صحيفة المثقف

اللغة العربية والتنمية الثقافية

معراج احمد الندوياللغة واحدة من الصفات التي يتميز بها الكائن الإنساني عن غيره من الكائنات الحية الأخرى، فهي طريقة التخاطب والتفاهم بين الأفراد والشعوب بواسطة رموز صوتية وأشكال كلامية، فهي وسيلة لنقل التراث الثقافي والحضاري.

تعبر اللغة عن الإبداع البشري بشتى صوره وأشكاله وأقوى أداة للأتصال والتفكير وتلقي المعلومات كما تصف اللغة رؤية الأمة للعالم و تعكس العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل.

وللغة العربية علاقة وطيدة في التنمية البشرية للمجتمع، وهي وسيلة الحركة الإنسانية كلها في المجال العلمي والسايسي والثقافي والاجتماعي. فاللغة وعاء ذلك كله ووسيلة ذلك كله، وإذا تراجعت اللغة، توقفت الحركة الإنسانية وانقطع الاتصال والتواصل والتفاهم، ذلك أن اللغة هي من أهم وأدق المواصلات وأوعية المعلومات وتواصل الأجيال.

إن اللغة العربية قد ارتبطت في تطويرها وتقدمها ولحظات قوتها بالعقيدة والدين الإسلامي، فهي لغة القرآن والسنة ولذلك ارتبط رصيدها الثقافي والفكري، ولأجل هذا اكتسبت اللغة العربية صبغة القداسة والتقدير. ولو أن اللغة العربية كسائر اللغات كائن اجتماعي حتى تسرى عليه سنن التطور والتجديد ويتوقف عليه بقاءه، وكون اللغة العربية إحدى اللغات، فهي تمثل رابطاعضويا وهمزة وصل بين ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها.

إن هناك ارتباطا وطيدا بين اللغة العربية والثقافة والقيم الحضاريةـ إذا الثقافة العربية هي المكون الأساسي للأمة العربية الذي يحدد هويتها ومكانتها بين الأمم والشعوب، وأن الغة العربية هي مستوع هذه الثقافة، وكلما كانت هذه اللغة حية منتجة انتجت ثقافة حية لأنها آداة الفكر والتعبير معا.

 لقد أثبتت اللغة العربية أنها لغة مطواعة، وليست عصية على العالم والشاعر والكاتب، حيث يكتب  بها العالم فيجدها قادرة على استعاب كل مفاهيم العلم ومصطلحاته وتحديداته وأرقامه، ثم يكتب بها الشاعر مستنبطا تأملاته وانفعلاته ودلالاته، ويكتب بها الكاتب فتستوعب أفكاره ونظرياته في التعبير عن خلجات نفسه.

اللغة العربية هي أساس التواصل الفكري والحضاري بين أبناء الامة العربية، وحبل الوصل بين المجتمعات العربية، فهي عروة الوثقى ودعامتها القومية. وهي وعاء الشعور والعواطف.

اللغة العربية أداة التعارف بين ملايين البشر المنتشرين في آفاق الأرض، وهي ثابتة في أصولها وجذورها متجددة بفضل مزايها وخصائصها، اللغة العربية هي اللغة التي نقلت المجتمع العربي من مجتمع بسيط ساذج إلى مجتمع غاية في الرقي الفكري والحضاري.

الثقافة هي نقل المنتج الفكري والإبداعي وحفظه للأجيال، ورسم مستوى الوعي لأمي مجتمع أوأمة، فالثقافة قوام الأمة، واللغة قوام الثقافة التي بواستها تتواصل الأجيال. فالثقافة بمعناها الواسع تعد أحد الأبعاد الأساسية في عملية التنمية. وأن هناك علاقة جدلية بين التنمية الثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فإذا كانت الثقافة تشير إلى جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية التي تميز المجتمع عن الأخر وتتجسد فيها النظم والعادات والتقاليد والمعقدات وطرائق الحياة التي يحيها أبناء هذا المجتمع، وما يبدعون من فنون وآداب ومعارف، وما يتمتعون به من حقوق، فإن ذلك يجعل الثقافة تمثل نسيج المجتمع ووعيه في علاقته بالتنمية.

التنمية الثقافة كمفهوم معاصر لارتباطه العميق بفكر وثقافة وإبداع الإنسان وتقدمه الحضاري، وتجدرالإشارة إلى أن هذا المفهوم قدعنى منذ البداية الخلق والإبداع في مجال زراعة الأرض وتشجيرها. تعني التنمية الثقافة الفنون والآداب وطرائق الحياة ونوعية الحياة الاجتماعية منظومة القيم والتقاليد والمعقتدات.

التمنية الثقافية هي التغيير التقدمي الذي تزيدالثقافة بمقتضاها من حيث الكمية والكفية، التنمية الثقافية هي المنهجية التي تستوعب كل انتاجات المجتمع لتحوله في النهاية إلى أنشطة فكرية واجتماعية يتم ممارستها في المجتمع، وتتفاعل منها الأفراد بأساليب متفاوتة بحث تكون في النهاية عنصرا أساسيا في تحديث إدراكهم لواقعهم الاجتماعي، وتعتبر أكثر من ضرورة للبناء الاجتماعي، فمن خلالها تتغير المسارات الاجتماعية نحو الأفضل.

إن النمو هو انتقال اللغة من طور إلى طور أحسن وأفضل على أساس أن اللغة بهذا الانتقال قدأدت وظيفتها على خير، فقابلت حاجات الإنسان المتجددة في حياته الفكرية والمادية. فالتنمية اللغوية هي عملية هادفة إلى إحداث تغيرات محدودة منشودة وليست مجرد رصد لتغيرات لغوية وأما التمنية الثقافية فهي التغيير التقدمي الذي يتسع آفاقها وأبعادها وتطورها وازدهارها.  

 

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

 الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

 جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم