صحيفة المثقف

الخلودُ الذي ننتظره.. هو الموت

عاطف الدرابسةقلتُ لها:

 

لا أملكُ تأشيرةَ دخولٍ إلى عينيكِ

فأنا ممنوعٌ من السّفرِ إلى عيني حبيبتي ..

 

لم أعُد يا حبيبتي أملكُ من السَّعادةِ

ما أُهديهِ في العيدِ إلى عينيكِ ..

 

هذا الألم العتيقُ

يلبسُني مثلَ أكفانِ الموتى

كأنّهُ قلادةٌ تُساورُ عُنقَ الفراغ ..

 

أنا يا حبيبةُ

على موعدٍ مع الموتِ منذُ الولادة

وحينَ دخلتُ طورَ الوعي الأوَّل

وشاهدتُ الشَّمسَ تؤولُ إلى الغُروب

أدركتُ أنَّ الخُلود كذبةٌ كبرى

فالأبديَّةُ يا حبيبةُ

لا تعيشُ إلّا تحتَ التُّراب ..

 

اعذريني إن ابتعدتُ عنكِ

اعذريني إن رحلتُ عنكِ

يكفيني أن أعرفَ أنّني أُحبّكِ أكثر

حينَ أبتعدُ عنكِ أكثر ..

 

لا تسألي قلبي

كيفَ يتحمَّلُ كلَّ هذا الوجع

لا تسألي روحي

كيفَ تتحمَّلُ كلَّ هذا الألم

يكفيكِ أن تسألي مرةً واحدةً

كيفَ تغيرَّ وجهُ البلد ؟

 

كلُّ الطُّرق إليكِ وعرة

كلُّ ضفافِ الأنهارِ يابسة

كلُّ الخيوطِ التي تتصلُّ بكِ

مُقطَّعة

وكلُّ الأشرعةِ تستجدي الرِّيح ..

 

ما زلتُ أنتظرُ الأمواج

أن تغفو على صدرِكِ ..

 

ما زلتُ أنتظرُ العواصفَ

أن تخجلَ من نبضِ قلبِكِ

لنُبحرَ في هدوء نحوَ شواطئِ الخلود ..

 

نحملُ معاً أحلاماً مجهولةَ النَّسب

جراحاً تُشبهُ صدرَ البلد ..

 

تعالي نهربُ من عدوى الحُروب

نحسبُ ما تبقَّى منَ العُمر

ونرحلُ إلى موطنِ الضُّوء

حيثُ لا نخافُ من الظِّلِّ

من الحُلمِ

من صوتِ المطرِ

من زحمةِ المرور ..

 

تعالي نُقيمُ هناك قبراً من الورود

ونغفو معاً

كأنَّنا أبناءُ الأساطير ..

 

هناك في ذلكَ القبرِ الورديِّ

نشعرُ لأوّلِ مرّةٍ

أنَّ الموتَ الذي انتظرناهُ

هو الحُريَّةُ

وهو الأبديَّةُ

وهو الخلود ..

***

د.عاطف الدرابسة

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم