صحيفة المثقف

الأصوليّة نماذج مختارة: اليهوديّة، المسيحيّة، الاسلاميّة

عامر عبدزيد الوائليتأصيل المفاهيم: لكل مفهوم ظروف وحاجات موضوعيّة كانت وراء انبعاثه وتركت أثراً عميقا في ملامحه وتشكله الثقافي من زاويّة أيديولوجيّة ومعرفيّة، وانطلاقا من هذه المظاهر نجد أن الحفر الإركولوجي في دلالة المفهوم يعدُ أمراً ضرورياً من أجل تحديد ملامح المفهوم واشتغالاته التي من الممكن أن تكون ضروريّة من أجل نقله وتبيئتهِ في الثقافة العربيّة فإن مفهوم "الأصوليّة - Fundamentalism" من المفاهيم الإشكاليّة التي تثير كثيراً من المشاكل المفهوميّة والفلسفيّة معا؛ فهي وليدة اطار ثقافي غربي له مواضعاته الثقافيّة تكاد تكون مختلفة بين الغرب، والعالم العربي الاسلامي .

اولا: الفهم الأصولي في اللغة العربيّة والتراث:

اذ نجد أن للمفهوم معنىً في العربيّة وعلومها مختلف عنه في اللغة الانكليزيّة، ففي اللغة العربيّة: "الأصول" المتعلقة بعلوم الدين، ويطلق لفظ "الأصول" على مصطلحات مختلفة من أشهرها ما يدل على ثلاثة من العلوم الإسلاميّة هي: (أصول الدين وأصول الحديث وأصول الفقه)، ويسمى علم أصول الفقه، غالباً، بـعلم الأصول، ويعرَّف بأنه العلم بقواعد الفقه الإسلامي، وبإلادلّة التي تؤدي إلى تقرير الأحكام الشرعيّة(1) ففي الإسلام يرجعون في أحكامهم ومسائلهم إلاجتهاديّة إلى الأصول. (2) ويعرّف علم الأصول بأنّه "العلم بالعناصر المشتركة في عمليّة استنباط الحكم الشرعي "(3)، فقد نشأ علم الأصول في أحضان علم الفقه كما نشأ علم الفقه في أحضان علم الحديث (4) ويختلف منهج الفقه عن منهج علم الكلام فهناك منهجان لتشخيص الأصول و استنباطها: (منهج الأحناف، ومنهج المتكلمين)؛ ولكل منهما وجهة نظر ألِّفت على أساسها جملة من الكتب، أما منهج الأحناف فقد ركز على أساس اعتبار الفروع الفقهيّة لإمام المذهب هي المنطلق إلى التماس الضوابط الأصوليّة العامة ....أما منهج المتكلمين فيختلف عن ذلك المنهج اختلافاً كبيراً إذ يقوم "على تجريد قواعد الفقه والميل إلى الاستدلال العقلي ما أمكن فما أيّدته العقول والحجج أثبتوه ...")(5) ؛لكن هذا الاختلاف في الجوانب الجزئيّة أما بنيّة الخطاب فهي محكومة ببناء ونسق وهو المتمثل بالرؤيّة والمنهج البياني، في الأصل كفعل معرفي (هو الظهور والإظهار والفهم والإفهام)(6). فالالتزام بمنطق العلم جعله واعياً لدور اللغة بوصفها (منظومة لغويّة تؤثر في طريقة رؤيّة أهلها للعالم وفي كيفيّة مفصلتهم له وبالتالي في طريقة تفكيرهم) (7).

فإذا ما استعرضتا الخطوط العامة لهذه الإشكاليّة (اللفظ والمعنى) نجد أنها ضمّت مشكلة العرب، أي وضع العلامات المحددة للمعنى في علم النحو ومشكلة الأوزان الصرفيّة ومضمونها المنطقي في علم الصرف، ومشكلة الدلالة في ارتباطها بظاهرة الاتِّساع في كلام العرب في الفقه ومشكلة الحكم والتشابه وحدود التأويل ومسالة الإعجاز، وأصل اللغة في علم الكلام ومشكلة (سر البلاغة) في النظم، ثم علاقة ذلك بنظام الخطاب .

المستوى الأول العمودي "أي تفسير الخطاب": وهو يمثل المحور العمودي في مشاكل الإعراب في النحو والدلالة في الفقه وقصد المتكلم في علم الكلام وهو ما عرضه عابد الجابري في منطق اللغة ومشكلة الدلالة. ففي النحو كانت النظرة البيانيّة تنظر " إلى اللفظ والمعنى ككيانين منفصلين " ، ومركز العقل العربي على الإنتاج النظري(أصول الفقه) وهو ما لانجد له مثيلا في الثقافات السابقة(8)وهذا ما نلمسه في رسالة الشافعي فبعد إن تم تقنين البيان العربي على مستوى (المعنى) النحو وعلى مستوى المعنى معاجم اللغة جاء دور الشافعي وقد كان معاصراً للخليل وتلميذه سيبويه (المتوفّى 180 هـ) ومعاً نلمس أثر المنهج اللغوي في كتابه" الرسالة شكلا ومضمونا" وهذا يظهر التكامل بين النحو والفقه والكلام على مستوى المنهج بل على مستوى التشريع للعقل (9)، وقد رفض (الاستحسان)(10) لأبي حنيفة ورفض (المصالح المرسلة)(11) لمالك وأرجع كل شيء إلى لكتاب والسنة بوساطة القياس (12)

ثانياً: في اللغة الانكليزيّة وفي الفكر الغربي:

الأصوليّة (Fundamentalism) هي اصطلاحٌ سياسي فكري مستحدَث يحاول توصيف سلوكيات متنوعة بوصفها:" تمتلك نظرة متكاملة للحياة بكافّة جوانبها: (السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة)، وهي ناجمة عن قناعة متأصِّلة نابعة عن إيمانٍ بفكرةٍ أو منظومة قناعات، تكون في الغالب تصوراً دينياً أو عقيدةٍ دينيّة." ويمكن متابعة هذا المصطلح على النحو الآتي:

1- ظهر في الثقافة الغربيّة في توصيف ظواهر دينيّة مسيحيّة ظهرت أول ما ظهرت في الولايات المتحدة الامريكيّة في مطلع القرن العشرين بعد أن تمكّن مجموعة من البروتستانت من طبع اثني عشر مجلداً في الحقبة ما بين (1910-1915 م)بعنوان (أصول – شهادة – على الحقيقة)انتشرت في وقت وجيز بين المسيحيين الأمريكيين.ويؤيد هذا التأويل للحدث توصيف هربر بركمجيان - استاذ العلوم السياسيّة في جامعة نيويورك -:"فيرجع أصل الأصوليّة إلى فرقة من البروتستانت التي تؤمن بالعصمة الحرفيّة لكل كلمة في الكتاب المقدّسة ويدعي أفرادها التلقي المباشر عن الله، فضلاً عن معاداتهم للتفكير العلمي وميولهم إلى استعمال العنف و القوّة ؛لغرض فرض معتقداتهم "(13)وبهذا ارتبط المفهوم بضبط تلك المظاهر للسلوكيّة ثقافياً ودينياً من ضمن حدود المجتمع الأمريكي .

2- وهناك من يؤكد أنّ مصطلح الأصوليّة كمفهوم لم يبرز في المعاجم و الموسوعات الغربيّة إلا حديثاً، فهو لم يظهر في معجم روبير الكبيرعام 1966م، ولم يظهر في الموسوعة العالميّة في عام 1968م، سوى ما ورد في قاموس لاروس الصغير سنة 1966 م، وبكيفيّة عامة إذ يقول:"إن الأصوليّة هي موقف أولئك الذين يرفضون تكيف العقيدة مع الظروف الجديدة " وهذا ما أرَّخه الفيلسوف الفرنسي "رجاء جارودي" لهذا المصطلح وتاريخ ظهوره في المعاجم اللغويّة في فرنسا، وبيَّن أنَّ أول ما ظهر هذا المصطلح كان في معجم "لاروس الصغير" 1966م، وكان معناه عامّاً غير محدد ولا دقيق، وكان يُرمز به إلى: "مواقفَ عامةٍ لمجموعة الكاثوليك الذين دأبوا على التَّمَسُّك بالماضي، ورفْضِ كل جديد، وعدم القدرة على تكييف عقيدتهم مع ظروف الحياة وتطوراتها الجديدة في فرنسا"، وبعد ذلك بثلاث سنوات ظهرت الكلمةُ في معجم "لاروس الجيب" سنة 1969م، يقصد بها الكاثوليك وحدهم، وبخاصة الذين كانوا يتميزون بالاستعداد الفكري ؛لرفض التكيف مع ظروف الحياة الحديثة.

لعل هذا الانتقال بين الثقافتين الامريكيّة والفرنسيّة تشير إلى أنّه مفهوم حديث اعتمد من أجل توصيف مظاهر الثقافيّة ودينيّة تتسم بإعراض وسلوكيات متقاربة مما جعلت المفهوم ينمو في الثقافة الغربيّة ففي سنة 1984م ظهر "المعجم الكبير" في اثني عشر جزءًا "لاروس"، وقد أخذ المصطلح يتحدد معناه بشيء من الدقة والضبط والوضوح، فهو يعني داخل الحركة الدينيّة: "موقف الجمود والتصلب، والمعارضة والرفض لكل جديد ولكل تطور"، وكل الأمثلة التي ذكرها "لاروس" في معجمه توضيحًا لمفهوم مصطلح الأصوليّة، كانت مأخوذة من مواقف الكاثوليك في فرنسا، والتي جسّدت حركة الكفاح في ظل يبوس العاشر بفرنسا، من سنة.(1903-1914م)، وفي عصر الحداثة شهد المصطلح تطوراً كبيراً، وبخاصة بعد مؤتمر الفاتيكان الثاني، ثم انتقل المصطلح من مجال الدراسات الدينيّة الكاثوليكيّة، إلى مجال السياسة والاجتماع، إذا أريد به "المذهب المحافظ والمتصلب في موضوع المعتقد السياسي". وكان جاك ديبور يطلقه على "جماعة الكاثوليك الذين يرفضون كلَّ تطور وجديد، ويعلنون تمسكهم بالتراث".

3- إن المفهوم يبقى محاولة من قبل الباحثين في توصيف ظاهرة غربيّة دينيّة أو رادكاليّة تتسم بالشموليّة كانت في البدايّة تجتهد في توصيف الحركات الدينيّة المسيحيّة في الغرب سواء كانت من الكاثوليك أم البروتستانت.والعلامة الدالة على إنهما ينطبق عليهما مفهوم الأصوليّة هي لوازم الأصوليّة، رفضُ التطور، ومحاربة العلم، وعدم التكيُّف مع ظروف الحياة المعاصرة، طبعاً الحياة المعاصرة كما تراها المنظومة العلمانيّة التي تتخذ من الحداثة الصلبة معياراً لها في توصيف خصومها الذين تراهم لا يتوافقون من موجهاته في الرؤيّة والمنهج ولعل هذا ما وصفه ونقده هابرماس بمجتمع مابعد العلمانيّة ؛ لكن هذا الوصف العلمانوي يرى أن تلك المظاهر الدينيّة المسيحيّة تتسم بكونها تلتزم التشبث بالماضي التراثي، والمطالبة بالعودة إليه كمرجع أساس في مواجهة الحداثة المعاصرة.وهذا يعاكس مفهوم القطيعة والنسبيّة التي ترفضه الحداثة . وتصفه بأنه يحمل خطاب اقصائي يرفض الآخر ولا يقر بذهنيّة التسامح والحوار ويستعمل بدلهما القوة والعنف الرمزي .وهناك قراءاتٌ أخرى تنتمي الى المرجعيّة الحديثة نفسها، وقد حاولت أن تتوسع في تطبيق الأٌنموذج الغربي للأصوليّة فنجد غارودي مثلا يوسع المفهوم فيأخذ ابعاداً جديدة في توصيف ونقد أشكال من الأصوليات بقوله:"في الغرب ظهرت أمُّ الأصوليّات، وهي الأصوليّة الصِّهْيَوْنِيّة، وتحت عباءتها ظهرت الأصوليّة الماركسيّة والأصوليّة الرأسماليّة، ومن باطن هاتين الشرارة الأولى لنشاط هذه الأصوليّات هي إسقاط الخلافة العثمانيّة، بتدبير الأب الروحي للأصوليّة، وهو تيودور هرتزل ".(14)

4- توسع المصطلح الى خارج الخطاب الديني اذ حاول" غارودي " أن يوسع دلالة المفهوم في الربط بين نشاطات سياسة تتسم بكونها تحتكر الحقيقة وتمارس العنف الثوري من أجل الوصول الى غاياتها على الرغم من كونها متعارضة دينيا بين البروتستانت واليهود الصهاينة على الرغم من كون خطابهم علماني ؛ إلا إنهم مارسوا تأويل ديني و بين الماركسيّة والرأسماليّة على الرغم من كونهما خطابان شموليان بيد أنهما لاتعدان فرقاً دينيّة .(15) بعد أن كان مفهوم الأصوليّة يطلق (على وجه الخصوص لدى المسيحيّة (البروتستانتيّة) الأصوليّة تعني التركيز على المعنى الحرفي في تفسير الكتاب المقدّسة الذي يقابل التفسير الرمزي الكاثوليكي .واليوم هناك حركات دينيّة أصوليّة بروتستانتيّة تلتزم بحرفيّة النصوص وتحاول العيش على أسس تعاليم الكتاب المقدّسة. كمقابل للفكر العلماني في الغرب .(16)

الأصوليّة تعتمد على معايير تصنيف للآخر بوصفه مختلفاً عنها ولهذا تنتهج معه سلوك اقصائي، فإن هذا السلوك قد ألحق تشوهات من خلال أنواع البتر التي ألحقها هذا التراث إلارثوذكسي بنفسه من جراء حذفه وتصفيته لكل المدارس والمؤلّفات والشخصيّات الفكريّة ...التي عدّت "زندقة " أو منحرِفة (17)

أمّا عن تلك القواسم المشتركة التي صنّفت الأصوليّة الدينيّة فهناك ثلاثة ملامح تُكَوِن الأصوليّة المتطرفة منها:

- "هيمنة النزعة المحافِظة "وعلى هذا الأساس نجدها تعارض النزعة التحرريّة أو إلاجتماعيّة أو التنويريّة والحداثة. هكذا ؛فهي تعني الحفاظ على تقليد "الأصول" من دون تجديد ومن دون تطبيق معاصر، فالأصولي المتشدد يمارس حياته اليوميّة وفقًا لنظرة تاريخيّة قديمة مرتبطة بالماضي، إلا إنه يستعمل بعض وسائل الحداثة، مثل الوسائل الحديثة في النقل والعلاج والبناء"، بيد أنه عندما تتحدث معه عن الأسس الحديثة لنظريات الحياة السياسيّة وإلاقتصاديّة وإلاجتماعيّة والنفسيّة فإنه يرفضها بشدّة؛ لأنّها تتعارض مع فهمه للحياة من خلال موروث سلفي لا يصلح للانسان المخلوق بحسب صورة الله ومثاله، تاج الخليقة.

- طغيان الخطاب الديني: فالتدين يكون بمثابة العنصر المثبِّت للنزعة المحافظة التقليديّة، والمادة المتماسكة، والقويّة لأصول التقليد في الدين التي تُخضع كل ما هو علماني (الدولة، المجتمع، إلاقتصاد)، لكل ما هو ديني، وتُخضع الخاص (الحياة الشخصيّة للفرد) إلى العام (القيَّم إلاخلاقيّة الدينيّة "الشرع المقدّسة"). هكذا الأصوليّة الدينيّة المتطرفة تتخذ مواقف متشددة وغير متفهمة للسلوك البشري، وترفض المرونة إلاجتماعيّة في التعامل مع هذا السلوك، فهي دائماً تتصلب في فهمها لكل مجالات الحياة؛ فالفنون والموسيقى تُعد بالنسبة للأصوليّة مفسِدات، إلا إذا كانت تساعد على نشر رسالة الجماعة الأصوليّة وكما يغلب عليها التشدد وعدم ترجيح العقل المعاصِر في أحكامها.

- بروز الخطاب العنيف بحق المختلف: فهذا السلوك العنيف مقارنةً مع الملامح المشتركة السابقة يُعد العنصر الأكثر إثارة للأصوليّة المتطرِّفه، إن استعمال العنف باسم النزعة المحافظة في خدمة كل ما هو مقدّس، هو ما يلخص الحركة الأصوليّة، استعمال السلاح وسفك الدماء، والقتل الجماعي، وبتر إلاعضاء كعقاب و طرد وعزل الأقليات التميّزات القبليّة، التطهير العرقي وإلارهاب، كل هذا يندرج في بنود الأجندة اليوميّة للأصوليين في كل العالم وفي كل عصر.وهي مظاهر أُصوليّة متنوعة الأديأن اذ (على طوال عقد الثمانينيّات، قلما شهد العالم أزمة سياسيّة ذات شأن في أحد أرجاء العالم لا تقف وراءها يد الدين غير المتواريّة تماما .ففي الشرق إلاوسط، تصادمت كل الأديان و الحركات الأصوليّة في هذه المنطقة – يهوديّة كانت أم مسيحيّة أو مسلمة – على خلفيّة صراعات قديمة حول السلطة في إطار حروب أهليّة وغير أهليّة)(18)

 - الانسحاب والانفصال عن الثقافة المعاصِرة والعلاقات إلاجتماعيّة، والترويج لإيديولوجيا على إنها واحدة وساميّة تفسير شامل يمكن من خلاله تفسير جميع الظواهر ومعالجتها. عدم الاقتصار في النظام الجديد على السعي نحو تحويل النظام السياسي وإلاجتماعي فبحسب، بل صميم فكر الفرد أيضاً ، ورفع الحقوق الجماعيّة على حساب الحقوق الفرديّة، وتصنيف الحقوق بحسب الولاء للنظام إلاعتقادي، و خفض الحقوق الكونيّة، وقمع التنوّع، ومعارضة الديمقراطيّة والتعدديّة والفكر المتحرِّر بشدّة، والدعوة لإقامة دولة شموليّة توسعيّة

- تصنيف الأصوليّة الدينيّة:فضلاً عن تلك العناصر هناك من الباحثين من يضع تصنيفاّ للأصوليّة الدينيّة بذكره ثلاثة عناصر مشتركة تطبع الأصوليّة وهي: (الشموليّة، والنصوصيّة، وإلأنحياز المطلق).أمّا " الشموليّة " فهي مفهوم مأخوذ عن الكاثوليكيّة- تعني: أن جميع الأسئلة التي تفرضها الحياة الخاصة والعامة تجيب عنها تعاليم الدين أو الأيديولوجيّة.أمّا "النصوصيّة " فتعني: أن النصوص المقدّسةة تؤخذ حرفياَ من دون الدخول في تأويل أو تفسير بما يعنيه من استكشاف ملابسات أو طرح تساؤلات وغير ذلك.أمّا السمة الثالثة فهي "الأنحياز" يعني: الرفض المطلق ؛ لأي مساءلة لتلك المبادئ التي يعتقدها الأصولي، ورفض كل ما عداها.

- وقد اخذ المصطلح يصف مظاهر متنوعه عالميّة او مايعرف بوصفها " الأصوليّة الدينيّة" بجميع طوائفها (الهندوسيّة والإسلاميّة واليهوديّة والمسيحيّة والبوذيّة). ويبشر الأصوليون وكل مَنْ يلتزم بتعاليمهم، بالنجاة، ولا مجال في عالمهم لإثارة تساؤلات تنم عن حالة من الحيرة والقلق، أما مَنْ لا يتبع التعاليم، فيستحق العذاب).(19)

- وفي الحقبة الاخيرة يحاول الغرب تطبيق مفهوم الأصوليّة على الخطاب الاسلامي المعاصر بوصفه خطاباً اصولياً ينطبق عليه ما ينطبق على غيره من ضمن سياسة الحرب على الارهاب .

المعاجم العربيّة المعاصرة:

 التي يبدو أنها تخلط بين المعنى التراثي والمعنى الغربي المعاصرة، تعريف ومعنى أصوليّة في المعجم الوسيط، للغة العربيّة المعاصر. قاموس عربي عربي " أصوليّة " تدل الكلمة عادة على أنماط معيّنة من المحافظة الدينيّة سواء أكانت إسلاميّة أم مسيحيّة . وتتبع الأصوليّة الإنجيل أو القرآن حرفياً وتدعو إلى اتباع تعاليمهما وقيمهما في الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة بما في ذلك الحياة الشخصيّة . فيدعو الأصوليّون المسيحيّون على سبيل المثال إلى تعليم ما يسمونه علم الخلق في المدارس وهو خلق الكون كما ورد في الإنجيل وبالضبط في سفر التكوين كونه حقيقة علميّة وتاريخيّة لا جدال فيها . ويُتّهم النقاد الأصوليين بعدم التسامح وتحريم كل شيء فيرد الأصوليون بأنّ لا مسعى لهم سوى العودة ببلدانهم إلى أصول الحضارة المسيحيّة وقيمِها الأخلاقيّة .

وأيضا نجد في "المعجم: عربي عامة " أُصوليّة، أُصوليّة، اسم مؤنَّث منسوب إلى أُصول، على غير قياس، جماعة أصوليّة . مصدر صناعيّ من أُصول، الأصوليّة، التمسُّك بكلّ اتِّجاه فكريّ أو دينيّ قديم . موقف فريق من المؤمنين يتشبّثون بالأصول والتقليد: " أصوليّة مسيحيّة، أصوليّة إسلاميّة "

 

ا. د.عامر عبد زيد الوائلي

............................

(1) الجرجاني، مجمع التعريفات، ص27.

(2) عبد المنعم الحفني، المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة، ص76،

(3) محمد باقر الصدر، دروس في علم الأصول الحلقة الاولى، مؤسسة النشر الاسلامي، ط1، قم، ص 43.

(4) ن، م، ص50.

(5) محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن، دار الاندلس، ط1، بيروت، 1963م، ص 83-84.

(6) . محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، ط2، بيروت، 1987م، ص556 .

(7) . محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، ص77 .

8 محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، ص 41 .

(9) . المرجع نفسه ، ص103. انظر تبعا للجابري ابا البركات عبد الرحمن بن محمد بن الانباري المتوفى سنة 577هـ في لمع الأدلة في أصول النحو ص80.

(10) . الاستحسان، قال به الحنفية خصوصا. وقد رفضه الشافعي معتبرا اياه عملا بمطلق الراي، أي بدون الاستناد إلى دليل شرعي. بينما يؤكد كبار الحنفية إن الاستحسان عندهم ليس هو العمل بالراي مطلقا بل هو ترجيح قياس خفي على قياس جلي. وبعبارة أخرى ايثار دليل على دليل يعارضه لمربع يعتمد به شرعا.

(11) . المصالح المرسلة أصل أخذ به الإمام مالك أول الأمر ثم تبناه اصحاب المذاهب الأخرى وسماه الغزالي (الاستصلاح) والمقصود به ثبات الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع على مراعاة مصلحة مطلقة وهي التي يرد في الشرع ما يشير ألا الاخذ بها أو تركها. انظر محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي ، جـ 2، ص112.

(12) المرجع نفسه ص110.

(13) ريتشارد هرير، الأصولية في العالم العربي، ترجمة عبد الوارث سعيد، دار الرقاء، ص 34.

(14) روجيه غارودي، الأصوليات المعاصرة، أسبابها ومظاهرها، تعريب خليل أحمد خليل (دار عام ألفين، باريس 1992م)، ص 13

(15) غارودي، الأصوليّة، المرجع السابق .

(16) انظر: مايكل أنجلو ياكوبوتشي، أعداء الحوار أسباب اللاتسامح ومظاهره، ترجمة عبد الفتاح حسن، الهيأة المصرية العامة للكتاب، ط1، القاهرة، 2010م، ص123-157-177.

(17) نفس المصدر، ص43-44.

(18) خوسيه كازانوفا، الأديان العامة في العالم الحديث، ترجمة قسم اللغات الحية والترجمة في جامعة البلمند، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1، بيروت، 2005م، ص13.

(19) - جورج عوض إبراهيم، الأصولية الدينية المتطرفة، http://george3awad.blogspot.com/2012/11/blog-post_7.html

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم