صحيفة المثقف

جدلية ولاية الفقيه بين الإطلاق ووالتقييد

بدر الدين شيخ رشيدتنبني جدلية ولاية الفقيه بين الإطلا ق والتقيد، هل ولاية الفقيه ولاية طولية  أم ولاية عرضية؟ ومعنى طولية هي ولاية مسلسلة تمتد  من الله مرورا بالنبي ثم الي الائمة الاثني عشر ثم الي الفقيه  المسوفي الشروط.

أما مفهوم ولاية الفقيه العرضرية فهي ولاية  شوروية بين الفقهاء فيما بينهم بنسبة للحكومة بناء على إنتهاء عصر الائمة.

فمناقشة إشكال حول  ولاية  الفقيه هل مطلقة أم مقيدة بالشوري،  تجد أن أكثر علماء الشيعة الذين جاءوا بعد أحمد النراقي أكدوا على تحديد ولاية الفقيه ما عدا الخميني ، وحسن نصر الله، والإمام علي الخامنئي، وعددا آخرين من رجال الدين، وينبغي أن نشير إلى أن أكثر علماء الشيعة بعد الخميني، والمعاصرين يعتقدون بالولاية المقيّدة.

فعبد الخالق حسين وهو كاتب عراقي أشار إشكالية سلطة الفقيه بين الإطلاق والتقييد في مقال له:«نظرية حكم ولاية الفقيه»، فبيّن أن معظم علماء الشيعة عارضوا فكرة ولاية الفقيه المطلقة ومن بينهم نائبه آية الله حسين علي منتظري(ت:2009م) الذي من المفترض أن يخلفه عن الإمام الخميني، لكنه، عند ما عارض تلك الفكرة عزله الخميني، وبالتالي  عيّن علي الخامنئى المرشد الحالي، والذي لم يصل إلى درجه آية الله 1.

ولهذا، يرى الدكتور مصطفى اللباد انتهاء نظرية ولاية الفقيه بموت الخميني ، معلا ذلك حصول الانفصال بين السلطة السياسية والمرجعية؛ لأن من شرط المرجعية أن يكون المرجع من  أعلم الناس وأفضلهم،كشرط من شروط الإمامة عند الشيعة، إلا أنه لما مات الخميني  عدّل هذا الشرط  ليلائم درجة علي الخامنئي العلمية، والتي لم تصل إلى درجة الاجتهاد، مع العلم بوجود مراجع أرفع منه في المرتبة الدينية، وهكذا ،تم الفصل بين مقام المرشد ومقام المرجعية الدينيّة في عام (1989م)، وبهذا، انتهت نظرية ولاية الفقيه، بحيث لم تعد قائمة بالشكل التى كانت عليه في عصر الإمام الخميني2 .

فإذا طرحنا مثلا عيّنة من عينات حجج  الفريقين حول جدلية ولاية الفقيه بين الإطلاق والتقييد، نجد  أن الذين  يرون إطلاق الولاية يستدلون بالعقل وبعض الروايات  من أئمة الشيعة، ومن جهة أخرى، فالذين يرون تقييدها أيضا يستدلون بأن الولاية المطلقة ثابتة لله ولرسوله وللأئمة، أما الفقهاء، فلا تثبت لهم، وذلك لعدم العصمة لهم.

فالشيخ عبد المنعم المهنا وهو من العلماء الذين يرون الولاية المطلقة، ناقش بها في كتابه:« الدولة الإسلامية بحث في ولاية الفقيه»، وأكد ولاية الفقيه المطلقة، مستدلا بذلك من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، ومن أهم ما أستدل به هو القياس وهو مبني على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمارس شؤون القضاء لكونه حاكما لا لكونه معصوما، بناء على هذا، فالفقيه يشترك مع الرسول صلى الله عليه وسلم  في تلك  الخصلة، وعلى هذا الأساس، فكل فقيه مجتهد له ولاية مطلقة مثل ولاية الرسول صلى  الله عليه وسلم3 .

ويبدو لي أن الولاية المقيدة أنسب لنظرية السياسية في ولاية الفقيه  عند الشيعة، وذلك؛ لأن شرط العصمة في الإمام هو أهم شرط فارقت الشيعة عن أهل السنة في شروط الإمام؛ لأنه لو لم يقيد سلطة الفقيه  يمكن  أن تتحول  سلطته إلى استبدادية، مثل السلطات الاستبدادية الأخرى. وقد أفاد هذه النقطة  المحقق   محمد حسين النائيني في كتابه: «تنبيه الأمة وتنزيه الملة»، حيث سوى بين  الاستبداد الدينيّ  وغيره، مشيرا  إلى أن كلا منهما غاصب في حق الأمة وفي حق الله، و من ثم طرح المحقق محمد حسين النائيني تقييد سلطة الحاكم بوسيلتين: الأولى: وضع الدستور المفصل للسلطات. الثانية: تكوين هيئة المراقبة للاشراف على الدستور 4.

 

د. بدر الدين شيخ رشيد إبراهيم

..........................

- عبد الخالق حسين، نظرية  حكم ولاية الفقيه ( الحوار الممتد، العدد: 3238 ، تاريخ النشر،  6  -1-2011م)،  أنظر الرابط:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=240811

- د. مصطفي  اللباد، حدائق الأحزان، إيران وولاية الفقيه، دار الشروق، القاهرة، مصر، (بدون تاريخ الطبع)، ص200.

- الشيخ عبد المنعم المهنا، الدولة الإسلامية بحوث في ولاية الفقيه،  (PDF)،(بدون تاريخ الطبع والناشر)،ص10.

- المحقق محمد حسين النائيني، تنبيه الأمة وتنزيه الملة،(PDF) (بدون تاريخ الطبع والناشر)،ص19.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم