صحيفة المثقف

في أصل وتكوين الأدب

محمد جهاد اسماعيلكثيراً ما نقرأ ونتذوق الأدب، وقليلاً أو نادراً ما نتأمل، ونتساءل، ما هو أصل الأدب وما هي مكوناته ؟. الأدب هو فن إنساني جميل، إذا ما دققنا النظر في بنيته، سنخلص إلى نتيجتين اثنتين: الأولى هي أن الأدب مكوناته خليطة، هجينة، متنوعة، والثانية هي أن مكونات الأدب مستمدة ومستوردة من شتى أنواع المعارف والعلوم.

إذن مكونات الأدب ليست لها هوية أدبية نقية خاصة بها، مثل ما لمكونات الرياضيات مثلاً من هوية رياضية نقية خاصة بها. فالأدب لا ينتج مكوناته ومواد بناءه بنفسه، بل يستوردها من بقية العلوم والمعارف.

إذا ما أخذنا أية فقرة عشوائية من أي نص أدبي - سواء رواية، قصة، قصيدة - وتفحصنا هذه الفقرة كلمة بكلمة وحرف بحرف، فإننا سنجدها تحتوي على مفردات ودلالات سياسية، واقتصادية، وجغرافية، وسيكولوجية، واجتماعية، وتاريخية، وفلسفية، ودينية، وايكولوجية، وانثروبولوجية وغير ذلك.

هذا هو ما نعنيه، عندما نقول إن الأدب يقوم كلياً على إسهامات ومشاركات الغير، وأن البناء الأدبي يستورد كافة لبناته من العلوم والمعارف الأخرى.

عندما نتحدث عن دخول العلوم والمعارف بإسهاماتها في تكوين الأدب والاعمال الأدبية، فنحن نعني بذلك كافة أنواع العلوم والمعارف، سواء أكانت علوم طبيعية، أو إنسانية، أو ماورائيات أو غير ذلك. وللحقيقة فإن العلوم الإنسانية أو الإنسانيات هي الأكثر مساهمة ومشاركة، كون الأدب هو في الأساس نشاط إنساني، وكونه يعنى برصد التجارب الإنسانية وما تنطوي عليه هكذا تجارب، من مشاعر وتصرفات وانفعالات.

لأجل كل هذا الثراء المعرفي، والتعدد المصدري، الذي يتدفق في أساسات وأصول الأدب، نجد الأدب يتبدى لنا كحديقة غناء، تفتحت فيها شتى أنواع الورود، ويتبدى لنا كقوس قزح، ارتسم في السماء ببهاء بعد هطول المطر.

 

محمد جهاد إسماعيل

كاتب من فلسطين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم