صحيفة المثقف

علاوي دفع ثمن رفضه المحاصصة

طارق الكنانيقد يكون علاوي قد اخفق في اختيار كابينته الوزارية التي حاول من خلالها الخروج من عنق الزجاجة وانهاء حقبة المحاصصة ولكني مازلت اعتقد ان منطلقاته كانت وطنية الى حد كبير فحالة الغضب التي انتابت الوسط السياسي بكل اطيافه كانت علامة فارقة في تاريخ تشكيل الحكومات العراقية السابقة فهو قد غرد خارج السرب وكل الذي تم تسريبه الى ساحات التظاهرات كان محض افتراء على الرجل والدليل ماثل للعيان ،فالقوم مازالوا يريدون الابقاء على حالة المحاصصة وبقاء العراق دولة مكونات وليس دولة مواطنة ،لقد وجهت عدة اتهامات لحكومة علاوي ،وانا هنا لا اناقش ما قاله الشارع الثائر ففي الثورة تختلط الامور ويمكن تمرير اية دعاية من خلالها فالجمهور غير متجانس والآراء شتى وكل يغني على ليلاه وان توحد الهدف الرئيسي كون الثوار يريدون وطن ولكن الساحات مليئة برجال الاحزاب وبالإمكان تسريب اي شيء من خلالهم للساحة وهناك سماعون لهم، يرددون كل حرف ينمي الى مسامعهم .

نحن نريد ان نناقش وبشكل حيادي مواقف القوى السياسية ابتداءً من تكليف علاوي وانتهاءً بفرض الارادات ومحاولة ابتزازه .

لم يتبن اي طرف بشكل رسمي وعلني ترشيح السيد علاوي لرئاسة الحكومة ،فالسيد الصدر اعلنها واضحة بأنه لم يتدخل بتكليفه ولكنه راض عنه واما العامري فقد التزم جانب الصمت ولم نسمع له رأي بالموضوع فيما عارضت الكتل الشيعية الاخرى والتي تمثل بمجموعها حزب الدعوة ترشيح علاوي وكذلك القائمة الوطنية منذ البداية ،لم يكن موقف ايران واضحا بالشكل الذي تم اعلانه عند تكليف عادل عبد المهدي فيما صرّح السيد الصدر في لقاء متلفز بأن ايران لم تكن تعرف بهذا التكليف ،الجانب الامريكي كان مرحبا بتكليف السيد علاوي وابدى استعداده للتعاون معه جاء ذلك بتصريح السفير الامريكي والبريطاني بعد دقائق من تكليف السيد علاوي وموقف مايك بومبيو كان واضحا مع علاوي ،في حين سكتت الكتل السنية والكردية عن الموضوع ولم تعلن رأيها بانتظار ما ستؤول اليه الامور، مما حدى بعلاوي اطلاق بعض التصريحات معلنا موقفه الواضح والصريح من كل ما يجري في البلد من قتل ونهب للثروات وتعهد صراحة بإجراء انتخابات نزيهة وهذا ما كان يطالب به المتظاهرون حقا ،على خلاف الكتل السياسية التي تريد الابقاء على هذا الوضع المتأرجح للاستفادة بشكل اكبر من الفراغ الدستوري وتمرير كافة صفقاتهم من تحت الطاولة .

لقد اتضح وبشكل علني موقف الاكراد والسنة فيما يخص مكتسباتهم والمحاصصة التي درجوا عليها وكان الاكراد اكثر صراحة واشد عزما على ذلك على خلاف الساسة السنة فهم يريدون الحصول على مكتسبات من تحت الطاولة بشكل او بآخر تارة من خلال السماسرة وتارة من خلال الابتزاز .

باعتقادي ان علاوي لم يخضع للابتزاز ولم يتقبل الطريقة التي سار عليها الساسة في تشكيل الحكومات السابقة ولو فعل ذلك لكانت الحكومة قد مررت وبسلاسة بأغلبية حتى مع عدم حضور الاكراد .

لقد دفع علاوي ثمن موقفه الرافض للمحاصصة وعدم السماح للاحزاب التلاعب به وكان شجاعا في اعادة التكليف دون ان يخضع للمحاصصة التي حاول الساسة فرضها عليه وجنب العراق مشاكل كبيرة لو انه اصر على تشكيل حكومته وقبوله بما طرحوه عليه .

 

طارق الكناني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم