرهابيين ما زالوا يخربون في الخاصرة السورية والليبية ويهددون الأمان في العالم العربي ويشوهون صورة الإسلام السمحة في أصقاع الأرض. وتسعى أمريكا وعملاؤها لأفغنة إقليم شينجيانغ الصيني، من خلال العبث الإعلامي الذي يتصدره الذباب الإلكتروني المتصهين مثل إطلاق هاشتاغات موجهة ضد الصين، على نحو هاشتاغ:“الصين تقتل المسلمين “ بعد أيام من حديث لاعب الأرسنال مسعود أوزيل عن المسلمين الصينيين في إقليم "الإيغور" والذي حصد فقط 40 ألف تغريدة.. فيما قام نشطاء آخرون جلّهم من الذباب الإلكتروني الخليجي والمصري يطالبون بمقاطعة البضائع الصينية في البلاد العربية بما يتوافق والحرب التجارية الأمريكية مع الصين. هكذا يوظف الإسلام وقضاياه لصالح السياسة الأمريكية في العالم والتي لها ارتدادات عربية سيئة ولو من خلال عاصفة الذباب الإلكتروني الموظفة لصالح السياسات الأمريكية في العالم بذريعة حماية الأقليات الإسلامية بينما يضيق الرئيس الأمريكي ترامب على العرب والمسلمين الخناق في بلاد العم سام وبلادنا العربية.! ويقدم للاحتلال الإسرائيلي دعماً مفتوحا غير آبه بحقوق العباد.. عجبي!

 

بقلم بكر السباتين..

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم