صحيفة المثقف

الاختباء في الماء.. دراسة في شعر ورواية أحمد فضل شبلول

1382 الاخفتاء في الماءدراسة مغربية للتجليان الشعرة والروائية لأحمد فضل شبلول

يتمتع الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول بسيرة إبداعية زاخرة بالعطاء في مجالات الشعر والرواية وإبداع الطفل والدراسات النقدية، وقد احتفي الكثير من النقاد المصريين والعرب بأعماله، وهذا الكتاب "الاختباء في الماء.. دراسة في شعر ورواية أحمد فضل شبلول" للناقدة المغربية د.فاطمة بنحامي الدناي يشكل رؤية نوعية لتجلياته الشعرية والسردية، حيث تتناول الناقد عددا من الأعمال الكاشفة للجماليات الفنية في تلك الأعمال.

تقول بنحامي في كتابها الصادر عن دار الوفا لدنيا الطباعة بالإسكندرية إن ما يميز الإبداع الأدبي العربي حاليا؛ بشعره ونثره؛ تحوله من الكتابة المعتمدة على السليقة إلى مرحلة الوعي المتزايد بقضايا المجتمع التي طغت بشكل ملحوظ على الكتابة الأدبية إن شعرا أم رواية. وقد تجلى هذا الوعي من خلال التناول المبهر الذي يغوص باحثا ومستلهما ما وراء الصور المتبناة؛ ليوصل انطلاقا منها مجموع رؤى تجلَّت بشكل ملحوظ في جُل المتناول من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية  بصفة عامة.

 ما تتناوله بنحامي في هذا الكتاب مثال على هذا الطرح؛ تضيف "أوقفتني كتابات الأديب أحمد فضل شبلول لتميزها بما تضمنته من رمزية تبنت الخوض في ما ورائيات الدلالة اللغوية، كما تجلى ذلك في روايته "الماء العاشق" وديوانه "أختبئ في صدري". إذ غلب على الصور المنتقاة من الرمزية ما يتعذر التوصل إليه من أول وهلة؛ لغلبة المتخيل الذي يتمحور حول مفاهيم شاركت في التأصيل للإبداع الأدبي والفني؛ شعرا ورواية. هذا الإبداع الذي تجاوزت غايته في الرواية مثلا ذاك الترفيه السردي؛ والحكي المتعارف عليه والذي كان يعتمد في غالبه حبكة تشد القارئ المتلهف على تمثل خاتمة لها. فبهذا الاختلاف الذي توفرت له عناصر وتقنيات الكتابة الحديثة تمكن الروائي من شد انتباه المتلقي الباحث عن كنه المضمون المخالف لما عرف قبلا.  وما يقال عن الرواية يقال أيضا عن الشعر وعن تمكن الشعراء في مجالهم؛ إذ طغت الرمزية بشكل ملحوظ على منتوجهم الشعري؛ مما جعله مُكوِّنا لافتا في مجال تنبيه الشعوب لترى محيطاتها وعوالمها قصد إيجاد الحلول لمشاكل أوطانها. وما اعتماد الرمزية بطرح الفكرة المبطنة التي تحتاج إلى مجهود من طرف المتلقي لفك رمزيتها إلا نوع من الاجتهاد الإبداعي الذي يحسب للمبدع المتمكن.

 وتؤكد الناقد المغربية أن الأديب أحمد فضل شبلول استطاع أن يتحفنا من خلال "مائه العاشق" بمجموع صور غلب عليها المتخيل المتمحور حول مفاهيم شاركت في التأصيل لشكل الرواية الحديثة المتبنية رؤى تجاوزت مجال الترفيه المرصود من شكل الحكي المتعارف عليه؛ الذي يعتمد قصة تُـروَى قصد التمتيع؛ بأحداثها التي تدور في فلك حبكة تُـنتَـظَر خاتمتها بلهفة من قارئها المتمتع بها؛ والمرتبطة بمكان وزمان معينين..              

  وترى إن المقومات الأساسية التي تراعى في دراسة فن الرواية مثلا؛ هي نفسها المعتمدة في التعامل مع باقي الفنون الأدبية على اختلاف أصنافها والتي تَعتمِد أساسا مقومات اللغة؛ سردا ودلالة؛ إلى غيرها من المكونات الواجب التمكن منها في مجال يفرض على الأديب التعامل معها بتقنية المتمكن منها؛ المبدع في مجالها. وذاك ما يراعى من طرف الدارس الباحث؛ لأنها تُعَـد من الركائز الأساسَ لفن الكتابة الأدبية؛ إن رواية أو شعرا؛ حيث نراها متجلية في كتابات أدبائنا التي تخضع لما تتطلبه فنية كتابة الرواية والشعر اللذين أصبحا لرمزيتهما أنموذجا للكتابات الناجحة المبهرة.. وأصدق مثال على ذلك مايتم تداوله في هذين الميدانين؛ حيث أصبح للرمزية دورها الواضح والمتجلي من خلال المتداول من إبداعٍ متعدد لأدباء عايشوا معاناة شعوبهم فصوروها بصدقية متناهية تطلبت الإحساس بها وبمسؤولية إيصالها؛ وإن بأشكال تتطلب غالبا طرح الفكرة المعالجة بطريقة مبطنة تحتاج للبحث والتقصي للوصول لها؛ لدلالاتها المعتمدة التي تحتاج مجهودا لفك طلاسم رموزها؛ وذاك ما عايشناه ونحن نحاول قراءة إبداع أديبنا الروائي والشاعر أحمد فضل شبلول الذي تنتمي كتاباته إلى ميدان من الإبداع أثبت وزنه ومكانته منذ القديم، وهو ما سنحاول توضيحه بصورة أكثر تفصيلا أثناء تناول ديوان "اختبئي في صدري" ورواية "الماء العاشق" لأديبنا المصري أحمد فضل شبلول..

 

 محمد الحمامصي 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم