صحيفة المثقف

أغاية الدين أن تحرموا البهجة والحبور وحبّ الحياة؟

حميد طولستكنت قررت أن لا أخوض في الجدال الذي تطلع علينا به مواقع التواصل الاجتماعي مع بداية كل سنة، حول جواز الإحتفال برؤوس السنة من عدمه، لكن التعاطى المستفز - لواحد من أولئك الذين يعممون ذواتهم وخصوصيات نمط عيشهم وقناعاتهم الشخصية على الناس، ويفرضون عليهم أن يكونوا نسخا مطابقة لهم، على اعتبار أنهم الأصل- مع الموضوع بمنطق تقريعالمغاربة على احتفالهم برأس السنة الأمازيغية، وتحريمه عليهم معايدة بعضهم بها، وتبادل التهاني والمباركات بمناسبتها، التي لا تخرج عن كونها لقاءات عائلية منزهة عن المجون واحتساء الخمور، ولا يُستمتع فيها إلا بالكسكس و"تاكلا وثيغريفين" وغيرها من أطايب الأطعمة و ملذات المخبوزات المغربية، التي لا تنفي صفة الإيمان عن متناوليها، ولا تدخلهم في زمرة اليهود والنصارى ومن اتبع ملتهم المنزلة من السماء، تماما كما هو حال المولد النبوي وعاشوراء وغيرهما من الأعياد التي لا يحكمها إلا طابع البهجة المشتقة من فلسفة وجمالية مظاهر الاحتفال بأناير وحاكوزة، التي يرتاح المغاربة إلى ما تشيعه عوالمها في نفوسهم من الأمل والبهجة والحبور وحبّ الحياة والجمال بكل إيقاعاتها الشاعرية الرقيقة المؤثر، التي تنزعج منها أرواح الجماعات الظلامية الشريرة التي تعتبرها إثما عظيما وجريمة تنقبض بسببها أمزجتهم المريضة، لمجرد رؤيتهم حالة انشراح وجوه الناس، بدعوى التشبه بـ"الكافرين" في الملبس والسلوك والعادات، والاحتفال بأعيادهم ومناسباتهم وتهنئتهم بها، والذي تركب عليه الجماعات المتطرفة لتبرير نزعة الكراهية وعدم التعايش والقبول بالآخر والعنف، وجعلها قاعدة أساسية لإستهداف خلق الله، ليس غير المسلمين فقط، بل وتطال كل من خالف من المسلمين، تفسيراتهم الشخصانية الطائفية للمفاهيم الفقهية البدوية الموغلة في التعصب والعنصرية، التي تعمل على طمس هويات المغاربة المحلية، وإجهاض كل مناسبات الفرح وطقوسه الاحتفالية الإنسانية، التي تشيع المحبة والسلام والإخاء بين الناس والشعوب والقبائل التي تمارسه بحب وشغف، واجتثاته عن جذوره، وسلخه عن انتماءاته التاريخية، التي لا تخالف جوهر الإسلام المبني على السلام والتعايش والتعاون وليس على الكراهية والتباغض، مصداقا لقول تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.."

وضدا في أعداء الفرح، الذين أبتلي المغاربة بمدهم المقيت والمتجاوز بحكم عامل الوقت ومستحدثات الأمور، و في ظل مناخات التغيير الذي تعرفه كل أنظمة الرعب التي تحظر الاحتفال والفرح وتحاربة الحبّ والجمال، الذي هو بالأصل عنوان الإنسان والإنسانية، أهنيء نفسي والمغاربة قاطبة بـ أسگاس أماينو 2970، وأطئنهم على أن القادم سيكون أفضل، وأننا سنحتفل بالسنة الأمازيغية كعيد وطني رسمي معترف بأنه "غير متعارضة مع الإسلام"، كما حدث مع أعياد "النيروز" الشبيهة بأعياد رأس السنة الأمازيغية بالمغرب وشمال إفريقيا، التي تجرعه الشعب الإيراني الظلم والذل والهوان على يد أصحاب العمائم بعد ثورة الخميني عام 1979، لتشبث الشعب الإيراني الفارسي بلغتهم الفارسية وتقاليد أعيادهم العريقة التي كانوا يحتفلون بها منذ آلاف السنين، إلى أن سطع نور العدل المبين بعد طول ليل بهيم.

أسگاس أمگاز ودامت لكم الأفراح والمسرات وسنة أمازيغية 2970 و كل عام و أنتم بخير.

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم