صحيفة المثقف

حلّقت "عنان" كعنقاء

سردار محمد سعيدغادرتني قبل انبلاج الصباح، والماء في العينين يترقرق، ولم تودعني ونأت كعنقاء برغم جناحها المكسور. طارت واختفت كشعاع نجمة تائهة .تعرّت فلاحت في الظلام كبرق يومض .تركتني رفيق الحزن والهم، فليتني كنت وإياها لرأيت الفرات يجري .

جارتي البرونزية اللون، ذات الجلد المتأكسد

تدثر الغربة بالوحدة القاتلة .

سارقة حرارة الشمس، واهبة السمرة، مثيرة الشهوة، باعثة الخطايا .

بحر الجمال فيها لا يهدأ ولا يستقر، ربما يركن لمرور السمك، لكن البلابل لا تكف عن الشدو.

تؤذن بانتحار فحول الشعراء، وتهاوي رخيم القصائد من رفوف الوراقين، وموت الرحيق حين يسجن المطر.

هربت عنان

صافحت الأم الفناء، قاسم الأب فرجة الحاجبين، فوق صمت الجبين المسجى، أن سيغرز الخنجر العطش في دن النجيع.

لا تتركيني عنان وحيداًكرمثة في محيط يتقاذفها موج، فقد رطوبته وعاد صلداً كالحقيقة .

تركت العصافير مناقيرها على البيادر، ويوسف فرح بالسنابل السبع، وغرب النورالأبواب المغلقة، فمن ذا يضم جسد زليخا، وكيف يتدفأ من في ظلمة الرحم، ومن يسكب الماء الجليدي على جمر الغصون .

يهرب الثدي من فمي، يتمرد الخصر على تشابك الياسمين .

يامجرتي

كُتب عليك الدوران، نهايات الكون مهجورة، فلا تكوني فراشة عمياء ، تعشق الهباء، تتبع الأوتارالهزيلة .

جمد الوريد فعودي للأمام، حلّقي فوق السماء الثامنة، يستعطف بسمتك الانام، يتضرعون إليك قعوداًوقياماً، فلك من أصحاب اليمين السلام

أخبريني هل بقي لديك جناح، وتركت لي ما لم يستباح

قولي لم يمسس شفتي رضاب، ولا شجرة كللتني .

انا مرآة سال زئبقها، رمتني نسوة المدينة بما لا يقال، بمراودة الخيال، فأسدلتُ الستارة، تركت لهن الخبز الحلال، وعناق حبات المطر، والمن والسلوى والتفاح والعسل، والنشوة العنيفة تدلى من القاع إلى ألأضلاع، أعاصير الثلج والوجع اللذيذ، والرذاذ وخطيئة الشلالات، يصاحبها عواء الذئاب، وصهيل الخيول المطهمة، ونغمات موسيقى، وماء ورد يرفث في حرم الجهاد.

سواء كنت في أقصى البلاد، أو ببغداد، ترفعين بيدعلم العراق، وتمسحين بالأخرى الدم المراق، ولي زهرة ألم جذرها في تربة الشام، خصيبة بالأوهام، فارتشفي دمع الفرات فالحب الممزق سيصدح، بشهي فم .

ما جدوى الندم، حين ألقوك في التابوت ، خشع اليم، خجل الأشن الأخضروالطحلب تلعثم .

ذلك الماء لا ريب فيه، مستتربالضوء الداكن والشعاع الدامس، خنسوا جميعا ًفي طرف من الستارالعظيم.

***

سردار محمد سعيد

نقيب العشاق - أربيل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم