صحيفة المثقف

صورة التعايش المشترك

حسين حسن العنزيما لا يمكن أن يتجاذب بقوة الجاذبية لا يلتقي، وما لا يجتمع عن طريق مقدار كافٍ من القوة ينفصل عن بعضه. أن هذا المبداً البديهي ينطبق على أصغر البنى وأضخمها في عالمنا المادي . أن البحث عن أجابات على أسئلة في غاية السهولة متعلقة بنا شخصياً توضح حدود الموضوعية الناجحة للتفكير التي أسسها علماء النفس: ما نوع تلك القوة التي تقود شخصين الى بعضهما والتي تجمع أسرة أو عشير أو جماعة في مؤسسة أو قرية؟ كيف يمكن قياس تلك القوة ومن أين تأتي؟ هل تنمو هذه القوة من الأحاسيس؟ أم هل هي عبارة عن تصورات ومواقف ينتج عنها قوة جاذبية؟ وهل يمكننا أساساً التعرف على أو قياس ما يربط البشر مع بعضهم.

هل تتوافر داخل جماعة ما ظروف من شأنها ان تقوي أتحاد أعضائها؟ وهل هناك عوامل خارجية أو داخلية من شأنها أن تسهل أو تصعب نشأت تلك الظروف؟ وحيث يتعلق الأمر بنا نحن فلابد من أيجاد أجوبة على تلك الأسئلة بشكل أسهل. من المعروف أن البشر يتقربون من بعضهم بشكل كبير دوماً عندما يكونون في مأزق يهدد وجود كل فرد منهم ولا يمكن التغلب عليه ألا من خلال مجهود مساعد . وحقيقة الأمر أن الشعور بالخوف الذي يتولد لدى الأنسان بسبب وجود أي خطر عام يعتبر شرطاً لتتكون لدى البشر القدرة على مواجهة خوفهم من بعضهم البعض وخوفهم من فقدان حريتهم بشكل مؤقت. وهذا فقط ما يدفعنا نحن البشر بالتوجه والتقرب إلى بعضنا الآخر والبحث عن حل، وذلك أيماناً بما يمتلكه الآخرون من الخبرة التي أكتسبوها في وقت ما من حياتهم . لذا يبدو أن الأنسان يكون أقوى مع الجماعة أكثر ما يكون بمفردة.

لكن يوجد هناك أشخاص يرون أن التقرب من الآخرين لا يُعد حلاً، وذلك كثيراً لما تعرضوا لمواقف تركهم بمفردهم وجرحهم وتسبب لهم الأحباط من قبل الآخرين . لذلك لا يمكنهم تصور طلب المساعدة من الآخرين لمواجهة خطراً ما. لكن مع وجود كل الجراح التي عانوا منها في حياتهم والقناعات التي نتجت عنها ألا انه يوجد هناك معرفة في داخل الأنسان يتم أيقاضها عندما يلاحظ هؤلاء البشر أن الأمور لا تسير على ما يرام بمفردهم. وهكذا يشعر هؤلاء المتوحدون بطريقة ملحة أن هناك شيئاً يربطهم بالآخرين . فكل أنسان لديه أبوين أتيا به الى هذا العالم وأرتبط بهما حتى مماته وغذياه بالأحاسيس المبهم في أختيار الشريك وبنوا له سمات نفسية ثقافية للتواصل مع الأخرين.

 

د. حسين حسن العنزي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم