صحيفة المثقف

الشاعر نزيه خير في ذكراه.. رحيل مبكر وعطاء خصب

ناجي ظاهرتصادف هذه الايام الذكرى السنوية  الثانية عاشرة لرحيل الشاعر الصديق نزيه خير ابن دالية الكرمل، وقد سبقني في الاشارة الى هذه الذكرى العطرية عدد من الكتاب والشعراء الاصدقاء.. فاليهم كل التحيات. انتمى نزيه خير، الى الجيل الثاني من الشعراء العرب في بلادنا، بعد قيام اسرائيل. وقد اصدر خلال عمره القصير (1946- 2008)، سبع مجموعات شعرية لافتة، كما ترجم نماذج من الشعر العبري، ضمنها كتابا حمله عنوان "الذاكرة الزرقاء". وتولى خلال سنوات عمره الاخيرة ادارة برنامج تلفزيوني ادبي، استضاف فيه معظم مبدعينا، وكان من المفروض ان اكون ضيفا على برنامجه هذا، الا ان مرضه حال دون هذه الاستضافة.

تعود علاقتي بالشاعر الراحل الى سنوات الستينيات المتأخرة. 1968 تحديدا.. حين اصدر مجموعته الشعرية الاولى "اغنيات صغيرة"، فكتبت عنها مقالة نقدية، لاقت هوى طيبا في نفسه، ما عزز الرغبة في التعارف فيما بيننا، لهذا عندما التقينا بعد نشر مقالتي هذه في احدى مجلات تلك الفترة، اشعرني انه يعرفني جيدا وانني ضيف مرحب به في منزل الاصدقاء.. كذلك انا شعرت.

بعدها زرته عدة مرات في بلدته دالية الكرمل، برفقة الصديق الراحل ميشيل حداد ابن بلدتي الناصرة، وزارنا هو ايضا في الناصرة، كما التقينا في العديد من الندوات والامسيات في مدن وبلدات مختلفة لتتوطد العلاقة بيننا.. لقاء بعد لقاء وسنة بعد سنة. واذكر في هذا السياق ان نزيها كان انسانا ودودا، ارتبط بمعظم الكتاب والشعراء في بلادنا وخارجها ايضا، بعلاقات احترام ومحبة. ويشار انه كرّس معظم قصائد احدى مجموعاته الشعرية اهداءات لأصدقاء شعراء منهم الشاعر العراقي المرحوم عبد الوهاب البياتي.

اتصف ما خلفه شاعرنا الراحل بنوع من الغنائية الحداثية. القريبة من غنائية الشاعر السوري سليمان العيسى، وقد كتبت عنها دراسات قليلة، علما انها استحقت اهتماما بحثيا اوسع نطاقا، واعتقد ان عمل نزيه في الاعلام المرئي في العقد الاخير من عمره، قد صرف الانظار عنه شاعرا جديرا بالمزيد من الدراسة والبحث الادبي.

كان نزيه مقلا في كتابته للشعر. مقارنة بسواه من نظرائه الشعراء، الا انه كان يعمل طوال الوقت على تجويد عطائه الشعري، كما كان يحرص على ان يقدم في كل مجموعة جديدة ما هو جديد.. لافت ومثير.

العلاقة الطيبة التي جمعت بيننا في الاتحاد العام للكتاب العرب في بلادنا ايضا، استمرت حتى ايامه الاخيرة تقريبا. وقد دأب على اهدائي واهداء الزملاء الكتاب كل مجموعة شعرية جديدة، وقد اهدانا شقيقه الصديق الاعلامي رشيد خير، مجموعته "رجوعيات" التي صدرت بعد رحيله.. احياء لذكراه.

عندما رحل نزيه قبل دزينة من السنوات. كتبت عنه مقالة وجدانية، عبرت فيها عن مشاعري الطيبة تجاهه شاعرا وانسانا، وقد ادرجت هذه المقالة في كتابي الاثير على نفسي القريب من قلبي وروحي "حياض غثيم- سيرة ذاتية من خلال اخرين".

رحم الله الصديق نزيه، فقد كان صديقا للجميع، وكان شاعرا مجليا بين ابناء جيله... استحق ان نذكره دائما.. وحق علينا ان نحيي ذكراه.. بأكثر من مقالة...

 

بقلم: ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم