صحيفة المثقف

هل تسقط حماس في فخ المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي..

بكر السباتينإذا استسلمت حماس للمشروع السياسي على حساب خيار المقاومة فإنها سوف تسقط في نظر الفلسطينيين ويبقى الأمل معقوداً على الجناح العسكري للحركة "القسام" الذي سيسقط أي خيار سياسي، بالإضافة لحركة الجهاد الإسلامي التي ما زالت تعاند كل خيار سياسي يسعى لتهميش المقاومة وتحويلها إلى بيدق في يد رجال السياسة لصالح الأجندات المتضاربة في الإقليم.

وهذا الكلام لم يأتِ من فراغ، فقد ذكر موقع صحيفة "هآرتس" العبرية، صباح يوم أمس الجمعة، أنّ رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيليّ، الجنرال أفيف كوخافي يضغط على بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة المؤقت من أجل التقدّم في اتفاق التهدئة مع حركة "حماس" في قطاع غزة.. والإسرائيليون يقرون بوجود مفاوضات سرية مع حركة حماس قد تؤدي إلى اتفاقية ما بين الطرفين.

 ولكنني أشك بأن ذلك سينجح ما دامت كتائب عز الدين القسام تمتلك زمام الموقف في غزة وليذهب سماسرة السياسة بعد ذلك إلى الجحيم.

من هنا يحاول تحالف تركيا وقطر تشجيع بيدقهم خالد مشعل للترشح لرئاسة حماس على أن يكون إسماعيل هنية نائباً له، كما جاء في حديث نائب الرئيس ومحلل الشؤون العربيّة في هيئة البث العامة الإسرائيليّة (كان)، شبه الرسمية، نقلاً عن مصادر فلسطينيّة رفيعة في قطاع غزة. وفي تقديري أن هذا التوجه سيجعل الحركة تدور في فلك هذا التحالف غير المستقرة، ولا يخفى على أحد بأن هذا المقترح لو نجح ميدانياً فإن البساط سيسحب من تحت الداعم الأهم لحماس، وأعني هنا إيران التي تمد كلاً من حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة بالمال والخبرات النوعية في مجال تكنلوجيا صناعة الصواريخ، وصنوف الأسلحة وأجهزة الرصد والإرسال.. هذا الدعم اللوجستي الإيراني الذي ساعد المقاومة في تحقيق الردع مع جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك من شأن تدخل التحالف أعلاه في الانتخابات الرئاسية لحركة حماس، وإدخال مشعل وهنية في المعادلة، تهميش كتائب "القسام" الجناح العسكري للحركة لتهيئة الأجواء كي تقبل حماس بالخيارات السياسية المرتبطة بأجندة تحالف تركيا وقطر.. وهذا بالطبع لن يكون سهلاً لوجود ثغرة واسعة بين الجناح العسكري والدائرة السياسية في حماس.

من جهة أخرى، تظل العقبة الكأداء متمثلة بحركة الجهاد الإسلامي التي لا تقبل أي نوع من الهدنة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهي ما زالت على موقفها المقاوم للاحتلال، والتي طورت ترسانتها الصاروخية، متفوقة على حماس أحياناً..  بمساعدة إيرانية؛ لذلك من المحتمل أن تنسق حركة الجهاد الإسلامي مع حزب الله في ضرب الكيان الإسرائيلي في العمق إذا نشبت الحرب في شمال فلسطين المحتلة.. حيث أكّد محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية -رأي اليوم- على أن" مَنْ أطلق الصاروخ في غزة يوم الخميس، خلال الاجتماع الانتخابي في مدينة عسقلان، فضلاً عن رغبته في إحراج نتنياهو بعملية مشابهة لإطلاق النار السابق نحو اجتماع رئيس الوزراء في اسدود في أيلول (سبتمبر) الماضي، كان يعرف عن التقدّم في المفاوضات في التسوية، وكان قلقًا منها، ورغم ذلك، تابع المحلل العسكري، فإنه بعد الرد المتوقع من الجيش الإسرائيلي، فإن الاتصالات بين الطرفين ستتواصل لأن هذه هي إرادة الطرفين في هذه اللحظة". إلى أن قال: "ويعرف رئيس الأركان بأن الحرب القادمة في لبنان لن تكون قصيرة مثلما قدروا قبله، وكذا أيضًا التوقع بالنسبة للمصابين، كما قال نقلاً عن مصادره".

طبعاً إطلاق الصاروخ يحمل في طياته رسالة بأن جبهة القتال مفتوحة مع العدو.. وأن غزة لا تخضع لأي ابتزاز سياسي والكلمة الفصل سيعود إلى من يمتلك القرار العسكري في غرفة العمليات المشتركة في غزة التي تجمع كل فصائل المقاومة. فالإصبع الذي يضغط على الزر الخاطئ ستقطعه المقاومة لأنه خلق ليضغط على الزناد حتى تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في التحرر من نير الاحتلال.

 

بقلم: بكر السباتين

28 ديسمبر 2019

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم