صحيفة المثقف

فـي خـلْـوةِ الـقـاع

جمال مصطفىحُـبّـارُ مـائِيَ

مـا تَـنْـفـكُّ  أذْرُعُـهُ

تَهْـوى العِـنـاقَ

ولَـو في ذاكَ مَـصْـرَعُـهُ

 

تِـلـكَ الـثَـمـاني الـتي

لِلْعْــرشِ حـامـلـةٌ

تَـدري :

عـلى كُـلِّهـا يَـزهـو  تَـرَبُّـعُـهُ

 

يـا لا قـصائـدَ

إلاّ مِـن دفـائـنِـهِ

فـي لـيـلِ حـبْـرِكَ

آنَ الـحَـدْسُ يَـلْـمَـعُـهُ

 

قـد يَـبْـلعُ الـشـمْـسَ مـفـتـونـاً

لَـعـلَّ إذا

مـا حـازَهـا لُـقْـمَـةً في الجـوفِ

تَـسْـطَـعُـهُ

 

وقـد

تَـسـيـلُ

مِـن الـمـائيِّ

جَـمْـرتُـهُ

حـمْـراءَ

في لُـجّـةِ الـمعـنى

تُـرصِّـعُـهُ

 

إنّ اخـطـبـوطي وحـبّـاري مَـعـاً

لَهُـما

ذاتُ الـكـيـانِ

هـنـا  عـنـدي

ومـوضِـعُـهُ

 

حَـبّـارُ مـاءِ  مُـحيـطـاتي

يُـسـارِرُهـا

وحِـبْـرُهُ

غـيـبـةٌ  صُـغْــرى

تُـبَـرقِـعُـهُ

 

إنّ الـمـحـيـطَ  مَـجـازاً

صـمـتُ رؤيـتِـهِ

أمّـا الـقـصـائـدُ خـلْـجـانـاً

فـأفـرُعُـهُ

 

إني أُوَقِّـرُهُ :

يـا  طَـوْطَـمـاً أبَـداً

مِـن لُـجّـة الـمـاء،

مـاءِ الـنـار مَـطْـلَـعُـهُ

 

يا الأخـطـبـوطُ

نـدائي إذ أضـيـقُ بِـهِ

ويـا أبـا الحِـبْـرِ إذ أرضـى

وأُسْـمِـعُـهُ

 

مِـن الـمـدائـحِ

أمـواجـاً  تُـسَـبِّـحُ  في

حَـمْـدِ الـذي رَخَـوِيّـاً

أيْ : أُضَـلُّـعُـهُ

 

أعـطـى الـقـرابـيـنَ :

هـذا  عُـرْفُ غـابَـتِـهِ

وكُـلُّ بَـتْـرِ ذراعٍ  مـنـهُ  يُـوجِـعُـهُ

 

للـغـاب وجـهـانِ:

بـدريٌّ يَـشِـعُّ سَـنـاً

ودامِـسٌ ،

شـائِـهُ الـتـكـويـنِ،

أبـشَـعُـهُ

 

يا أخـطـبـوطَ مـيـاهـي

لا يُغـادرُهـا

هـل فـيـكَ مِـثْـليَ

حُـبّـارٌ ومْـقْـبَـعُـهُ؟

 

حَـبّـارُ، عَـفْـوَكَ

إني  لَـستُ مُـتّـزِنـاً

ضـرْعُ الـزرافـةِ  يُـغـريـني

أأَرضَـعُـهُ؟

 

وقـد أنـامُ

عـلى  لَـسْـعِ  الـرؤى

عَـسَـلاً

والـنَحْـلُ يَـخْـتـمُ تـابـوتـي:

يُـشَـمّـعُـهُ

 

إنَّ اخـطـبـوطـي

مَـيـازِيـبٌ  مُـشَبَّـعَـةٌ

لا يَـكْـرَعُ الـمـاءَ

إنَّ الـمـاءَ  يَـكـرَعُـهُ

 

حـتّى الـدراهـمُ

ــ  هـذا سِـعْـرُ جُـثّـتِـهِ  ــ

تَـدري :

الـسكـاكـيـنُ  تَـقـطـيـعـاً

تُـقَـطّـعُـهُ

 

مـا أزْهَــدَنّـكَ

والأضـواءَ مُـعـتـزِلاً

فـي خـلْـوةِ الـقـاعِ

هُـمْ  قـالـوا: (تَـقَـوْقُـعُـهُ)

 

تَـروحُ  وحْـدَك

في مـرْجـانِ غـفـلَـتـهـا

بـيْـنِ الـغَـوارقِ

حـتى الـصـمـتُ تَـسـمَـعُـهُ

 

يَـبـيـتُ  قُـرْبَـكَ نـجْـمُ الـبـحـرِ

مُـنْـطَـفِـئـاً

حـتى الـصـبـاحِ

وتَـمـضي  لا تُـودِّعُـهُ

 

مـا  أمْهَـرَنّـكَ سَـبّـاحـاً

تُـنـاورُ  أيْ

أَيْ في تَـشَـفّـيـكَ بالـفَـرّاسِ

تَـخـدَعُـهُ

 

كـأنَّ

حِـبْـرَكَ  حِـبْـري لا تَـكـيـدُ بِـهِ

لـكِـنْ

تُـضِـلُّ  بِـهِ  كَـيْـداً  وتَـردَعُـهُ

 

وإنَّ حِـبْـرَكَ حِـبْـري

لا تُـحَـوّرُهُ

لـكـنْ يُـخـالِـطُ  أقـمـاراً

تُـشَـعْــشِـعُـهُ

 

وفي انـسـيـابِـكَ

مُـوسـيـقـاكَ سابِـحـةٌ

في الـروح

لا الـجَـسَـدِ الـلا بُـدَّ  نَـخْـلَـعُـهُ

 

صـدّقـتَ

أنـكَ وحْـشٌ تَـحْـتَ مَـرْكَـبِـهِـمْ

وإنْ صـعَـدْتَ إلى الـصـاري

سَـتَـقـلَـعُـهُ

 

كُـلٌّ وحُـبّـارُهُ

والـبـحـرُ مُـصْـطَـخِـبٌ

حِـيـنـاً

وحـيـنـاً بَـشـوشُ الـوجـهِ،

طَـيِّـعُـهُ

 

مُـذْ راحَ

يُـوغِـلُ بالأسـرارِ غـاطِـسةً

مـا عـادَ :

أسـطـورةُ الأقـدارِ تَـمْـنَـعُـهُ

 

تَـقـولُ عـنـهُ عـروسُ الـبحْـرِ:

يَـتْـبَـعُـهـا

كَـلّا:

وغـاويـةً  مُـذْ  كـان تَـتْـبَـعُـهُ

 

دنـيـا مِـن الـمـاءِ

نـاداهـا : أمـالِـحَـتي

لا  تَـجْـرَحِـيـهِ

فـإنَّ الـمِـلْـحَ يَـلْـذَعُـهُ

 

مـا قـلْـتِ حـقّـاً

ولا أصغـى

كـأنـكـمـا

لا ذاكَ يُـقْـنِـعُـهـا،

لا تِـلْـكَ تُـقْـنِـعُـهُ

 

تُـريـدُ مِـفـتـاحَهـا!

لـكـنْ أيـفـتَـحُـهـا؟

الـسـجـنُ  يَـكـبـحُ حـتّـى

لَـوْ تُـوَسِّـعُـهُ

 

حُـبّـارُ

يـا حـيـرةَ الأعـمـاقِ تَـدفَـعُـهُ

إلـى الـتـأمّـلِ فـيـهـا

ثُـمَّ تُـرْجِـعُـهُ

 

حـيـرانَ

أصـدافُـهـا  مِـن خـلْـفِـهِ جـبَـلٌ

والـدرُّ في واحـدٍ بالألْـفِ

يُـطْـمِـعُـهُ

 

وهـكـذا أدْمَـنَـتْ وَعْـداً

وأدْمَـنَـهـا

دنـيـا

يُـرمّـمُـها  فـيـهِ تَـصَـدّعُـهُ

 

يا ذا الـقـلـوبِ

بـثـالـوثٍ تَـضـخُّ رُؤىً

إلى الـذي مُـصـغِـيـاً

ضَـمّـتْـكَ  أضْـلُـعُـهُ

 

كـيـفَ اخـطـبـوطُـكَ حُـبّـاري؟

أُمـازحُـهُ

يَـردُّ :

أنتَ كلانـا، أنتَ أجـمَـعُـهُ

 

كـأنَّ مُـضْـغَـةَ أعـمـاقٍ

تُـبَـلْـغــمُـهـا

فـيـنـا

مِـن الـقَـدَرِ الِـتـرْيـاقِ، أنْـجَـعُـهُ

 

يـا  مَـن

تَـضـاريـسُـهُ هـذي الِـشِـعـابُ

كـمـا

لا يَـمَّ

إلاّ

إذا

تَـنْـغَـطُّ

إصْـبَـعُـهُ

 

ومـا اخـطـبـوطُـكَ حَـبّـاراً

سـوى لُـغـةٍ

خـضـراءَ مِـن ورَقٍ

في

الـقـاعِ

تَـزرَعُـهُ

 

حـتى إذا يَـبـسَـتْ

دَخّـنْـتَـهـا تَـبِـغـاً

عـسى فـراديـسُـهـا الـغـيْـمـاءُ

تُـطْـلِـعُـهُ

 

عـلى مَـدائـنِ رُخٍّ

راحَ يـأخـذُهـا

شـرْقـاً ويَـسـفـعُـهـا شـمْـسـاً

وتَـسـفَـعُـهُ

 

ويـا قـبـائِـلَ قَـبـل الـفـجْـرِ

طـافـيـةً

عـلى الـهـزيـعِ الـذي

عـيـنـاهُ تَـدمَـعُـهُ

 

لاوى يُـلاوي مُـلاواةً،

مُـرونَـتُـهُ

تُـغْـري الـظـنـونَ الـتي ظَـنّـتْ

تُـطَـوّعُـهُ

 

الـبحـرُ يَـزْهَــدُ

في دمْعٍ يُـشاكِـلُـهُ

لَـونـاً ومِـلْحـاً،

كَـأنَّ العـيـنَ بَـلْـقَـعُـهُ

 

يا مَـن تُـعَـذِّبُ مـلْـحَ الـمـاءِ

كَـمْ زبَـدٍ

يَـطـفـو عـلـيـكَ :

غـثـاءُ الـبحْـر أقـذَعُـهُ

 

وأنت تَـفـتـرشُ الأعـمـاق

معْـتَـزِلاً

إلاّ خـيـالَـكَ  جِـيـداً

أنتَ  تُـتْـلِـعُـهُ

 

بـهِ  نجـومُـك والأقـمـارُ

مـا أفَـلَـتْ

ولا الـشـمـوسُ

فـمـنـكَ الـضـوءُ مـنْـبَـعُـهُ

 

إنّ الـقـصيـدةَ

حُـبّـارٌ يَـجـودُ بهـا

لـو شَـحَّ يُـطْـفِـؤهُـا بُـخْـلٌ

يُـصِـدِّعُـهُ

 

مـنـهُ الـزواجـلُ

كـالـبَـرْقِ الـبـهـيـمِ

إذا

فـي اللـيـلِ طـارَتْ بـريـداً

لا تُـضَـيّـعُـهُ

 

في  عـيـنِـهِ صـحـوةٌ

مِـن جَـدْحِ  فـطـنـتـِهِ

فـلا تَـنِـمُّ عـلى مـا  كـانَ

يُـزْمِـعُـهُ

 

قـد لا يَـجيء الـذي

يا مـا تَـرَقَّـبَـهُ

إذ ذاكَ يَـجـتـرحُ الـمـا جـاءَ،

يُـبْـدِعُـهُ

 

اللـوذَعِـيُّ  بـلا حُـبّـارِهِ

قَـلِـقٌ

مَـن غـيْـرُ حُـبّـارهِ سِـرّاً

يُـلَـوْذِعُـهُ

 

مـا زالَ

لا شَـظَـفُ الأعـمـاقِ  يَـغـلـبُـهُ

ولا غِـنـاهـا  عـلى مـا فـيـهِ

يُـشْـبِـعُـهُ

***

جـمال مصطـفـى

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم