صحيفة المثقف

مراحل تطور الحياة الفكرية عند سيد قطب

بدر الدين شيخ رشيدمرّ سيد قطب من الناحية الفكرية بمراحل مختلفة، إلا أنه يمكن إجمالها بمرحلتين:

الأولي: مرحلة يغلب عليها الطابع الأدبي، ومرحلة يغلب عليها الطابع الإسلامي، فالمرحلة الأولى كان فكره يميل إلى الليبرالية، حيث كان سيد قطب في تلك المرحلة تلميذا للعقاد، وكان يتردد على طه حسين، فحمل لواء المعارضة على الأستاذ الكبير مصطفى الرافعي وكان هجوه عليه عنيفا، حتى أن الرافعي لم ينج منه حتى بعد موته، فقد نقد الرافعي إثر موته نقدا لا ذعا، فقام علي الطنطاوي يدافع عن الرافعي فقابله سيد قطب برد عنيف[1].

كما انتقد أيضا، في كتابه: «نقد مستقبل الثقافة في مصر» طه حسين، حيث عرض فيه رأيه في كتاب «مستقبل الثقافة في مصر» لطه حسين، الذي أثار ضجة حينئذ وذلك بدعوته إلى الأخذ بحضارة الغرب حلوها ومرها وشرها، وأبرز سيد قطب في نقده لهذا الكتاب المغالطات التي أوردها طه حسين في هذا الشأن بصورة واضحة لا لبس فيها، كما قدم في مجال النقد أيضا في كتابه:«النقد الأدبي أصوله ومناهجه»[2].

الثانية: المرحلة التي يغلب فيها الطابع الإسلامي الأصولي فهي تنقسم إلى قسمين، حسب رؤية الدكتور صبري محمد خليل: قسم يغلب عليه الطابع الاجتماعي، ويتسم بالاعتدال، ومن مؤلفاته في هذه المرحلة: «العدالة الاجتماعية»، «الإسلام والسلام العالمى» ،«معركة الإسلام والرأسمالية»، وقسم يغلب عليه الطابع السياسي والحركي، ويتسم بالتشدد، ومن أهم مؤلفاته فى هذه المرحله كتاب:«معالم في الطريق»[3]، إلا أن الشيخ حسين بن محمود أضاف المرحلة الأولى ذات الطابع الأدبي إلى مرحلة التيه والضياع الفكري، وكانت من سنة الدراسة الثانوية (1925م) إلى سنة (1940م)،حيث كان هذا الضياع الفكري نتيجة لانتشار الثقافة الغربية وتمكنها من جيل تلك الحقبة، ولكن سيداً القروي الأصيل لم يسقط في الجانب السلوكي، وإنما كان هذا التيه فكرياً بحتاً[4].

علاوة على ذلك، فسيد قطب له جوانب متعددة طبقاً لمراحل حياته، كما قال الدكتور حسن حنفي، فهو الشاعر الرومانسي في العشرينيات (1925م-1945م)، وكاتب: «قصص الأطفال»، وهو الناقد الأدبي في الأربعينيات (1945م- 1950م)، في كتاب:«النقد الأدبي أصوله ومناهجه»، و«التصوير الفني في القرآن»، و«مشاهد القيامة في القرآن»، وهو المفكر الإسلامي في الخمسينيات (1954م-1950م)، ابتداء من «العدالة الاجتماعية في الإسلام» ( 1949م)، و«معركة الإسلام والرأسمالية» (1950م)، و«السلام العالمي والإسلام» (1951م)، و«المستقبل لهذا الدين» 1953م)، و«في ظلال القرآن» على مدى عشرين عاماً، والمرحلة السياسية (1954م- 1965م)، ومن أسوأ ما كتب فيها «معالم على الطريق» الذي كتبه وهو في السجن تحت آلام التعذيب الذي يكفّر فيه المجتمع ويقسّمه إلى إسلام وجاهلية، ونور وظلام، وإله وطاغوت، وإيمان وكفر، ولا حوار بين الحق والباطل إلا أن يقضي الحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق:( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)[5].

 

د. بدر الدين شيخ رشيد إبراهيم

....................................

[1] - عبد الله عزام، عملاق الفكر الإسلامي، الشهيد سيد قطب، مركز شهيد عزام الإعلامي، بيشاور، باكستان، ط1/(بدون تاريخ الطبع )، ص8.

[2] - محمد عبد القادر المزي الجهاد عند سيد قطب،: تحرير مشروع أم إرهاب مذموم، بحث مقدم لنيل درجة الماجستير، جامعة الكيب الغربي، جبوب إفريقيا،(2007-2008)، ص133.

[3] - د. صبري محمد، خليل، سيد قطب،: قراءة منهجية لأفكاره، (تاريخ النشر، 16-4- 2012م)، أنظر الرابط:

http://drsabrikhalil.wordpress.com/2012/04/16/

[4] - حسين محمود، مراحل التطور الفكري في حياة سيد قطب، دار الجبهة للنشر والتوزيع، ط/1429،ص 11

[5] - د. حسن حنفي، الشاعر الرومانسي، سيد قطب، رابطة الأدباء،(بدون تاريخ النشر)، أنظر الرابط:

http://www.odabasham.net/show.php?sid=41274

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم