صحيفة المثقف

مصر تخسر ثرواتها بينما تكسب تل بيب الراحلة بما عليها

بكر السباتين"منتدى غاز شرق المتوسط" هل هو البنية الأولى لصفقة القرن! وأسئلة أخرى..

بعد احتدام أزمة الغاز في شرق المتوسط ورغبة في إشراك الكيان الإسرائيلي في تحالف إقليمي ضد تركيا وإيران، انعقد في القاهرة في الرابع عشر من يناير الماضي اجتماع لوزراء البترول للدول المصدرة والمستوردة والعابرة للغاز في شرق المتوسط، أي مصر وفلسطين والأردن وقبرص والكيان الإسرائيلي واليونان وإيطاليا، بهدف تأكيد التزام هذه الدول بتعزيز التعاون وبدء حوار منهجي منظم حول سياسات المنطقة المتعلقة بالغاز الطبيعي، بما يؤدي إلى تنمية سوق الغاز الإقليمي.. من خلال تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط" ليتخذ من القاهرة مقراً كونه المتربع على أكبر حقل شرق أوسطي للغاز المصري المنهوب "ظهر".

ولم توجه مصر دعوة لكل من تركيا وإيران بينما وجهت لما يسمى ب "إسرائيل" لتكون عضواً مؤسساً ومن الطبيعي أن هذا الكيان سيحظى بأعظم الفائدة المادية والمعنوية.

أما تركيا فسبب حجب الدعوة عنها يعود لخلافات أنقرة مع كل من قبرص واليونان ومصر فيما يتعلق باتفاقية تركيا مع حكومة الوفاق الليبية وتقاسم الحدود البحرية الإقليمية بين البلدين. أما إيران فكونها في نظر منظومة الدول المشاركة تطمح لتصدير الغاز من الساحل الشرقي للبحر الأبيض. ناهيك عن علاقتها المتأزمة مع دول الخليج بشأن ملفي العراق وسوريا، وبالنسبة للكيان الإسرائيلي فمرده دعم إيران للمقاومة جنوب لبنان وفي غزة.. وهذا المنتدى يشكل نواة اقتصادية لمستقبل صفقة القرن كأول تحالف إقليمي للطاقة يجمع دولاً عربية مع تل أبيب.

بالطبع الكيان الإسرائيلي سيكون الرابح الأكبر في هذا المنتدى على العكس من مصر التي ستخسر كثيراً؛ وذلك على.. النحو التالي:

أولاً: القاعدة المعتمدة في هذا التعاون هي أن الغاز المتوفر للتصدير عند كل دولة ضئيل نسبياً بعد تزويد الأسواق المحلية مثلما هو حال الكيان الإسرائيلي، كما هناك ضرورة للمشاركة في التصدير نظرا إلى الكلف العالية لمشاريع التصدير من قبل تلك الدول اعتماداً على حقولها الغازية، ولإخراج الكيان الإسرائيلي من مأزقه، تجري المحاولات لربط الحقول الصغيرة في مصر وقبرص والكيان الإسرائيلي بحقل "ظهر" المصري، وهو حقل كبير ومهيأ للتصدير، وسيعزز موقف الحقول الأخرى تسويقياً ومنها الإسرائيلي؛ لتصبح قادرة على التصدير.. أي أن العملية ذرائعية لإدخال شركاء إقليميين في الغاز المصري وخاصة الكيان الإسرائيلي المستهدف من هذه العملية.

ثانياً: تنازل مصر عن موقفها الاستراتيجي الآمن في مجال الغاز، لإنجاح مشروع التصدير الإقليمي المشترك من خلال حقل "ظهر" المصري القوي، الذي سيسمح للكيان الإسرائيلي بالتصدير من خلاله وفق اتفاقية "منتدى غاز الشرق الأوسط" بينما تسمح مصر باختراق أمنها في الطاقة من خلال قرارها باستيراد الغاز من الكيان الإسرائيلي بأغلى الأسعار وتوفير فائض غاز "ظهر" المصري للتصدير الإقليمي المشترك، ما سيجعل خسارة مصر كبيرة. ولقيت هذه السياسة الغازية تشجيعا من الولايات المتحدة لما توفره من فرصة لتغلغل الغاز الإسرائيلي إلى القطاع البترولي المصري.

ثالثاً: التصرف بالغاز الفلسطيني المسروق من حقل "غزة مارين" في بحر غزة، من خلال تحويله مستقبلاً إلى الضفة الغربية بعد ترتيب الموقف السياسي الصعب جداً بين تل أبيب وقطاع غزة.. خصوصاً محطة كهرباء جنين التي هي قيد التشييد.. وبدون تشييد شبكة أنابيب جديدة، وذلك عبر شبكة الغاز الإسرائيلية التي تمتد من حدود غزة إلى حدود الضفة الغربية، أو من خلال تشييد رابط قصير مع خط "إيلات- العريش"، ومن ثم نقل غاز "غزة مارين" المسروق شرقا إلى العقبة عبر خط أنبوب الغاز العربي في سيناء ومن ثم إلى الأردن حيث يمكن تشييد خط قصير إلى محطة كهرباء جنين في الضفة الغربية. وهذه البنود قيد النقاش بين الشركاء وربما تم التوقيع على بعضها..

هذا تسلل إسرائيلي عبر مندى غاز شرق المتوسط" كقاعدة انطلاق لصفقة القرن بمباركة أمريكية، صحيح أن صفقة القرن موجهة ضد إيران إلا أن المنتدى الذي وجد لربط تل أبيب بالمنطقة هو موجه أيضاً لضرب مصالح كل من إيران وتركيا.. وفي المحصلة فهي كارثة على القضية الفلسطينية وضربة موجعة للاقتصاد المصري، وستكون ارتداداتها هي الأسوأ عل مصر والحقوق الفلسطينية المنتهكة من القريب والبعيد.

 

بقلم بكر السباتين..

23 يناير 2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم