صحيفة المثقف

صفات الإمام عند الفارابي

بدر الدين شيخ رشيد[ت:338ھ/950ھ]:

الإمام الفارابي يعتبر من فلاسفة المسلمين، حيث يطلق عليه بالمعلم الثاني، في حين يطلق أرسطو بالمعلم الأول.

هذا وقد يرد على الباحث إشكال مفاده: هل الفرابي من الشيعة وخاصة الشيعة الإماميّة فعلا؟ نحن لا نجزم بذلك، إلا أنه ليس من المستبعد أنه تأثر بالشيعة الإسماعلية؛ لوجود مطابقات بين آرا الشيعة وبين فسلسفته بالمفهوم العقلي«وهذه المطابقة تجعلنا نلتمس ما للآراء الإسماعليّة من أثر عميق في فلسفة الفرابي وفي نظريته عن النبوة»1 .

بل أكد هنزي كوربان في تاريخ الفلسفة الإسلاميّة بأنه من الشيعة حيث قال:« وتشير كل القرائن مؤكدة الرأى الرائج في بلاد فارس، من أن هذا الفيلسوف الكبير كان من الشّيعة»2 .

لقد إعتبر الفيلسوف الفرابي الصفات اللازمة على الرئيس، والتي ينبغي أن تتوفر عليه إثنى عشر صفة:

أن يكون تمام الأعضاء، قواها متؤاتية أعضاءها على الأعمال التي شأنها أن تكون بها، ومتى همّ بعضو ما من أعضائه عملا أتى عليه بسهولة.

أن يكون بالطبع جيد الفهم والتصور لكل ما يقال له، فيلقاه بفهمه على ما يقصده القائل، وعلى حسب الأمر فى نفسه.

أن يكون جيد الحفظ لما يفهمه، ويراه، ويسمعه، و يدركه. وفي الجملة لا يكاد ينساه.

أن يكون جيد الفطنة ذكيا إذا رأى الشيء بأدنى دليل، فَطِنٌ له على الجهة التي دل عليها الدليل.

أن يكون حسن العبارة، يؤاتيه لسانه على إبانة كل ما يضمره إبانة تامة.

أن يكون محبا للتعليم والإستفادة، منقادا له، سهل القبول، لا يؤلمه تعب التعليم، ولايؤذيه الكد الذي ينال منه.

أن يكون غير شَرَهٍ على المأكول والمشروب والمنكوح، متجنبا بالطبع اللعب، مبغضا للذات الكائنة من هذه.

أن يكون محبا للصدق وأهله، مبغضا للكذب وأهله.

أن يكون كبير النفس، محبا للكرامة، تكبر نفسه بالطبع عن كل ما يشين من الأمور، وتسموا نفسه بالطبع إلى الأرفع منها.

أن يكون الدرهم والدينار، وسائر أعراض الدنيا هيّنة عنده.

أن يكون بالطبع محبا للعدل وأهله، مبغضا للجور والظلم وأهلهما، يعطى النَصَفَ من أهله ومن غيره، ويحث عليه، ويؤتى من حلّ به الجورُ مؤاتيا لكل ما يره حسنا وجميلا.

أن يكون عدلا غير صعب القياد، ولا جموحا ولا لجوجا، إذا دعى إلي العدل بل صعب القياد إذا دعي إلى الجور وإلى القبيح.

أن يكون قويّ العزيمة على الشييء الذي يرى أنه ينبغي أن يفعل، جسورا عليه، مِقْداماً غير خائف ولا ضعيف النفس 3.

فإذا نظرنا إلى تلك الصفات اللازمة للإمام،نجد أن أهمّها عند الإمامية هي صفة العصمة.

 

د. بدرالدين شيخ رشيد إبراهيم:

........................

1- هنري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، بالتعاون مع السيد حسين نصر وعثمان يحيي ، ترجمة، نصير حسين، حسن قبيسي، بمراجعة وتقديم، الإمام موسي الصدر، الأميرعارف، نّامر، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، ط3/1983م، ص247.

2- المصدر السابق، ص242.

3- غالب، د/مصطفي،  الفرابي ، إنتشاررات كلستانه، (بدون رقم الطبعة والتاريخ)،ص105-107. وأنظر: عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفي في الإسلام ، دار المعارف القاهرة مصر، ط3/1989م، ص 259-260. وأنظر:عمر فروخ، تاريخ الفكر العربي إلي أيام ابن خلدون، دار العلم بيروت لبنان، ط4/1983م.ص368.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم