صحيفة المثقف

قرار البرلمان المتسرع سيفتح الباب للعودة الى الماضي البغيض

جمعة عبد اللهقرار انهاء الوجود قوات التحالف الدولي، متسرع ومتعجل ومتشنج، لم يدرس بشكل جيد بعين بصيرة في التعامل الدولي. وتناول القضايا الحساسة تمس مصير الوطن مباشرة، يجب ان تكون قراراته تبحث بدقة وروية تأخذ في نظر الاعتبار مصالح الوطن، خالية من الانفعال والتشنج، وليس قرارات تفرض بالتهديد وتغليب طرف ضد طرف اخر، بل تصدر بالتوافق الذي يخدم مصالح الوطن، ويعمق مكانة الوطن في علاقته مع المجتمع الدولي، وان يحترم الاصول الديموقراطية واحترام الرأي المعارض. وان تكون قراراته تسهم في توثيق العلاقة مع مكونات الوطن واللحمة الوطنية، وتتخذ القرارات بالحكمة السياسية التي تخدم مصالح العراق، ولكن قرار البرلمان في جلسته المثيرة للجدل، جاءت من طرف واحد (الطرف الشيعي أو من الاحزاب الشيعية)، وغياب الطرفين من المكونات الرئيسية (السني والكوردي) فصوت على القرار بطريقة لا تحترم التوافق الوطني . ودون حساب العواقب الوخيمة المترتبة على تداعيات انهاء الوجود العسكري بهذه الطريقة اللاشرعية واللا قانونية، ولا يمكن ان تنفذه حكومة تصريف اعمال مثل هكذا قرار مصيري، لكنه جاء ضمن الصراع السياسي الدائر لصالح ايران بعد حادث الاغتيال. وهو يمثل الاحتكار غير مدروس في اتخاذ القرارات والخيارات المصيرية وتداعياتها . ان انهاء الوجود الاجنبي، طلب لابد منه، ولكن بطريقة قانونية وشرعية. وليس تمييز بين اجنبي واجنبي آخر. يعني (الانسحاب الامريكي وبقاء الوجود والنفوذ الايراني في العراق). ان الوجود العسكري الامريكي جاء بطلب من الحكومات العراقية المتعاقبة. في اتفاقيات ودعوات . مثلاً اتفاقية عام 2008 في زمن حكومة المالكي، وجددت عام 2011 . وفي عهد حكومة العبادي في عام 2014، طلب مساعدة امريكا للمساعدة في محاربة تنظيم داعش الارهابي. لذا فأن وجود الامريكي شرعي بطلب من الحكومات العراقية، والخروج ايضاً يكون شرعي وقانوني باحترام وتوافق، وقد شاركت قوات التحالف الدولي في محاربة داعش وتحقق الانتصار بعد ذلك. لذلك جاء قرار انهاء الامريكي غير ودي ومتشنج ومنفعل، اذ تم بطريقة عدائية بالتشنج، تجاوز الاطر القانونية. لذلك قابله بالتشنج والعداء المقابل من (ترامب) حين قال (سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثيلها من قبل مطلقاً، ستكون عقوبات ايران بجوارها شيء صغير) لذلك لم يدرس البرلمان . وانما فرض بالقوة من طرف واحد (الشيعي) بالضد من الطرف السني والكوردي) . وهو يمثل جهل سياسي بالعواقب الخطيرة المحتملة . ومنها:

1 - احتمال قوياً بعودة تنظيم داعش، ويملك خلايا نائمة فيحركها بأستغلال الفراغ الامني والعسكري .

2 - رفع الحماية الامريكية للاموال العراقية، باعتباره الحامي والضامن، وهناك اكثر من مئة الف دعوة ضد العراق تطالبه بالتعويضات المالية تقدر بحوالي 300 مليار دولار، وسيرفع الجانب الامريكي يده كحامي والضامن .

3 - عودة التناحر والاحتقان الطائفي، وقد بدأت خيوطه بفرض ارادة طرف على الاطراف الاخرى في الجلسة البرلمان المثيرة التي قاطعها الطرف (السني والكوردي) والخوف ان تستغل المليشيات الطائفية في زيادة الاحتقان والتوتر .

4 - انفقت امريكا مبالغ طائلة في بناء قواعد وتكاليف حربية انفقتها، لذلك تطالب بهذه التكاليف وتقدر بالمليارات الدولارية .

5 - الطغمة السياسية الحاكمة والفاسدة، التي نهبت اموال العراق، هي المستفيدة الوحيدة من الحالة الجديدة، بينما غالبية الساحقة من افراد الشعب، سيتجرعون مرارة الحياة القاسية بالتقشف الاقتصادي الجائر .

6 - ان التعامل بهذا الشكل مع قوات التحالف الدولي، فأن الكثير من الدول ستعيد حساباتها مع العراق، وتتجنب تقديم العون المالي والاقتصادي والعسكري .

7 - انخفاض قيمة الدينار العراقي، وبدأت اول ملامحه في هبوط قيمة الدينار العراقي مع العملات الاجنبية، وستتدهور قيمته اكثر واكثر .

8 - تنعدم فرص العمل وزيادة البطالة ورفع نسبة الفقر، لشحة اموال الدولة نتيجة العقوبات الاقتصادية التي ستفرض على العراق، ونتيجة دفعه تعويضات مالية ضخمة .

9 - شحة اكثر في الخدمات العامة الهشة . وغياب الاصلاح والبناء واقامة المشاريع لعدم وجود اموال بحوزة الدولة

10 - عودة ايام الحصار الدولي، كما حدث في الماضي البغيض . وارتفاع غلاء المعيشة .

11 - ستتعرض رواتب الموظفين والعاملين والمتقاعدين الى تخفيض كبير جداً، لسد عجز ميزانية الدولة، بدفع رواتب للموظفين والعاملين والمتقاعدين يقدرون بحوالي 7 مليون مواطن .

هذه الزعرنة الصبيانية في اتخاذ قرار منفعل ومتشنج وغير مدروس . والذي سيؤدي حتماً الى هلاك الاحزاب الشيعية، قبل هلاك الشعب، لان الشرفاء والغيارى الوطن، سيتداركون هذا المنزلق الخطير وانقاذ الشعب من الازمة الخطيرة، وبزوال الاحزاب الشيعية. هذا المخرج الوحيد لتجنب هلاك الشعب والوطن

 

جمعة عبدالله

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم