صحيفة المثقف

قراءة في لوحتي: لؤلؤة البوح على صدر عشتار

بكر السباتينفي خبايا الروح يختبئ السؤال.. كمحارة تسأل التائهين في اليباب، وفي جوفها ينتفض البوح في وجه الغناء المتصاعد من بين تكوينات اللوحة وأطياف الضوء المغموسة بهموم الإنسان كي توضح الظلال معنى قوس قزح.. أسئلة تتصاعد من بين تكوينات الوجود منذ الانفجار الكوني الكبير حتى لحظة اللقاء مع قوس الدهشة الملون، وهو يسند كقنطرة كونية سقف السماء؛ كي لا تنهار الأحلام.. فتنشر ظلها المهموس على رقعة قماش توثق للقاء المتلقي مع المجهول.. مع بوح المحارة بخبايا الروح.. هي دموع يحاصرها الشفق بألوان الحياة فيلمع على بحيرة الحزن وميض كوني أرسله قمر يأبى الأفول، وتتأمل أعماقه الداكنة طيور السنونو كي تحصد الحكايات وترويها للجدات والزهزر.. فتنتشر الأسرار بين العذارى كأنه أريج شقائق النعمان وهي تحاور جذلى النسائم وتنتفض في وجه الرياح.. فتبوح العورات بما يواري سوأة الصمت فيشتعل النهار ويعيد لزهرة النور عطرها المسلوب.

كأن اللوحةَ تعبر عن انفجار كوني للحقيقة، فتأخذ قوةُ السؤالِ التكويناتِ والكتلِ إلى أبعد من مدى الدهشة، فتترنح العقول في غيبوبة التأمل والسفر في مجاهيل الحيرة؛ كي يتنسم زعترها المورق في قلب الفنان، فيحتسى القهوة مع السنونو وهو يقلب محارة السندباد، كأنه عرافة تمتلك أسرار عناة الكنعانية وهي تحرض سنابل بعلٍ على المطر.. فيشرق قمحها بالأمل المزروع في ابتسامات عذارى الحي وفتيانه.. فتخرج من فم العرافة أسرار ريح كونية عتقها الترحال.. ولونتها عيون الدهشة بأحلام الرعاة.. وكأن السندباد ما عاد بحاراً، بل عاشقاً يهذي باسم حبيبته عَبْرَ بوادي الحنين ووديان الشوق ليلتقط من يباب الهجر صدفة اللقاء مع روحها الملوعة بحبه الكوني..

سأخرج قليلاً من سكرة البوح، وقد أترعت بنبيذ هذا العالم المسكون بالدهشة، متوغلاً أكثر في غيبوبة السؤال منقباً عن كهرمانة الروح المتحجرة في صخور تكحلت بنظرات الاستهجان، وقد سال عليها لعاب الديناصورات في الأزمان البائدة.. أقتفي أثر عشتار التي راوغتها آلهة العشق "عناة" بسمرتها الكنعانية.. لتحظى بقمح إله المطر"بعل" وهو يلوح بيد الغيم لعطايا السماء من قمح ومطر.

1308 سباتين

 بقلم بكر السباتين

21 يناير 2020

......................

* لوحة زيتية سريالية رسمت عام 2016، للروائي والتشكيلي بكر السباتين على القماش بعنوان:" لؤلؤة البوح على صدر عشتار " قياس (طول 120سم، عرض 100 سم) محفوظة في صالونه الخاص.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم