صحيفة المثقف

الصراع الفكري عند الإمام الخميني

بدر الدين شيخ رشيدالإمام الخميني نشأ نشأة أصولية في الفكر الشيعة المبنيّ على الاجتهاد، بحيث سلك المنهج المتبع في الحوزات العلمية عند الشيعة، حتى وصل إلى مرتبة الإجتهاد ، ومن ثم استطاع عبر سنوات طويلة من الصراع الفكري والسياسي أن يدعم ويقوي إتجاهات أكثر ثورية داخل الفكر الشيعي[1]

خاض الإمام الخميني صراعا فكريا مع الليبراليين ورجال الدين سوءا أكانوا من رجال الدين الشيعة، أو من أهل السنة، وخاصة الإتجاه الوهابيّ، فكتابه « كشف الأسرار » [2] يعتبر جزءا من صراعه الفكري؛ إذ هو دفاع عن عقيدة الإمامّية، كما أنه دفاع عن شمولية الإسلام دينا وسياسة، فالكتاب هو- أصلا- رد على كتاب:« أسرار ألف عام» للكاتب الليبرالي علي أكبر حكمي زاده،  الذي يدعو إلى الإحياء والتجديد الديني مرورا بالدعوة إلى الإصلاح وإعادة النظر في العقائد والأعمال الدينية وخاصة عقائد الشيعة، كما دعا إلى العصرنة والعقلانية والانفتاح على الغرب و التحرر من قيود الشريعة والتقاليد الدينية اجمالا، إضافة إلى ذلك، إنتفد علماء الدين وأتباعهم من المتديين الذين يدعون إلى العودة إلى الإسلام وتحكيم الشريعة في المجتمع، باعتبارها الحل الناجح والصالح لكل زمان ومكان.

كما ساند الكتاب الإتجاه التغريبي الذي قاده الملك رضا شاه البهلوي، منذ بدايات حكمه في العقود الأولى من القرن العشرين، حيث قام بجملة من الإصلاحات والتغيير ترافقت بحملة عصرنة وتغريب واسعة في البلاد تأثَّر فيها بأفكار وتوجُّهات  مصطفى أتاتورك التي أعجب بها أثناء زيارته لتركيا في بدايات حكمه، لاسيما فكرة نزع الحجاب، ولبس القبعات الغربية، ونزع العمائم وخلع اللباس الديني التقليدي، كما قام بمصادرة جميع الأوقاف الإسلامية في البلاد، وسعى إلى فتح أبواب الحداثة الغربية على إيران في كل المجالات السياسية والجامعية والثقافية والإعلامية مشجِّعاً الفساد والتحرُّر من قيود الدين، وقام بإحياء أمجاد الفرس القدماء وإضعاف الإتجاه الديني الإسلامي في إيران،  وبعد عزله ونفيه، واصل ابنه الملك محمد رضا شاه البهلوي السير بنحو سياساته التغريبية ذاتها بشيء من الحذر مراعاةً لتنامي الشعور الديني في البلاد وقوّة الحركة العلمائية الإسلامية السياسية الصاعدة فيها[3].

فناقش الإمام  الخمينيّ  على  رد كتاب:« أسرار ألف عام» للكاتب الليبرالي علي أكبر حكمي زاده في خمس مقالات، من كتابه "كشف الأسرار" حيث  أجاب فيها عن  الأسئلة التي وجهها صاحب كتاب:« أسرار ألف عام»، فتضمنت جوابه حول: التوحيد، والإمامة، ودور والعالم، والحكومة، والقانون، والحديث،حيث فنّد شبهات صاحب »أسرار ألف عام»، وبالتالي بيّن جدارة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان[4].

من جانب آخر دخل الإمام الخميني صراعا فكريا مع رجال الدين في الحوزات العلمية  عند الشيعة، وهذا الصراع يدور حول تباطئ علماء الحوزات العلمية في المشروع السياسيّ الإسلامي، مما يساند دور الاستعمار في العالم الإسلامي ويضعف دور المسلمين، يقول في رد هؤلاء «قبل كل شيئ احسموا وضع هؤلاء المتقدسين فإن وجود هؤلاء بمثابة تقييد لكم من الداخل مع هجوم العدو من الخارج»[5].

 

د. بدر الدين شيخ رشيد إبراهيم:

..........................

[1]  أهم الكتب التي أثر في فكر الأمة في القرنين التاسع عشر والعشرين إشراف  أ. د. عبد الحميد أحمد أبو سليمان  وآخرون، ص ،202.

[2] كشف الأسرار هو كتاب محتوياته سياسية ، عقائدية واجتماعية، الّفه المرجع الشيعي روح الله الموسوي الخميني عام 1944م في اوائل الاربعينيات - أي بعد عامين من عزل رضا شاه من السلطة - باللغة الفارسية ، رداً على كتاب أسرار ألف عام تأليف علي أكبر حكمي زاده. أنطر الرابط:

https://ar.wikipedia.org/wiki/ كشف الاسرار

[3] - علي أكبر حكمي زاده، ، أسرار ألف عام، ( تاريخ النشر،  23 -7-2009م)، أنظر الراط:                                                     http://edharalhaq.com/vb/showthread.php?t=4888     [4] - آية الله الخميني،  كشف الأسرار،(PDF)، الترجمة الصحيحة غير المحرفة،) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص11.

[5] -  آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية،(PDF)، (بدون تاريخ الطبع والناشر)،ص120.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم