صحيفة المثقف

الهوية القاتلة عبر مقاربات بإشكال العنف

عامر عبدزيد الوائليما بعد الهويات القاتلة ومدخلية الدين في تشكيل الفضاء الهوياتي المنفتح (2)

مقدمة: لا شكل في ان الاطروحة المركزية هي العنف المعنوي باشكاله المختلفة التي اصبحت الرهان الذي يحتل اهتماماً من البحوث والدراسات ونحن بدورنا سوف نتناولها هذا الرهان ففي هذا البحث الذي يشتمل على اجزاء متفرقة منها الحفر في المفاهيم مثل الهوية وغيرها من المفاهيم المترابطة مع البحث في تجليات العنف الرمزي في الصراع الارهابي والاستيطاني الاسرائلي والعربي والصراع الارهابي والغاية تبدو متباينة بينالمقاربات الثلاثة؛ الا انها تحاول في مجملها مناقشة الراهن من عنف معنوي ديني يحاول توظيف الماضي بكل بعد التيولوجي من اجل الهيمنة على الحاضر بقراءات ايديولوجية تهدف الى فرض قراءتها للماضي على الاخرين .لهذا سوف نتناول ثلاث مقاربات منها هي:

المقاربة الاولى سوف تكون "هوامه الهوية واليات الصراع على الاصول" اذ سوف يتم تناول معنى الهوية بطريقة من خلال الحفر في المفهوم وتجذره تاريخيا وثقافيا عبر ربطه بشكل جدلي مع الصورة الذاتية لمجموعة من الناس، وهم في الغالب التي كانت قد رسمت خطها باتصالها بالمجموعات الاخرى من الشعوب .مما يعني حدوث اشكال متنوعة من: ألاتصال والصراع، والتعايش، وقد تنوعت اشكال البحوث من حيث المنهج والرؤية التي تغلف اشكال البحث، حيث ظهر مجموعة من الدراسات تحاول تجاوز التوصيف الليبرالي عن الهوية الفردية، فأنها ترى ان الفرد يوجد دائما في وضعية اجتماعية وثقافية معينة، ويخضع دائما لتجربة ثقافية تمنح معنى لوجوده، وأن الفرد بقدر ما هو كائن ذاتي يتمتع بقدرات شخصية، فإنه في الوقت نفسه كائن موضوعي ؛ لأنه عضو وعنصر في جماعة معينة تساعده على تشكيل هويته في الوقت نفسه .

لكن اليوم في ظل مابعد الحداثة بات من الضروري العمل على تفكيك تلك الهوامات الاصولية حول الهوية فانها تخلق او تصطنع اشكال من العنف الرمزي عبر مقولات إيديولوجية دوغمائية وذريعة تحاول من خلالها المحافظة على مصالح المهيمنين على الأمور والذين يجدون في الهوية المازومة تعبيرا عن مصالحهم، وامتيازاتهم .

اما المقاربة الثانية التي سوف نتوقف عندها وقد شغلت عالمنا العربي زمنا طويلا وما تزال حاضرة بقوة هي: " الهوية الصهيونية واليات الاختلاق" وهي اول مقاربة تحاول استثمار الموروث الأسطوري في التوراة والتلمود لكن هذه المرة من خلال توظيف الايديولوجيا القومية الغربية التي ارتبطت بحركات الاستعمار الاستيطاني او الكونيالية، من خلال سلسلة من المقولات اسهمت في احياء مقولات متنوعة منها: الوعد بالارض يمكن جعله محايثا عبر التذكر السردي من خلال ربطه بمكان رمزي وبمروي ديني متشدد كتابي توراتي وشفاهي مدون فيما بعد التلمود ثم تاتي الايديولوجيا الصهيونية تعمل على إعادة امتلاك تلك الحقائق وإسباغها على مطالبها غير الشرعية القائمة على تطويب الارض وكانها فارغة لا شعب بها، فهذه الالية الجهنمية تمثل صراع الوجود وفرض السلطة وامتلاك الارض والرأسمال الرمزي وتأميمه.

كل هذه الانحرافات الايديولوجية بحاجه الى سياسة رفض وتعرية وتفكيك، ومن اجل تفعيل رهاننا في المقاومة لكل ما هو عنيف ويحدث إيذاء ويجرح اليات التعايش والاختلاف نحاول ان نجترح قراءة متعدد متسامحة تؤمن بنسبية الحقيقة وتاريخيتها

اما المقاربة الثالثة فهي: صناعة الكراهية وتوظيفها في العراق "الوجود قرين توحدنا ضد الكراهية القائم على توظيف الماضي بكل انتقائية، ويحاول زجه في الحاضر كل هدفه توحيد الاخرين خلفه وخصوصا، وهو يعمل على تفتيت الصف الاجتماعي والعشائري والفكري من اجل صناعة خطاب ايديولوجي تعبوي يعمل على تفتيت المجتمع حتى يصنع منه اتباع من اثنية معينة ويصنع هوية متزمته تقوم على الانتقائية في قراءة الماضي محاولة توظيف كل نقاط الاخلاف مع الاخر، وجمع نقاط الائتلاف مع اصحاب الهوية الاثنية بكل ابعادها الطائفية، لهذا نجده يحتمي بالأخر من الغريب، ولا يحتمي بابن قبيلته ممن يصفه كونه مرتدا ؛ لأنه لا يوافقه الاجتهاد الديني او الايديولوجي الاسلامي لهذا تجد عمليات القتل داخل الهوية الطائفية من اجل اقصاء المختلفين او من اجل صناعة اتباع يتم توظيفهم في الحروب، والأمر اكثر رعبا في التعامل مع الاخر .

كانت هذه المقاربات الثلاث هي ما سوف نقف عنده في تحليلنا في المطالب الثلاثة الاتية:

المقاربة الاولى: هوامه الهوية واليات الصراع على الاصول

في ظل الطفرات غير المحكومة بنسق ثمة مدارات جديدة تبزغ ومعها تظهر موجة من البحث عن الاصول بكل رمزيتها وأنظمتها العلاماتية وهي تحاول اختلاق او تذكر هويات او سرديات لها اصول جديدة تتجاوز ما هو مهمش في واقعها فالاختلاق او التذكر يمضي الى صناعة هوية او هويات المتشددة في واقعنا الاجتماعي والسياسي والعقائدي، مما جعل من مشكلة الهوية اليوم تعد من اعقد المشكلات التي تواجه في العصر الراهن، الكثير من الشعوب والمجتمعات الحديثة ذات الأصول القديمة حقيقية او مختلقة او حتى تلك التي تفتقد الانتماء الحضاري القديم على حد سواء وقد يرد هذا الى اهمية العامل الثقافي بوصفه نسقا مهما من أنساق الخطاب السياسي فالهوية الثقافة هي منظومة أو مجموعة من الأنساق والظواهر الاجتماعية التي تشكل ثوابت في حياة الإنسان.من خلال الاتصال والتبادل تظهر الذاكرة لها سردياتها التي تحيلنا الى اماكن وأزمنة ترتبط بالماضي المستعاد في الروي الاسطوري او النص المقدس او الحوليات التاريخية .لكن يبقى هناك بالمقابل لدى الفرد - وهو يتعامل مع سلطة الجماعة وسرودها في التذكر من اجل استيعابه واستيعاب افراد الجماعة - النسيان والتذكر الحر بتمهيد الطريق للانفلات من الجماعة والبقاء خارجها، وهما آليتان مهمتان في مقاربة ضروب الاختزال .

يمكن تعريف الهوية للجماعة (بأنها الشفرة التي يمكن للفرد عن طريقتها ان يعرف نفسه في علاقته بالجماعة الاجتماعية التي ينتمي إليها، والتي عن طريقها يتعرف عليه الآخرون باعتباره منتميا اليها)(1)

فان البحث التكويني في مفهوم الهوية في الدراسات الغربية يمكن رصد من خلال ولادة مفهوم الهوية: هذا يعود مباشرة من المعنى اللغوي الانجليزي للمفهوم، وهو مشتق من اللاتينية identitatand / أو identitas، وتعني الهوية والتي، بدورها، مستمدة من identidem، والتي تعني' مرارا ' (وهذا يعني حرفيا " نفس ونفس ونفس وهكذا مرارا) . وغني عن القول، يجب أن يكون مفهوما أن معنى " التشابه " في هذا السياق يقترن بمفوم الهوية بدلا من معنى " مماثلة " .

وتتضح دلالة التشابه أيضا في المعنى السوسيولوجي للهوية، الذي يظهر في الهيكلية التقليدية لوظيفية الأنثروبولوجيا . اذ ياتي معنى الهوية بطريقة تفهم على أنها متجذره تاريخيا وثقافيا مع الصورة الذاتية لمجموعة من الناس التي كانت في الغالب قد رسمت خطها باتصالها بالمجموعات الاخرى من الشعوب . ويرتبط هذا المعنى من الهوية بالمفاهيم الأنثروبولوجية الأخرى، مفاهيم مثل (النظرة، والقيمة، روح، وأخيرا وليس آخرا، الثقافة)، والتي تقترح نوعا معينا من التجانس بين أفراد المجتمع، وكان الرأي أن هوية الأفراد يمثل هوية مجموعة ما وثقافتهم . كما ذكر أعلاه، كان من المفترض أن هوية الأفراد تشير إلى هوية المجموعة التي ينتمون إليها، وهو ما يتسق مع النظريات الأنثروبولوجية حول العلاقة بين الشخص والجماعة أو المجتمع والذي يعتبر ان مجموعة من الناس، اذ تشترك في نفس الهوية ذلك، لأنها مشتركة في نفس التاريخ. وعليه يكون المجتمع الذي ينتمون إليه مجتمعا صلبا وغير قابل للتغيير .

النتيجة التي يمكن استخلاصها من هذه الرحلة الوجيزة في الأنثروبولوجية التي تقدم تفسيرات للعلاقة بين الثقافة والشخصية، أو، بين الثقافة والهوية، هي أن تحليل هذه المفاهيم على المستويين الاجتماعي والفردي كانت تشترك في نفس الافتراضات من التشابه والاستقرار. في السنوات الأخيرة، فإن التركيز على التجانس الأنثروبولوجي والديمومة قد سقطت تدريجيا في حالة من الفوضى. لنفس الاسباب، أيضا، فقد كانت مفاهيم الثقافة والهوية تناقش بشكل مكثف، وكذلك العلاقة بين ألاثنين وقد تعرض مفهوم الهوية لانتقادات كثيرة ليس فقط لافتقاره إلى القوة ألتفسيرية ولكن أيضا، للمفارقة، السردية المتعلقة بمفهوم الهوية التي هي من سمات عصر العولمة المعاصرة، اذ لم يكن من الممكن أن تفهم على أنها التعبير عن التجانس الاجتماعي أو تمثيل للحقائق الثابتة.(2)

بالمقابل ظهرت مجموعة من الدراسات تحاول تجاوز التوصيف الليبرالي عن الهوية الفردية، فأنها ترى ان الفرد يوجد دائما في وضعية اجتماعية وثقافية معينة، ويخضع دائما لتجربة ثقافية تمنح معنى لوجوده، وأن الفرد بقدر ما هو كائن ذاتي يتمتع بقدرات شخصيه، فإنه في الوقت نفسه كائن موضوعي ؛ لأنه عضو وعنصر في جماعة معينة تساعده على تشكيل هويته في الوقت نفسه .

يرى تايلر، ان المجتمعات التي تعرف تعددا ثقافيا يصبح فيها الاعتراف حاجة ضرورية وملحةً، وذلك بالنظر إلى العلاقة القائمة ما بين الاعتراف والهوية فالهوية هي شيء أشبه بالإدراك الذي يمتلكه الأفراد حول أنفسهم والمميزات الأساسية التي تحددهم بوصفهم كذلك .(3)

اما على مستوى العالم الثالث فيقدم لنا الباحث الهندي تصوران عن الهوية الاول ايجابي فيما الثاني سلبي اما الاول والذي اكدته الدراسات في مجال الراسمال الاجتماعي فان الهوية المشتركة مع الآخرين في الجماعة الاجتماعية نفسها يمكن أن تجعل الحياة الجميع تسير بشكل أفضل كثيراً في هذه الجماعة، لهذا ينظر الى الشعور بالانتماء إلى جماعة انسانية ما بوصفها احد مصادر الثروة لكن مثلما يمكن ان تكون الهوية مصدرا للثراء والدفء، كما يمكن ان تكون مصدرا للعنف المروع وهذه الصفة الثانية للهوية المتأزمة والذي يمكن ان تكون الهوية (اداة قتل مروعة، وبلا رحمة في حالات كثيرة، يمكن لشعور قوي ومطلق بالانتماء يقتصر على جماعة واحدة، أن يحمل معه إدراكا لمسافة البعد والاختلاف عن الجماعات الأخرى .فالتضامن من الداخلي لجماعة ما يمكن أن يغذي التنافر بينها وبين الجماعات الأخرى)(4)

اما تجليات الهوية في الواقع العربي الذي يعيش تحولات الربيع العربي وما يرتبط به من صراعات تحولت الهوية الى اشكالية تكشف عن المشكلة المتضمنة في العنف والإرهاب فهذه المشكله بحاجه الى تحليل فكري ونقدي من خلال طرح الاسئلة وتحليل النصوص المؤسسة لها وتفكيك الوقائع التي قادة الى تضخم المشكلة وتحولها الى وعي مازوم يهدم التعايش ويحيله الى خراب ويفكك الروابط القارة ويزيلها فالوعي المازوم وليد مهيمنات واطياف تشكل ضاغطاً وارغامات على الوعي من اجل اتخاذ القرارات ؛ فهذه الارغامات تمثل ضاغطاً في تشكل الوعي الثقافي وبنية استجابة ايضا من خلال الردود إيجابا أو سالباً وهذا أمر مرتبط في علاقة الذات بالتراث او بالأخر واللغة الصراعية وما يصاحبها من اطياف التي تتحول الى سلسلة الحضور المنمطة ولما كان ظهور الطيف عابرا ومفاجئا، فأنها لا تحدد الزمن، ليس هذا الزمن، يدخل الشبح، يخرج الشبح، يعود ثانية .

ومن هنا تغدو الهوية الرهان لكونه يمثل أهمية طرح المشكلة الهوية التي اصبحت تعتبر راهنية تكشف عن واقعنا بكل رهاناته والذي نعيشه الان والذي يدفعنا الى ضرورة طرح هذه المشكلة بحثا عن حلول وتفكيك المهيمنات الضاغطة على واقعنا من اجل استعادة الثقة .نجد من الضرورة تفكيك "هوامه الهوية" التي تحولت إلى مقولة إيديولوجية دوغمائية وذريعة من اجل المحافظة على مصالح المهيمنين على الأمور الذين يجدون في الهوية المازومة تعبيرا عن مصالحهم، وامتيازاتهم وهذا الأمر يخلق قصورا معرفيا له إثاره السلبية على النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية .في رهانتي الانقسام المجتمعي على اساس الهويات الفرعية ودور الدولة القائم على كبح جماح الهويات او الاعتراف بها من خلال مقولة التعددية الدينية والاثنية .وبين المواقف الثقافية لدى المثقفين العرب سواء كانوا ليبراليين او قوميين ام ماركسيين فهم جميعا ياخذون موقفا يقوم على نفي الهويات الدينية فالليبراليون(يفهمون انتماء الفرد إلى جمعية مذهبية أو دينية على انه تاكيد لحضور الجماعة وتعميق لمركزيتها على حساب الفرد)(5) لكن رغم تلك المواقف الا اننا نجد ان للثقافة دورا فاعلا لايمكن تحجيمه بالنفي او اصطناع هوية مركزية للدولة تلفيقية ترضي الجماعة الحاكمة لكن هذا لاينفي ان الثقافة تبقى هي عملية تطور المهارات الذهنية والمعنوية سواء ما يتعلق بالفنون والآداب أو ما يتعلق بالمهارات التقنية فهي لابد وان تقوم على الثقة بالذات والانفتاح الحواري ألتعددي صوب الأخر تثاقفا حواريا دون إن يعني بالضرورة تقليدا أو نسخا إنما تبدأ الأمم بالهزيمة عندما تشرع بالتقليد ومحاولات الاستنساخ فالثقافة وتدخل الاستلاب الفكري.بعد كل هذا فالثقافة بنظر" امالينوفسكي" هي جهاز فعال يمكن الإنسان من الانتقال إلى وضع أفضل يواكب المشاكل التي تواجهه في بيئته . وبالتالي الثقافة هي القدرة على التكييف والتطور في مواجهة الإنسان مع الطبيعة ويعرفها "تايلور" هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفن والاخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والمهارات الاخرى التي يكتسبها الانسان من حيث هو عضو في المجتمع أي ان الثقافة هنا هي تجارب اجتماعية تحول الى منظومات سلوكية قيمية وعادات ومعارف ومهارات وهي بالتالي تجارب قابلة للزيادة والتجاوز نحو الافضل لانها تبقى تاريخية ومرتبطة بالبيئة التي ظهرت داخلها استجابة لتلك التحديات وبالتالي هي تأويل وتحويل لعلاقة ألانسان بالله وبالمحيط الطبيعي والاجتماعي.

فالثقافة حسب هذا الفهم هي وعي حضاري وافق التقاء الافاق وانصهارها بين الماضي والحاضر صوب المستقبل وهذا لايتحقق الا بتلك الرؤية التعددية الحوارية التي تتجاوز وهم الهوية وتنفتح باتجاه الاخر سواء كان التراث او الاخر الحداثوي او مابعد الحداثة وهذا التحول الذي اصاب الفكر في منطق الثبات حيث الطبائع الثابتة والمرايا العاكسة الى منطق التحول الذي يجري فيه تهشيم المرايا لاعادة تشكيل الموضوعات وهذا هو شان منطق التفكيك الذي يريد القول غايات الخطاب هو ان نميز ما يقوله أو ما يحاول قوله، وفي هذا يقول علي حرب:

فهويتنا لاتسبقنا وانما هي محصلة الاحداث التي تنسج منها حياتنا وهو حال الفكر الذي يتغير بتغير العالم اذ لايمكن التعاطي مع افكار قديمة تأولت لزمان غير زماننا لهذا نحن بحاجة الى تاويلات جديدة عبر تجاوز الممارسات التي خلفتها الخطابات الاجتماعية والسياسية السابقة التي اثرت على الوعي السياسي الراهن فهناك، لابد من حالة تناسب بين الثقافة والفكر السياسي بوصفه جزءا من كل ثقافي، له سلوكياته ورهانه فالافكار ليست مجرد صور ومرايا بقدر ماهي استراتيجيات معرفية لفهم العالم والتعاطي معه تحويلا وتاويلا وتفكيكا . فالتفكير كما يرى شرابي: يحمل رؤية قادرة على تمكين الذات من اختراق ذاتها لتعمل على تفكيكها وتحليلها .

فالهوية في ابسط تعريف هي ادراك فردي وجمعي وبالتالي فالهوية تستهدف اقامة علاقة حوارية بين الذات الفردية والذوات الاجتماعية والثقافية والكونية، وعلى هذا الاساس تكون الهويه على اساسين:

اما ان تكون وعيا فرديا نقديا يخضعها الى المراجعة المستمرة فتوصف انها "حوارية" او تكون خارج النقد الفردي والمراجعة ومتعالية فهي بهذا التوصيف "صراعية"وبالتالي يشعر الفرد ازاءها بالاستلاب بحق الاخرين ؛ لانها تحتكر انتاج الحقيقة وتفسيرها اذ يوصف الوعي هنا بالزائف له دلالته الخاصة، كما يقول عباس المرشد(فهو يعني سكون الاخر في الذات وتغيب ادراك الذات لنفسها، مما يخلق علائق متنوعة، لكنها ليست مدركة، حيث تمحى الذات وتغيب ادراك الذات لايحضر بصورته الواقعية وإنما عبر تمثلات وسرديات تعلي من شأنه الى درجة عالية جدا)

وهذا الوهم القائم على محو الذات، الذي يتجسد في ذوبان شخصية الفرد داخل الجماعة:

القبيلة التي تركز على علاقة الدم، فان هذا الاعتماد يولد فردا يقوم على العصبية فاقدا للاستقلالية معتمدا في سلوكه على المرجعية خوفا من الخطا وطلبا للامان وهذا السلوك نجده يتناسل داخل الطائفة او الحزب او الجماعة الثقافية اذ يتولد سلوك يعتمد على الإخفاء والكبت للمشاعر الفردية وهذا السلوك قاد بالضرورة الى أخلاقيات الإذعان للسلطة التي بات النظام السياسي ورئيسه هو الرهان الأكبر الذي يكبت المشاعر والاحتياجات والطموحات مما خلق سلوكا سياسيا مرتهنا للفرد يعظمه بشكل مغرر ومعه يقدس المرجعيات الجمعية العرفية ورموزها وانتهاج سلوك من اجل التماس والتظلم والترجي قاد هذا الى تعاظم سلطة المؤسسة على حساب الحقوق الفردية والحريات الشخصية حتى أصبحت الهوامة الأكبر في سلوكه-أي الفرد- الذي يقصي ذاته ويرتهن الى أخلاقيات الإذعان والتقليد والتمثل مما قاد تلك المؤسسات وعلى رأسها المؤسسات السياسية الى الهيمنة والإقصاء للحريات الفردية واستبدت بقدرات الأمور الاجتماعية والسياسية والثقافية عبر سياسة الردع البوليسية والتخوين والتكفير لكل فرد جامح بنظرها يطالب بالتغيير والتجديد والحريات.

ومن هنا نحن بحاجة الى تفعيل دور الادراك والعمل دون تغييبه في احداث التحويل والمغايرة وابدأ النقد وكما يقول هيدجر البداية ليست خلفنا انما هي امامنا . أي لايكفي السير في نفس الطريق ونتصور بداية ما، لكن المسالة تكمن في ان نعرف كيف تكون البداية عندما لا يتمكن نظام ما حل مشكلات يصادفها، فليس عليه الا ان يموت، او، وهنوا يحصل، ان يخلق ميتا، نظام، أي نظام اكثر غنى، اكثر قوة عبر طريقة تحويلية، لهذا السياسة اليوم مشغولة بالتكتيكات والاستراتيجيات من اجل اقتناص السلطة وممارساتها واغلب السياسيين مشغولون بالمسالة القانونية اكثر مما هم مشغولون بالمسالة الشرعية بمعنى ان الخطاب السياسي ليس مشغولا بالمشروعيات المتعالية بل البعد العقلاني اليومي الذي يستجيب لهذا المتغير.

انطلاقا من هذه الرؤية التحويلية التي هي بمثابة اطروحة هذا العمل الذي يتسم بالتنوع المعرفي والايديولوجي الا انه ينشد هدفا مركزيا قوامه رصد الواقع المازوم من خلال مفردة الهوية بوصفها لحظة تحتاج الى الرصد وتحديد طباعها وافكارها والاشكالية وتركيبها التي وردت فيها باعتبار هذه الاشكالية واحدة رغم تنوعها وتشظيها لان هناك الكثير من الروابط المنطقية والمعنوية الرابطة والتي تجعل منها تحتل راهنية ضاغطة على الواقع بكل تجليات ولان تنفع عملية تغيب تلك المشكلة او التعالي عليها او تصديرها الى عبر ادعاء المؤامرة ؛ فهي جزء حاضر في واقعنا تحتاج الى تحليل وكشف الاسباب سواء كانت مسكوت عنها تحول السلطات من مناقشتهاوتفرض عليها التحريم او التعتيم او اللامفكر فيها لكونها خارج المنهجيات الايدولوجية الشمولية التي كانت لاتجد هذه المشكلة ممكنة النظر او الرصد وبالتالي لامفكر بها ضمن تلك الاطر المعرفية والايديولوجية، تاتي هذه المحاولة من اجل المساهمة في تقديم حلول وتخليق عالم اكثر قدرة على المواجهة بما يمتلكه من علمية وموضوعية .

المقاربة الثانية: الهوية الصهيونية واليات الاختلاق

الاطروحة التي نتبناها تقوم على اجتراح دروب امنه للتسامح والتعايش والاعتراف بحق المختلف بالعيش وحقه في الاختلاف والتذكر لهوية وتراث خاص به في ظل فضاء عمومي امن ومتسامح، لان العنف بوصفه الخيار والطرح المرفوض يبقى سلوكا عدوانيا موجها صوب المختلف بقصد إيذاء، قد يكون هذا العنف مادياً او معنوياً / ثقافياً، يكون ماديا فرديا عندما يكون بلا دافع ثقافي بل نوازع عدوانية تدفع الفرد الى إيذاء الاخرين وتبرير هذا يكون بفعل الميل العدواني اتجاه الاخر المختلف، وقد يكون ثقافيا –معنويا عبر التصفية الجسدية والمعنوية، فهذا الدافع يقوم على احتكار المعنى الغيبي وتاميمه ومن ثم التحدث باسمه بوصفه الحق المطلق والمخالف كافر، او فاسق او مهرطق .

ومن ثم الاطروحة التي نحاول الانطلاق منها هي نقد الشمولية التي تدعيها القراءة التوراتية بكل اسطوريتها من خلال مدعياتها في احتكارها للمعنى الحق على حساب من اعتاشت على مؤائدهم وخيراتها وتناصت مع ثقافتهم ونصوصهم ؛ الا انها مارست تهميشهم واقصاءهم واسست تاريخ للنجاة اقصت الاخرين منه، واحتلت مكانا في التاريخ اكبر مما كانت عليه من هامشية، واقصت الحضارات المنتجه، فقد مارست العنف الرمزي بشكل مستفز واورثت هذا العنف وتطويب الارض الى الخطابات التي جاءت بعدها من الاديان والحركات التي مارست احتكار الحقيقة ومن اجل هذا تم شن الحروب وتدمير الشعوب الامنه واخر تجلياتها الفكر الصهيوني والحركات الاصولية في الاديان الثلاثة .

ومن اجل تفعيل رهاننا في المقاومة لكل ماهو عنيف ويحدث إيذاء ويجرح اليات التعايش والاختلاف نحاول ان نجترح قراءة متعددة متسامحة تؤمن بنسبية الحقيقة وتاريخيتها ؛وكما يقول غادامير: "الحاضر لا ينطوي على الأفق الذي انبثق عنه الماضي وإنما على أفق مضمر – يضاف إليه أفق الحاضر ويتحاور معه". فهذا الافق المضمر هو رهان التأويل لدى المثقف الذي يسعى للمغايرة يدرك طبيعة المشهدية التي تتمظهر في السطوح والمرتبطة بالرهانات المتغيرة، لانها مرتبطة بافق تاريخي مختلف عن الماضي بكل رهاناته واشكالياته .

ومن ابرز مشكلات الماضي هو تابيده من قبل القراءاة السلفية الايديولوجية التي توظف الماضي الذي تدعي صلاحيته الى كل زمان ومكان جاعلةً منه خارج افق التاريخي الذي انبثق منه، فهي تدعي انها تتطابق معه عندما تدعي انها تحاول تطبيقه على الحاضر في حين هي تحاول اخضاع الماضي والحاضر الى هيمنته وثراءته البرغماتية التي تغلبها على كل شيء اخر، وهذا ما نجده عنده في الاصوليات التي تدعي تمثيها للماضي في حين هي رهينة الواقع وتحدياته الا انها من اجل الهيمنة على الواقع تحاول تاميم الماضي للتوظيف في الهيمنة على الحاضر .

فالأصولية تاخذ تصور الايديولوجيا بوصفها منظومة التصورات والاعتقادات والنظريات التي تبنى عليها حياة الأفراد والمجتمعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبهذا فان الاصولية عبارة عن تصور ايديولوجي يختلف في معناه عن الدين بمعناه الاساس، وهذه هيمنة الايديولوجيا على العصر الحديث وظهرت منها جملة من الحركات السياسية والدينية، اذ يمكن اقرار امرين:

الاول منهما ان الأصولية نسبة إلى أناس يتمسكون بعيش حياتهم كما عاشها من كان قبلهم، ثم انتقل المعنى ليدل على ممارسة الحياة الدينية، بطريقة تنطبق على طريقة الأوائل.

والامر الاخر ليتحدد الأمر أكثر في الدلالة على المذهب السياسي القائم على النظر الى الدين من زاوية ايديولوجية، وهو بهذا يختلف في دلالته الجديدة عما كان عليه في فهم القدماء بالمقارنة، مع هذا العصر الذي نعيش فيه كما يشير الى هذا المفكر الايراني

لكن باجتماع البعدين الاصولية زائد التصور الايديولوجيا تغدو الاصولية بوصفها منظومة من الافكار يعتنقها فريق من المؤمنين يتشبثون بالأصول والتقليد، وهذا التشبث بالاصول .او مايعرفه بالارثذكسية أي الفهم المتشدد للاصول، وهذا الفهم حديث ظهر في الغرب فهناك اصوليات علمانية واخرى دينية سواء كانت مسيحية ام يهودية ومن ثم اخذت تطلق هذه الكلمة على الحركات المتشابهة في الرؤية والسلوك عالميا ومنها الاصولية الاسلامية وغيرها .

بالمقابل نجد ان التحولات المعاصرة من أبرز ملامحها الاختلاف فهو العتبة يمثل عتبة جديدة تعبِّرعن انفصال بين الحداثة التي اتسمت بتمركزاتها حول مقولات مثل الحقيقة والهوية والموضوعية والتقدم أو الانعتاق الكوني والأُطر الأحادية والسرديات الكبرى أو الأسس النهائية للتفسير، وفي مقابل ذلك ان ما بعد الحداثة يتصف بكونه بعيدًا عن الحتمية والقطعية، ضمن هذه الرؤية يمكن فهم إن الدراسات التاريخيّة الجديدة التي يقترحها"ياوس"اعتماداً على أفكار غادامير –ترى أن الأفق الخاص إذا لم ينظر إليه على أنه محاط دائماً بأفق المؤول فإن فهم النص القديم، على سبيل المثال، من حيث غيريته واختلافه، لا يتم إلا وفق قدرة المؤول على تمييز بين الأفق الآخر وافقه الخاص، إي الانتقال من (ما الذي كان قد قاله النص في السابق؟) إلى السؤال) ماذا يقول لي النص؟وما الذي أقوله أنا بصدد النص؟)(6).

فالقارئ لايدعي التماهي مع المؤلف والمطابقة الكامله معه بل نجد هرمين ريفاتير يؤكد: إن هناك - في الحقيقة - مستويين من القراءة: قراءة تقتصر على فك شفرات النص، وهي قراءة ناقصة، وقراءة حقيقية شبيهة بتأدية العازف للنوتة الموسيقية، فحين يعزف عازف البيانو يفك شفرة العلامة على النوتة ويترجمها إلى عزف في الآن ذاته.(7).

تبدو ان سلطة القارئ تلعب دور اساس من اجل اجتراح افق مستقبلي من خلال القراءة التي تحاول اعادة فهم النص ضمن حدود القارئ ورهاناته .وبهذا نحن نحاول تجاوز التصعيد الذي تفترضه القراءات الايديولوجية التي تتمركز حول معنى مسبق تحاول اسقاطة على النص واستنطاقه .

من الامثله الباركز في مضمار هذا الكتاب الي نخوض فيها بين النص/ التوراة والقراءات المتنوعة التي تريد توظيف التوراة من اجل توظيف المعنى لاسباغ الشرعية المحتل على الارض عبر ادعاء الوعد الذي ترويه السرديات اليهودية والمسيحة من بعدها عن حق اليهود في فلسطين .

ومن ثم يتحول النص الى وسيلة من اجل تعرية الذاكرة المحلية عبر ادعاء ملكية الارض بوعد مفارق اسطوري .

ولعل هناك صراعا على الميراث التوراتي كما جاء في قراءات متنوعة كل منها يحاول انشاء ارشيفه الخاص حول المكان عبر تاثيثه بالاساطير، حاول من قبل كل كتاب التوراة ان يمارسوا الهيمنة على الارض عبر الكتابة وتطويب التراثات المحلية التي كانت شفاهية حاولت التوراة امتلاكها عبر التدوين، ومن بعد التوراة ظهرت قراءات كونيالية وظفت الماضي رغم تاكدها من اسطوريته، الا انها حاولت استثمار ارشيفها العقلاني من اجل تطويب الارض وطرد الناس منها، فانها تعتمد السرد المحبك من قبل الكتاب الكهنة او الايديلوجية القومين الصهاينة، اذ من اهم وظائف السرد تتمثل في بناء وتأسيس الذاكرة الجمعية التي يمارس من خلالها الانسان اعادة بناء الاحداث بهدف خدمة الحاضر عبر تقديم تأويل وتفسيرات لحدث ماضي في خدمة حدث حاضر يمارس عملية توحيد الجماعة حول معنى، يتم خلاله اعادة امتلاك الرأسمال الرمزي للاخرين وتأويله في خدمة الجماعة الجديدة، وعلى هذا يمكن ان نلتمس الوظائف التالية:

وظائف بنائية: ان الراوي يحاول اقامة بناء نص عبر السرد لاحداث متباعدة، يحاول ان يخلق بين هذه الابعاد الكونية علاقة من خلال حدث يقوم به "الله" ويختارمخلص يتم تكليفه بانقاذ شعب هو مختار مفضلا على باقي الشعوب لهذه المهمة فيحاول الراوي بناء صورة كونية من خلال التشخيص والسرد للاحداث التي مرت بغربلة طويلة واضافات حتى تبدو بهذا الشكل بناءً كونيا يتصف باللاهوتية.

وظيفة إبلاغية: فان الراوي من خلال هذه القصة يحاول إبلاغ الناس المحتفين في الكنيس او القراء للتوراة عبر الزمن، يحاول أن يقدم أحداثا كونية حدثت البدايات سواء كان بالطوفان والوعد الكوني بالاخلاص وبالفداء مع ابراهيم الذي قدم ولده فداء ومن ثم الوعد بالارض وتفضيل للشعب على باقي الشعوب فهي بذالك تعتمد الإبلاغ بما سبق وقوعه عند بداية الازمنة، وهذا يحقق أمرين:

الاول ـ انه يحاول أن يؤسس للاختلاف مع الاخرين، ويحد هذا الاختلاف عبر الحكاية التي تريد التأسيس لقداسة العرق اليهودي ودنس باقي العناصر والكنعاني على وجه الخصوص، فهو بهذا يؤشر الى أزمة عنف متبادل بين الطرفين(8) وهذا ما يشير إليه (جان بوتيرو): حزاقيال فموضوعه المفضل هو التركيز على تاريخ شعبه غير الأخلاقي حيث يصور ماضيه بوصفه سلسلة من الخيانات والاهمالات فهو القائل (لقد ازدريت أقداسي ودنست سبوتي ورجال نميمة كانوا فيك لسفك الدم وفيك أكلوا على الجبال وفي ربطك صنعوا الفجور من كشف سوءة أبيه ...(9) . تظهر أيضا على أنها إستراتيجية التحبيك فهي الرغبة الدفينة لدى الانسان في عرض تاريخه وهويته .

 

محور الرغبة ان المحور الذي يمثله بطل الحكاية والذي يتحول الى منقذ ويقسم الناس بين أعداء يعارضون أهدافه ويقفون دون حصولها وبين مساندين لهذه الاعمال والنوايا التي توجهها فبطل القصة التوراتية هنا هو "نوح"رسول العناية الالهية التي كلفته بانقاذ الجنس البشري والكائنات الحية جميعاً من خلال اختياره للازواج منها.(لكل بطل هجرة وانتقال من الطين الى الالوهية من النسبي الى المطلق .انتقال الى ماهو اسمي وانقطاع عن ماض..، كهجرة البطل تجديد للحياة)(10).على أنها إستراتيجية التحبيك فهي الرغبة الدفينة لدى الانسان في عرض تاريخه وهويته، (فالاخر هو من ليس له الاجداد انفسهم ولا الالهة نفسها ولا حتى اللغة نفسها التي لنا)(11) . وتغدو كل تلك الحكايات التي تتخذ من اللغة وسيلة ومن السلطة الدينية شرعية وتوجه رسالة الى الشعب تحرك فيه رغباته وتعمل على اثارتها والعمل على تعزيز الايمان بتلك القصص يمنح السلطة ورجالها الشرعية ويكسبهم سلطة على الناس اذا كانت سلطة المعتقد تعتمد الفاظًا تعبوية قائمة على الابانة الموصلة الى الاقتناع بأمكانية تغيير العالم من السلب الى الايجاب، من التيه الى الدولة، من الشتات الى الكيان، هذا يجعلها ممكنةً عبر الاعتراف الشعبي بتلك الرموز وشرعيتها، فالرموز تتجسد بالاشخاص داخل الفضاء الحماسي الذي يرافق الموقف، وهنا تكمن خطورة تلك القراءات في الاستعادة الاصولية في خلق مخيال اقصائي، كما تتجسد في القراءات الاحيائية الاصولية في الصهيونية والاصوليات الاخرى الدينية، فهي تحاول أن تجعل من الذات اليهودية أن تؤسس الاختلاف عن أعدائها، وتجعلهم خارج مورد الحق، وفي النهاية قتلهم واستباحة دمائهم بوصفهم نسل الخطيئة التي ارتكبها جدهم وهم ورثوها وورثوا الانحراف، واستطاعت التوراة ان تعيد قراءة القديم بعيون اليهود لاسباغ الشرعية على جماعتهم واسقاط الاكراهات على الخصوم وخصوصا كان ذلك عبر الرواية المثيولوجية الا ان القراءات الصهيونية ايديولوجية وليدة افق الحداثة وافق العقلاني العلماني.

فهذه القراءت المتشدده تدعمها اخرى اصولية دينية يهوية ومسيحية تحاول تلك القراءات ان تعبر عن السلطة الرمزية من حيث هي القدرة على الابانة والاقناع، واقرار رؤية العالم اوتحويله وان هذه السلطة لا تعمل عملها؛ الا اذا اعترف بها وهذا يعني ان (السلطة الرمزية لا تتجلى في المنظومات الرمزية في شكل قوة وانما في كونها تتحدد ببنية المجال الذي يؤكد فيها الاعتقاد ويعاد انتاجة أي ما جعل الكلمات لها قوى على حفظ النظام هو الايمان بمشروعية الكلمات وما ينطق بها وهو ايمان ليس في امكان الكلمات ان تنتجه وتولده)(12).هذا الحبك الذي مارسته قديما الاسطورة، تمارسه اليوم الايديولوجيا باطر واساليب عقلية كما في القراءات الصهيونية .

ومن هنا نقول ربما يكون هذا المنهج يسعى الى استثمار الموروث في حياء مقولات متنوعة منها الوعد بالارض يمكن جعله محايثا عبر التذكر السردي من خلال ربطه بمكان رمزي وبمروي ديني متشدد كتابي توراتي وشفاهي مدون فيما بعد التلمود ثم تاتي الايديولوجيا الصهيونية وتعمل على إعادة امتلاك تلك الحقائق وإسباغها على مطالبها غير الشرعية القائمة على تطويب الارض وكانها فارغة لاشعب بها، فهذه الالية الجهنمية تمثل صراع الوجود وفرض السلطة وامتلاك الارض والرأسمال الرمزي وتأميمه.

كل هذه الانحرافات الايديولوجية بحاجة الى سياسة رفض وتعرية وتفكيك وكما يقول علي حرب: " فهويتنا لا تسبقنا وانما هي محصلة الاحداث التي تنسج منها حياتنا وهو حال الفكر الذي يتغير بتغيير العالم اذ لا يمكن التعاطي مع أفكار قديمة تُأولت لزمان غير زماننا لهذا نحن في حاجة الى تأويلات جديدة عبر تجاوز الممارسات التي خلفتها الخطابات الاجتماعية والسياسية السابقة والتي أثَّرت على الوعي السياسي الراهن هناك أي لابد من حالة تناسب بين الثقافة والفكر السياسي بوصفه جزءًا من كل ثقافي له سلوكياته ورهانه فالأفكار ليست صورًا مجردةً ومرايا بقدر ماهي استراتيجيات معرفية لفهم العالم والتعاطي معه تحويلا وتاويلا وتفكيكا ".

فهذا الفهم المتسامح لكنه نقدي متسلح بنسبية وتاريخية الحقائق الشمولية التي تصيبنا بالتيه الذي قادنا الى الاحتراب والذي لاسبيل الا بالمواجهة النقدية التي تسعى إلى الحفاظ على سلامة عقل شعبه عبر الإلحاح على أن الذات موجودة وان سعى ذلك المضطهد إلى انكارها، لكن كل هذا التلفيق الصهيوني وعادة امتلاك الأرض عبر تحويل الخيالي إلى واقع، يسهم هذا في تطويب الأرض، لعل هذه هي ما دفعت ادوارد سعيد الذي دافع عن الحقيقة بوجه التلفيق وهو من قدم تحليلا لمفهوم المثقف اكد أن على المثقف أن يتمسك بمقاييس الحقيقة عند الكشف عن التعاسة الإنسانية والاضطهاد أيا كان مسببهما، بغض النظر عن انتماءاته الحزبية وخلفيته القومية وولاءاته، إذ لا شيء يشوه مواقف المثقف الاجتماعية قدر تشذيب الحقيقة وزخرفتها، والسكوت الحذر عن التصريح بها .(13).

لكن المثقف المنخرط في المؤسسة هو مدافع عنها وعن الايديولوجية الشمولية التي يتم تبنيها كما هو حال من يدافع عن الاحتلال الصهيوني وبتعبير ادوارد سعيد، (لأنهم مرتبطون مع (طبقات اجتماعية) أو مؤسسات تستخدمهم لتنظيم مصالحها أو للحصول على سلطة اكبر أو سيطرة على الأفكار أو الأسواق . (14)، فهكذا مثقف لايصنع تنويرا بل تمثيل و(التمثيل في صياغة وعي اختزالي وملتبس تجاه تلك الوقائع) (15) لكن ايضا هناك اوهام يسقط فيها المثقف العضوي عندما يتصور نفسه وصيا على الناس وهو نمط من المثقفين اذ (يفكر المثقف ويتصرف على أساس أن هناك مقولات صحيحة أو نظريات محققة أو نماذج حضارية تصلح للتطبيق على ساحة العمل السياسي، اوعلى ارض الواقع الاجتماعي أو تصلح للتعميم والانتقال من مجتمع إلى أخر أو من بيئة حضارية إلى أخرى (16). .

مثلما هناك مثقف يقوم بالتضليل الايديولوجي او الوصاية على الناس هناك مثقف يحاول فضح التضليل مثل "جاكلين روز " المثقفة اليهودية التي تحارب التضليل وتفضح الاحتلال وما يقدمه من مفارقات بتوصيفها المفارقة بين شعب يهجر وشعب يستوطن الأرض/يعود بعد الشتات بالقول انه وطن يرغب في أن يعود إليه جميع مواطنيه المنفيين المفترضين يهود الشتات، بقدر من الحماسة يكافئ الحماسة التي طرد بها سكان الأرض السابقون وحال بينهم الحلم بأن تكون لهم دولة.

المقاربة الثالثة: صناعة الكراهية وتوظيفها في العراق انموذجا

الوجود قرين توحدنا ضد الكراهية القائم على توظيف الماضي بكل انتقائية، ويحاول زجه في الحاضر كل هدفه توحيد الاخرين خلفه وخصوصا، وهو يعمل على تفتيت الصف الاجتماعي والعشائري والفكري من اجل صناعة خطاب ايديولوجي تعبوي يعمل على تفتيت المجتمع حتى يصنع منه اتباعا من اثنية معينة ويصنع هوية متزمته تقوم على الانتقائية في قراءة الماضي محاولا توظيف كل نقاط الاخلاف مع الاخر، وجمع نقاط الائتلاف مع اصحاب الهوية الاثنية بكل ابعادها الطائفية، لهذا نجده يحتمي بالآخر من الغريب، ولا يحتمي بابن قبيلته ممن يصفه كونه مرتد لأنه لا يوافقه الاجتهاد الديني او الايديولوجي الاسلامي لهذا تجد عمليات القتل داخل الهوية الطائفية من اجل اقصاء المختلفين معه او من اجل صناعة اتباع يتم توظيفهم في حروبه، والأمر اكثر رعبا في التعامل مع الاخر .

لكن هذه العملية مثلما تصنع اتباعا، وتصنع اعداء ايضا .ومن ثم ما يحدث اليوم من افعال عنيفة تصدم الحس الانساني تكشف المسكوت عنه في هذه الحضارة وما يجب العمل على التفكير به نقديا .اي نحن ازاء تراث مسكوت عنه يجب ان نتوجه اليه بكل علمية من اجل النقد والتأويل عزل ما هو سياسة وتضليل عما هو عقيدة وعزل ما هو بشري عما هو متعال تشريعي رباني .مع مراعاة اسباب النزول وتاريخية القراءات التي يتبقى رهينة تاريخها ولا يمكن التعامل بهاو اطلاقها على كل الازمنة .

فالسكوت على التراث هكذا في المدونات الفقهية من تحليل قتل والإباحة بأكل لحم الاسير والى اخرها من الاحكام التاريخية التي صنعها البشر ضمن ظروف معينه يجب اقامة المؤتمرات من اجل صناعة التوافق والتسامح وصولا الى انتاج مدونه اكثر شرعية في اقترابها من روح الواقع المعاصر بكل منتجاته الحضارية المتقدمة في علوم الانسان والتأويل .

لكن الذي نجده اليوم من قراءات الاسلام السياسي التي حولت التراث الى ايديولوجيا تعبوية تصنع وتجيش العواطف من اجل تدمير الخصوم السياسيين والتفرد بالسلطة فالخطير ان تلك القراءات المتزمته قد تسربت وتحولت مناهج منظمة في التنشئة داخل مؤسسات الدول بالمنطقة في التربية والتعليم والإعلام ومن ثم تم توظيفها من اجل صناعة اسلحة دمار شامل بشرية ملوثة العقول ومهددة بالتلوث المستقبل انطلاقا من الحاضر، خصوصا بعد هذا التزمت الايديولوجي، الذي يترك العدو وهو يشتبك مع الاخ في الدين والعقيدة والوطن .

ما نعيشه اليوم هو ان اهوال توظيف سياسي وإعلامي للماضي، وأحقاده من اجل الهيمنة على الحاضر، ولهذا تجد بعضهم ما عاد يجد كراهة في قتل الانسان وحرقه بل تقام لهذا طقوس عشائرية تحتفي بالعنف الوحشي على اجساد طاهرة من ابناء جيشنا الباسل.

إذ اصبحت اراقة دم العراقي من قبل من يخرج على القانون بإشكال مختلفة ارهابية لا يخشى أي معيار اخلاقي ولا قانوني، بحيث يمارس مسرحة الجريمة بدم بارد وباعتراف الفضاء الطائفي وتشجيعه والذي يحفز الامر ويزيد من توهجه بفعل رأسمال الكراهية والحقن الاعلامي والديني بحيث اصبح الكل في مسرح الجريمة، وتقام الفرحة بالقتل سواء في اقامة الحدود رميا من البنايات الشاهقة ام على الشرطة والجيش من الطائفتين وتعلق الجثامين على الجسور، هذا واقع من التردي الاجتماعي والديني، وأيضا للدولة ومؤسساتها الى حد مريع .

لكن على الجميع ان يدركوا ان صناعة الكراهية وتوظيفها الى اهداف انية الا ان اثارها مثل النفايات النووية تبقى الى ألاف السنين القادمة، والدليل ما نعيشه من اثار ها .

ولا يمكن ان تندمل هذه الافعال بل انها تعمق الشرخ وتجعل من كل بلد من الدول التي تعاني من الشرخ المزمن الذي لا يمكن تلافي اثاره السامة والمهلكة للإنسان والمعطلة للتنمية البشرية والحضارية التي يفترض تعمق التعايش والاعتراف بالمختلف .

فالدم الذي يتم سفكه اليوم سوف يتحول الى اثار رمزية لا يمكن ازالتها او الجدران التي يقيمها بين المتصارعين وأحفادهم، لا يمكن ازالتها تتأصل مع التقادم وتصنع العنف الرمزي.فعلى الجميع ان يدركوا ان المنافع السياسية زائلة، لكن الاثار الدموية باقية وهي محرقة .بعد كل الامثلة التي تناولناها عن الخطابات المتشددة عن الهوية وكيف خلقت حالة من التشذر في عالمنا العربي وصراعه الطويل مع الاخر نجدها سرعان ما تتحول الى صراعات داخلية بين الهويات الفرعية نجد هناك تاويلات متنوعة منها:

سقوط العالم العربي

ثقافة المؤامرة والحروب القذرة

الصراعات الاقليمية التي توظف الدين في اجندتها السياسية

 

هذه جملة من التحليلات التي تحاول البحث عن تعليلات لما يحدث في عالمنا العربي، ونحن في تناولنا الى مفاهيم الهوية حاولنا توصيف جزء من هذه التصورات عندما تهيمن الهويات الجامدة المتشددة في قراءتها للواقع وجدناها في عالمنا متمثلة بالأصولية القومية والدينية والعرقية ولعل الشمولية الاسرائلية كانت احد اهم ملامحها . الا اننا نجد الحروب في المنطقة العربية تزدهر وثقافة الكراهية تتعمق من هنا وجدنا من الضرورة بمكان ان نقف عند بعض التحليلات التي تحاول توصيف ما يحدث .

اولا: سقوط العالم العربي:

يوضح الكاتب حامد عبد الصمد عوامل الضعف في العالم الاسلامي بجمل من العلامات منها:

صناعة الكراهية ازاء الاخر ويتخذ مناهج التربية ومنها مادة التاريخ التي تدرس في اغلب الدول العربية فيحللها: (الجزء الأول من كتاب مادة التاريخ المدرسى يعالج عظمة العرب وما حققوه فى مجالات العلم والفلسفة والطب منذ مئات السنين. أما الجزء الثانى فيعالج الأخطار التى هددت الحضارة الإسلامية من الحروب الصليبية والاستعمار وإسرائيل. العربى فى هذا الكتاب دائماً مسالم وخلوق، فى حين أن الآخر الغربى عدوانى ومتعجرف. فى فصل الحروب الصليبية نقرأ وصفا وكأنه مشهد من فيلم رعب يسرد فيه الكاتب كيف اقتحم الصليبيون المسجد الأقصى وقتلوا فى ساحته سبعين ألف مسلم من رجالٍ ونساءً وأطفالٍ حتى صار الدم في الأقصى للركب، في حين ان مساحة الاقصى وقتها، لا تتسع لأكثر من عشرة آلاف مسلم، وأيضا بغض النظر عن أن جرائم الصليبيين اعترف بها كتاب التاريخ الأوروبى أنفسهم، فإن هذه الطريقة لعرض التاريخ لا تساعد الطلاب على فهم ما حدث؛ بل تحرك بداخلهم مشاعر البغض لم تكن موجودة أيام « الصليبيين » والكراهية).(17)

يشبه سقوط العالم الاسلامي بغرق سفينة تايتانيك اذ يقول: (قبل غرقها لوجدنا تشابهاً " تايتانيك " لو قارنا العالم الإسلامى المعاصر بسفينة كبيرة بينهما. السفينة الإسلامية تقف وحيدة ومكسورة وسط محيط بارد ولا تدرى كيف النجاة. مسافرو الدرجة الثالثة ينامون فى جحورهم ولا يعلمون شيئأ عن المصيبة القادمة. الأغنياء يحاولون الفرار فى قوارب النجاة القليلة ويريدون فى الوقت ذاته أن يربحوا من الكارثة. رجال الدين يكررون نفس الطلاسم والشعارات ويطالبون الناس بالصبر. أما من يسمون أنفسهم بالمصلحين فيذكروننى بالعازفين الذين واصلوا العزف حتى غاصت السفينة فى البحر " تايتانيك " الموسيقى على متن البحر. كانوا يعزفون ويعزفون رغم إدراكهم أن أحداً لا ينصت إليهم على الإطلاق رغم هذا، فان هناك فرقا جوهريا بين السفينتين، فبينما كانت سفينة تايتانيك رمزا للحداثة كبيرة وعملاقة، فإن السفينة الإسلامية قديمة ومهشمة منذ قرون. كانت محملة بما يزيد على طاقتها وتسير بلا بوصلة. ولأنها لم تدر إلى أين تريد أن تذهب، وكان احتكاك بسيط بجبل ثليج اسمه كافيا لتفقد السفينة الإسلامية توازنها. والآن نراها تقف مكسورة تملؤها مياه البحر، ومع ذلك يصر معظم ركابها على أنها لن تغرق لأنهم يرون فى إبحارها أمراً إلهياً.(18)

ويرى ان حال المسلمين اليوم مختلف عما كانوا عليه في الماضي (المسلمون استنفذوا رصيدهم الحضارى والثقافى ويعيشون اليوم على ميراث لم يعد يسمن ولا يغنى من جوع. ولو كان العالم الإسلامى شركة أو مؤسسة لأفلست منذ زمن. وما يحتاجه هذا العالم الإسلامى (....)لعملية جرد يتخلصون بها من حقائب السفر التى تعرقل رحلتهم نحو الحداثة والتطور. يحتاجون إلى التخلص من نظرتهم التمجيدية لذواتهم وحضارتهم وإلى إعادة نظرتهم إلى المرأة ودورها، للتاريخ وأفخاخه، إلى الدين ومحدوديته، إلى المثل الأعلى ومفهوم العدو.) (19)

يبدو ان السقوط هنا هو حادث بفعل غياب وجود نظرة متوازنة تؤمن بالتاريخية التي تجعل من الفكر الاسلامي يستجيب الى التحديات ويغادر حالة العزف الذي وجدناه عند عازفي تاتيانيك وكأنهم لا يدركون الواقع وما فيه من عوائق وما ينتجه هذا التغيب والعماء من تضليل للناس ويجعل اممنا لا تدرك انها تواجه كارثة فهي بحاجة الى فكر نقدي يغادر المقولات الوسيطة ويغادر المناحي الحضارية والبكاء على الماضي المتخيل، فلابد من عقل نهضوي جديد يقدم الحلول في مجال فلسفة الدين والنقد التاريخي والتعددية والعدالة الاجتماعية والتوازن بين المرأة والرجل .

ثانيا: ثقافة المؤامرة والحروب القذرة

هناك مجموعة من الدراسات تبحث في حال واقعنا وما يشهده من مآسٍ كبيرة تركت اثارها عميقة في جسد الامة وروحها وخلقة حالات من العنف ولقتال اخذ طابعا طائفيا وقوميا .

واصحاب هذه الثقافة يجدون ان الامر ليس له مفاعيل داخلية كما وجدنا الامر في المعالجة السابقة بل يرصدون اثار ومفاعيل خارجية تقوم بها دول غربية من اجل تدمير المنطقة وزرع الفوضى الخلاقة ويرصدون هذا الامر انطلاقا من حدث درامي اذ (في مطلع عام 2005، أدلت كونداليزا رايس بحديث أعلنت فيه آنذاك عن نية واشنطن نشر الديمقراطية في العالم العربي والشروع بتشكيل "الشرق الأوسط الكبير"، وذلك عبر نشر "الفوضى الخلاقة".غير أن وزيرة الخارجية الأمريكية رايس غيرت هذا المصطلح إلى "الشرق الأوسط الجديد" أثناء مؤتمرها الصحفي في تل أبيب، في يونيو/ حزيران 2006، حين أعلنت عن رفضها التدخل لإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان آنذاك، واصفة إياها بأنها "آلام المخاض لولادة الشرق الأوسط الجديد"، وقالت "يجب أن نكون على يقين من أننا ندفع نحو شرق أوسط جديد ولن نعود إلى القديم.")(20)

وأصحاب هذا التأويل يرجعون هذا الحدث الى منظومة سياسية متمثلة فيما جاء به فرنسيس فوكوياما 1989في مقالته "نهاية التاريخ" في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، حيث أكد "نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية إلى غير رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وسقوط سور برلين، وانتصار قيم الديمقراطية الغربية"، وأن الليبرالية هي "نقطة النهاية للتطور الإيديولوجي البشري" وأنها "الشكل النهائي للحكومة البشرية"، التي ستملأ الأرض قسطا وعدلا.

وهذا المقال السياسي هو بمثابة البعد المرجعي النظري الذي يعود الى خطاب واسع في الفكر السياسي الامريكي يعود الى شتراوس، لكنه تمظهر في حراك سياسي سمي جماعة "المحافظين الجدد"، الذين أداروا دفة الحكم الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش- الابن من وراء الكواليس ومن دون أن ينتخبهم أحد، فإن غثاثة وتهافت هذه النظرية الراديكالية الكاملين، التي كانت وراء انتشار سيناريوهات "الربيع العربي"، التي تحرص على تنفيذها إدارة الرئيس باراك أوباما، ظهرا واضحين للعِيان بعد مرور عقدين ونيِّف من الزمن على نشرها.(21) ورواد هذه الرؤية التي ترصد وجود يد غربية هي بمثابة المحركه للاحداث بشكل يتفق مع رغبتها بالسيطرة وإنها تمثل شكلا جديدا من الحروب تسمى الجيل الرابع من الحروب يحولك لجندي بجيش عدوك .امر بحاجه الى الكشف عن ابعاده التي تبدو غير ظاهرة لمن يرقب الاحداث بشكل عرضي ولكن قد تكون بمثابة تضخيم يعود بنا الى تلك الرؤية التي تحاول ان ترجع كل الاخطاء الى تأمر الاعداء كما مر علينا في النقطه الاولى من ملامح السقوط، الا اننا نحاول رصد مجموعه من الدراسات تحمل هذا التوصيف الجيل الجديد من الحروب .والتي تؤكد فيه تلك الدراسات:

(أن حروب الجيل الرابع أهم ما فيها الدخول في الحرب دون خسارة أموال وأنفس، وتقوم على خمس أشياء أساسية أولها دعم الارهاب، وإنشاء إرهاب دولي متعدد الجنسيات، واستخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام طرق معنوية ونفسية تدميرية، وأخيراً هدم الرموز واصفاً إياها بأخطر حرب عرفها العالم منذ بداية الوجود ويتم دراستها في المعاهد الاستخباراتية والعسكرية بسبب خطورتها، بالإضافة إلى أن فكرة الجيل الرابع نجحت في ترسيخ فكرة ان المجتمع فاسد.)(22)

يبدو ان الامر يتعلق برصد الاحداث وتحليلها وتوصيف الموجهات وهذا ما أكده فاروق صاحب الكتاب اثناء الحوار اذ اكد ان المغزى الذي يمكن تلمسه من تلك النماذج من الحروب انها (تسعى الى إسقاط النظام والدولة بأعمدتها الخمسة: الجيش والشرطة والحكومة والقضاء والمخابرات.) (23) ويبدو ان الباحث يرصد اقول وزيرة الخارجية ويعول عليها في التعليل بقوله (كما ذكر واقعة كونداليزا رايس عام 2005 عندما خرجت في وسائل الإعلام أول مؤامرة معلنة في التاريخ عندما صرحت أن أمريكا تهدف لعمل فوضى خلاقة في المجتمع العربي لإعادة تكوينه بما يتناسب مع المصالح الأمريكية.) الا اننا في العراق رصدنا كيف مارس الاحتلال الامريكي تدمير مكونات الحكومة العراقية بقيامها بالخطوات الخمسة التي يذكرها المؤلف .

لكن يبدو ان المفهوم ليس عربيا بل هو مفهوم جاء به المفكرون الامريكان أطلق اسم حرب "الجيل الرابع "على الحرب على المنظمات الإرهابية حسب المفهوم الأمريكي التي يكون طرفا الحرب فيها جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة أو عدو أو خلايا خفية منتشرة في أنحاء العالم .واختلف المحللون الاستراتيجيون والعسكريون في تعريف أجيال الحروب(24) وهي حروب معروف تقليدية الا ان " حرب الجيل الرابع" اتفق الخبراء العسكريون بأنها هي حرب أمريكية صرفة طورت من قبل الجيش الأمريكي وعرفوها بـ"الحرب اللامتماثلة" (بالإنجليزية: Asymmetric Warfare) إذ وجد الجيش الأمريكي نفسه يحارب لا دولة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بمعنى أخر محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم وهذه التنظيمات محترفة وتملك إمكانيات كبيرة ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الإقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها أمام الرأي العام الداخلي بحجة إرغامها على الانسحاب من التدخل في مناطق نفوذها ومثال على هذه التنظيمات: القاعدة وغيرها من التنظيمات التي تستخدم فيها وسائل الأعلام الجديد والتقليدي ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة والعمليات الأستخبارية والنفوذ الأمريكي في أي بلد لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات البنتاغون(25) .بمعنى ان المفهوم تم توصيفه من الحالة التي وجدت امريكا فيها نفسها وهي تحارب المنظمات الارهابية .الا ان الدراسات العربية تحاول ان تبين ان هذه الحرب مختلقة او مصطنعة، رغم اني اجد ان الامريكان يحاولون تحليل فكر القاعدة العسكري وتبيان اهدافها وهي موجودة في (كتاب ادارة التوحش) وهذا ما يظهر من تاملنا في تلك المحاضرة التي تعود لها اغلب المرجعيات العربية والتي تتاولها على انها تبيان الى كونها صناعة امريكية . اذ يقدم (ماكس مانوارينج) (26)، في المحاضرة له في آب\ أغسطس 2012. توصيفا لهذه الحرب برصد سماتها العامة وهي:

إنهاك وتآكل إرادة الدولة المستهدَفة ببطء وبثبات من أجل اكتساب النفوذ وإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها في النهاية، والهدف من هذه الحرب ليس تحطيم مؤسسة عسكرية، ولا القضاء على قدرة أمة، بل الهدف هو الإنهاك والتآكل ببطء، لكن بثبات يُرغم العدو على تنفيذ إرادة المعتدي. والقاسم المشترك في كل هذا الجيل هو "زعزعة الاستقرار" أما منفذو هذا المخطط ليس بالضرورة من الرجال، بل يشاركهم غالباً النساء والأطفال.

أن أول ملامح الدولة الفاشلة هو إيجاد أماكن داخل حدود الدولة العدو، لا سيادة لهذه الدولة عليها، عن طريق دعم مجموعات محاربة وعنيفة للسيطرة على هذه الأماكن، وتبدأ بإخراج جزء من الدولة عن السيطرة، فيصبح خارج سيادتها، وذلك باستخدام مجموعات محاربة وعنيفة، بهدف الوصول إلى ما يطلق عليه إقليم غير محكوم، أو بالأحرى إقليم محكوم من قبل قوى أخرى خارج الدولة، وينتهي الأمر إلى تحويل الدولة إلى دولة فاشلة يستطيع أعداؤها التدخل والتحكم فيها .

وختم مانوارينج حديثه بتذكير الحاضرين بمفردتين أساسيتين، هما: الحرب التي هي الإكراه سواء كانت قاتلة أم غير قاتلة، والدولة الفاشلة التي تتم ببطء وثبات، "وإذا فعلت هذا بطريقة جيدة ولمدة كافية (باستخدام مواطني دولة العدو)، فسيسقط عدوك ميتا."(27)

يبدو لي ان العرب فعلا كما قال حامد عبد الصمد يعتمدون اليات صناعة العدو ويسقطون عليه كل نواقصهم وضعفهم وهذه الحرب كمفهوم نجد اغلب الدراسات العربي تقوم بالنظر اليها على انها فكر امريكي في حين هي ستراتيجية اسلامية تكفيرية قدمتها القاعدة وجعلت منها موجهة لافعالها في تعاملها مع العدو .

وهذا المفكر الامريكي يقدم توصيفا لهذه الحرب من خلال تحليله الى خطط العدو دون ان يشير له . اما اذا كان يهدف الى استثمار تلك التقنية فهذا امر اخر , الا اننا نتحدث عن عدو من شكل جديد هو ارهاب عابر للحدود يتم تغذيته عبر الراسمال المعنوي الاسلامي والاحباط الاجتماعي والاستبداد السياسي والديني الاسلامي والمال والطموح المذهبي في المنطقة .

فهذه البنود التي ذكرها المفكر الامريكي هي ذاتها في ادارة التوحش وممكن العودة الى الكتاب وتبيان الاستراتيجية المعتمدة فهي متطابقة.

ثالثا: الصراعات الاقليمية التي توظف الدين في اجندتها السياسية

هنا عامل ثالث يمكن ان نتأمل فيه عن صناعة العنف الرمزي او الكراهية التي نشهدها في المنطقة، فهناك توصيف عن الصراعات الاقليمية والتي تحاول كل منها ان تكون الدولة المهيمنة وبالتالي نحن ازاء اشكال متنوعة من الخطابات التي تسلحت بها الدول الاقليمية من اجل ان يكون لها مكانه في الاقليم ولها مصالح ستراتيجية يبدو ان هناك دولتين لهما خطاب اسلامي محافظ يحاول تصديره وبالتالي يكون مسوغا الى حماية مصالحهما في الاقليم .

وهاتان الدولتان هما ايران والسعودية فهناك قواسم مشتركه بينهما كبيرة

يرى الكاتب الألماني شتيفان بوخن أنَّ رجال دين من أمثال السنّي يوسف القرضاوي أو الشيعي آية الله أحمد جنّتي يمثـِّلون البغض الطائفي ويفرغون الإسلام الراهن من العقل. حرب المذاهب من شأنها أنْ تغيِّر وجه المنطقة على نحوٍ مدمر(28)

صراع النفوذ

امتدت مناطق صراع النفوذ بين إيران والسعودية لتشمل حدود البلدين القريبة والبعيدة، فقد سعت السعودية، وبالتعاون مع باكستان، إلى الحد من المد الإيراني في الشرق الأدنى، فقدمت لباكستان دعماً لوجستياً كبيراً، وقدمت السعودية المال والرجال عبر دعم الجهاديين العرب والأفغان في أفغانستان في وجه احتلال الاتحاد السوفييتي الذي تحالفت معه إيران بعد سقوط الشاه، فعززت إيران في تلك المدة دعمها للجماعات الشيعية المقاتلة في أفغانستان منعاً لوجود جمهورية إسلامية سنية على حدودها في أفغانستان، واستمرت السعودية وإيران بدعم المتحاربين الأفغان لسنوات طويلة.

- حرب الناقلات

في عام 1982 بدأت ما سميت بحرب الناقلات ضمن مجريات الحرب الإيرانية العراقية، فقد سعى العراق إلى ضرب ناقلات النفط الإيرانية؛ لإجبارها على وقف إطلاق النار، ما دفع إيران للرد على مهاجمة سفنها.

وقامت القوى الجوية العراقية بغارات على جزيرة خرج الإيرانية في عام 1984 التي يصدر منها نحو 1.6 مليون برميل نفط يومياً، كما قامت الطائرات العراقية بضرب 7 سفن بالقرب من خرج، وكرد فعل إيراني هاجمت طهران ناقلة نفط سعودية وناقلة نفط كويتية قرب البحرين، مما دفع السعودية للقيام بتسيير دوريات جوية وحددت منطقة اعتراض جوي، تلا ذلك اشتباك جوي سعودي إيراني، وأسقطت السعودية طائرة إيرانية فوق الخليج بعد أن اخترقت الطائرات الإيرانية الأجواء السعودية.

وبعد يومين من الحادثة فُجِّرت قُنبلة في مبنى السفارة السعودية في بيروت، وهو ما اعتبر رد فعل إيراني على إسقاط الطائرة من قبل السعودية.(29)

الصراع بالنيابة /العراق كان العراق قد ناب عن السعودية في مواجهة ايران ولكن بعد نهاية الحرب (لقد شاركت إيران والسعودية على التوالي في إضعاف العراق: الأولي عبر حرب السنوات العشر، والثانية في مرحلة ما بعد غزو نظام صدام حسين للكويت. وأصبح العراق الآن مقسَّما طائفيا وجغرافيا بين هاتين الدولتين. وقد لا يبدو التقسيم الجغرافي واضحا وفق حدود أو ملكيات لأراضي محددة، ولكن التقسيم الطائفي هو الذي يمكنه أن يمثل ويؤكد على شكل من أشكال التقسيم الجغرافي الذي قد يتحدد في يوم من الأيام وفق ظروف وشروط خاضعة للوقت وتوازن القوى الإقليمية والدولية.)(30)

وقد استثمرت السعودية الصراع الايراني الامريكي في تغذية صراعها مع ايران عبر فرض الحصار بفعل مشروعها النووي الا ان الامر تغير بعد الاتفاق الايراني – مع دول 5 +1، وجدت السعودية نفسها في مواجه مفتوحه في: اليمن، وسوريا، والبحرين، والعراق. لهذا اخذت تبحث عن حليف وقد وجدته في مصر بعد خيبتها في باكستان التي جنبت نفسها الصراع مع ايران اذ يعلل البعد هذا التحالف بالعوامل الثلاث الاتية:

الأول، تخلّي واشنطن عن دعمها في مواجهة إيران.

الثاني، تغيّر موازين القوى الدولية، بحيث لم تعُد الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي بالسفور الذي كانت عليه قبل سنوات قليلة مضت.

الثالث، تراجع أسعار النفط دوليا، وما صاحب ذلك من تراجع نسبي لمداخيل السعودية ومن ضعف نسبي لقدرتها على شراء رضى شعبها والتأثير في خيارات القوى الإقليمية والدولية.(31)

لكن يبدو ان المواجهة بين القوتين الاقليميتين تقودان المنطقة الى حرب مذاهب وتستثيران الموروث الصراعي بين الطرفين وهذا يولد كراهية مقيته داخل البلدان التي تعيش هذا الصدع الاثني الداخلي ويصل الامر الى خلق فوضى كبيرة في المنطقة تقود الى حروب وتغير سكاني وعزل طائفي يهدد منطقة الشرق الاوسط بصراعات طائفية تغوص عميقا عبر الجرائم التي حدثت او تحدث على يد الارهاب الدولي والفوضى الخلاقة التي يسعى الاعداء الى زرعها بالمنطقة، وتجعل التشكيلات الارهابية تحقق مراميها بتدمير البلدان القائمة وتجزئتها .

وسوف يخلق تحالفات اقليمية ودولية فقد يدفع هذا التوتر إيران إلى تنسيق أكثر مع روسيا لمزيد من التعقيد في المشهد السوري، حيث يدعم البلدان الرئيس بشار الأسد بمواجهة المعارضة المدعومة من دول عدة بينها السعودية حيث هذه المعارضة تظهر معارضتها الى الحكومة السورية وتحوز الدعم الخليجي السعودي التركي والغربي، الا ان هذه الاجنحة العسكرية تمثل حركات رادكالية متصارعة على المناطق متحركة باجندات اقليمية سوف تطبق سياستها في تجزئة الدولة السورية واضعافها وتعمق الكراهية الدينية والمذهبية وتمثل خطرا اقليمي .سوف يمتد الى المنطقة كما امتد الى اليمن والعراق، والسعودية التي اشتبكت في الملف اليمني سوف يجعلها الصراع مع ايران إلى "استنزاف للسعودية، لا سيما مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي ينعكس سلبيا على إيران أيضا.(32)

بعد استعراض الاحداث بين البلدين ايران والسعودية وقد وصلت حلقة الصراع الى قمتها بعد احداث الحج واعدام الناشط السعودي، وما تبعه من احداث السفارة السعودية في طهران . كل هذه الاحداث ممكن ان نجعلها في بعدين:

الاول سياسي إذ إن البلدين ينزعان الى طموح اقليمي بعد ضعف العراق، ومصر تدهور موقفها من دولة لها مكانتها الى دولة تابعه الى النفوذ السعودي، فالدول تحاول استثمار العامل المعنوي من اجل اسباغ الشرعية على الصراع .

العامل الاخر اثنيا / طائفي إذ يحاول الطرفان استثمار الصراع المعنوي الطائفي من اجل اخراج الامر من صراع سياسي الى صراع طائفي كوني من اجل تجييش العواطف والتاريخ بكل رمزيته.

العراق وقع منذ البداية في الوسط بين الدولتين وهو مازال متصدعا بين النفوذين معا .

 

د. عامر عبد زيد الوائلي

................................

(1) - رشاد عبد الله الشامي، اشكالية اليهودة في اسرائيل، عالم المعرفة الكويت 1997.

(2) - Toon van Meijl , CULTURE AND IDENTITY IN ANTHROPOLOGY: REFLECTIONS ON‘UNITY’ AND ‘UNCERTAINTY’ IN THE DIALOGICAL SELF, International Journal for Dialogical Science Copyright 2008by Toon van Meijl,Fall, 2008. Vol. 3, No. 1, 165-190

(3) - الزواوي بغوره، الهوية وسياسة الاعتراف شارل تايلر انموذجا، م/ الموقف للبحوث والدراسات في المجتمع والتاريخ، ع /9، 2014، ص 196.

(4) - أمارتيا صن، الهوية والعنف، ترجمة: سحر توفيق، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 2008.

(5) - نادر كاظم، خارج الجماعة، مؤسسة الأيام لنشر، المنامه، ص11.

(6) قراءة الثوابت في قصيدة النثر، هرمان ريفاتير، ترجمة: سيد عبد الله، م/نزوى.

(7) ادوارد سعيد، فرويد وغير الأوربيين، المرجع نفسه، ص29.

(8) جان بوتيرو، ولاد اله، ت: جهاد الهواش، دار الأمة، ط1، (بيرون، 1999) ض 114.

(9) مرسيا الياد، أسطورة العدد الأيدي، ص 30.

(10) فراس السواح، مغامرة العقل الأولى، ص 135.

(11) كارم محمود عزيز، أساطير التوراة الكبرى / ص 228.

(12) كارم محمود، أساطير التوراة الكبرى، ص 231 .

(13) ادوارد سعيد، وتمثلات المثقف، ص 99. وانظر: ادوارد سعيد، التمثيل الثقافي وسياسات الهوية، تقديم: منيرة الفاضل، مجلة البحرين الثقافية، العدد 28، أيلول 2001، ص 63 0 65 .

(14) عبد الهادي عبد الرحمن، سحر الرمز، دار حوار للنشر، دمشق، ط1، 1994، 40 ص.

(15) انظر أفاق عربية، العدد 9 – 10، السنة 2002، ص 87.

(16) علي حرب، " أوهام النخبة أو نقد المثقفين، ص 48.

(17) حامد عبد الصمد، سقوط العالم الاسلامي، دار ميريت، (د.ت)، ص7.طبعا الكتاب منشور على شكل pdf، على الانترنيت وصفحات الكتاب غير مرقمة .

(18) نفس المصدر، ص10.

(19) نفس المصدر 12-13.

(20) حبيب فوعاني، احتضار "الفوضى الخلاقة" على أبواب دمشق، موقع روسيا اليوم، تاريخ النشر: 07.10.2015 | 17: 51 GMT |

(21) المرجع نفسه .

(22) ياسر الغبيري، (نبيل فاروق: الجيل الرابع من الحروب يحولك لجندي بجيش عدوك)، حوار تم خلال استضافت قاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة كتاب "حروب الجيل الرابع - حين تصبح أنت جيش عدوك"، بحضور كاتبه نبيل فاروق، وأدار المناقشة الكاتبة نشوى الحوفيجريدة: بوابة العرب .

(23) نفس المصدر .

(24) فبعضهم من يعرفها بـ: 1- حرب الجيل الأول: هي الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين، الخبير العسكري والكاتب الأمريكي ويليام ليند يعرفها أنها حروب الحقبة من 1648 حتى 1860 حيث عرفت بالحروب التقليدية (بالإنجليزية: Conventional War) بين جيوش نظامية وأرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دول في حرب ومواجهة مباشرة .2- حرب الجيل الثاني: يعرفها البعض بحرب العصابات (بالإنجليزية: Guerilla War) والتي كانت تدور في دول أمريكا اللاتينية، الخبير الأمريكي ويليام ليند يعرفها بالحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية ولكن تم استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة .3- حرب الجيل الثالث: يعرفه البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية (بالإنجليزية: Preventive War) كالحرب على العراق مثلاً، ويعرفها الخبير الأمريكي ويليام ليند ويوصفها بأنها طوُرَت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وسميت بحرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضاً الحرب وراء خطوط العدو .

(25) الموسوعة الحرة .

(26) الأستاذ الباحث في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية، الذي خدم في المخابرات العسكرية الأمريكية وفي قيادة الجيش الأمريكي، أسرار هذا الجيل الرابع من الحروب .

(27) الجيل الرابع من الحروب بين التنظير والتطبيق العملى فى دول العالم العربى، نشرت بواسطة: المركز الديمقراطى العربى في قسم الدراسات العسكرية ., قسم الدراسات والعلاقات الدولية, مشاريع بحثية 0 2,670 .

(28) http: //www.dw.com/ar/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-

(29) السعودية وإيران.. تاريخ حافل بالصراع ينتهي بقطع العلاقات، http: //alkhaleejonline.net/articles/1427384804140019700/

(30) الصراع الإيراني – السعودي بالوكالة وتقسيم دول المنطقة، تاريخ النشر: 21.04.2016 | 09: 04 GMT |https: //arabic.rt.com/news

(31) المرجع نفسه .

(32) انظر: ما هي تداعيات تطور الصراع السعودي الإيراني على المنطقة؟http: //www.france24.com/ar/20160103

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم