صحيفة المثقف

وأخيرا.. هل بدأت الحرب البايولوجية؟

الفايروسات كائنات صغيرة جدا لاترى بالمجاهر العادية بل فقط  بالمجاهر الالكترونية ويعتبر فيروس الكورونا من الفايروسات كبيرة الحجم ومن مجموعة فيروسات كان المعروف عنها أنها تسبب الزكام في الانسان حتى عام 2003 تاريخ ظهور السارس او المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة الذي يسببه احد فيروسات مجموعة الكورونا ثم تلاه في 2012 ظهور فايروس الميرس او متلازمة الشرق الاوسط التنفسية وهي مجموعة امراض تنفسية حادة تسبب التهاب شديد في الرئة قد يودي بحياة المريض.

 أُبلغت الصين عن مجموعة من حالات الاصابة بالتهاب رئوي شديد لأول مرة في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019، من خلال المكتب القُطري لمنظمة الصحة العالمية في الصين .وفي 11 و12 كانون الثاني/يناير 2020، تلقت منظمة الصحة العالمية  معلومات مفصلة  من لجنة الصحة الوطنية في الصين عن هذه الفاشية،ووفقاً للمعلومات التي أبلغت بها السلطات الصينية المنظمة، فقد أشارت التشخيصات الأولية التي أجريت في مدينة ووهان إلى إصابة 41 حالة بفيروس كورونا المستجد. ومن مجموع هذه الحالات، ظهرت أعراض مرضية حادة لدى 7 حالات منها. وأُبلغ في هذه المرحلة عن وفاة أحد المرضى، وهو مريض كان يعاني أصلاً من مشاكل صحية خطيرة وتم اخراج ستة مرضى من المستشفى. وبدأ ظهور الأعراض بين الحالات الـ41 المؤكدة خلال فترة امتدت من 8 كانون الأول/ديسمبر 2019 إلى 2 كانون الثاني/يناير 2020.

 وكانت المنظمة مطمئنة إلى جودة التقصيات الجارية وتدابير الاستجابة المطبقة في مدينة ووهان والالتزام بإطلاعها على كل ما يستجد من معلومات بشكل منتظم .وتشير الأدلة بشدة إلى ارتباط الفاشية بالتعرض إلى سوق مأكولات بحرية في ووهان، وقد أُغلقت هذه السوق في 1 كانون الثاني/يناير 2020. وتواصل السلطات الصينية عملها من خلال تدابير الترصّد والمتابعة المكثفة فضلاً عن المزيد من إجراءات التقصي الوبائي. اكتشفت السلطات الصينية نوعاً جديداً من فيروس كورونا (فيروس كورونا المستجد) وتم عزله في 7 كانون الثاني/يناير 2020. وأجريت الفحوص المختبرية على جميع الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس خلال مرحلة التقصي النشط والمراجعة للحالات. وأدّى ذلك إلى استبعاد المُسببات المرضية التنفسية الأخرى كالإنفلونزا وإنفلونزا الطيور والفيروس الغدّي وفيروس كورونا المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (السارس) وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية . وقدّمت الصين التسلسل الجيني لفيروس كورونا المستجد في 12 كانون الثاني/يناير، مما يكتسي أهمية كبرى للبلدان الأخرى التي ستتمكن من استخدامه في تطوير أدوات تشخيص محددة.ووفقاً للتقصي الوبائي الأولي، فإن معظم الحالات لأشخاص إما يعملون في سوق بيع المأكولات البحرية بالجملة أو يتعاملون معها ويزورونها بشكل منتظم.

  قامت منظمة الصحة العالمية بأعلان تفشي الاصابة بفيروس الكورونا وباءا عالميا او جائحة حيث غزا جميع القارات،تفشى المرض بسرعة واضطرت دول العالم لاتخاذ اجراءات شديدة لمنع اتنقال المرض بسرعة مما يؤدي الى انهيار النظم الصحية للدول بسبب عدم قدرتها على معالجة جميع الاصابات بسبب الضغط الكبيرعلى المستشفيات خصوصا وحدات الانعاش الرئوي .يعيدنا التفشي السريع لهذا الوباء الى اخر وباء تنفسي اجتاح العالم وهو ماسمي بجائحة الانفلونزا الأسبانية عام 2018 وهي وباء إنفلونزا قاتلة انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم وخلفت ملايين القتلى، وتسبب بهذه الجائحة نوع من فيروسات الإنفلونزا وتميز الفيروس بسرعة العدوى حيث تقدر الإحصائيات الحديثة أن حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بالعدوى وأظهروا علامات سريرية واضحة،  وما بين 50 إلى 100 مليون شخص توفوا جراء الإصابة بالمرض أي ما يعادل ضعف المتوفين في الحرب العالمية الأولى. تقتل معظم حالات تفشي الإنفلونزا الصغار جدًا والكبار جدًا، مع ارتفاع معدل النجاة لما بين العمرين، لكن وباء الإنفلونزا الإسبانية أدى إلى معدل وفيات أعلى من المتوقع عند الشباب البالغين. يقدم العلماء عدة تفسيرات محتملة لارتفاع معدل الوفيات بسبب وباء إنفلونزا عام 1918. أظهرت بعض التحليلات أن الفيروس قاتل بشكل خاص لأنه يسبب مايسمى ب(عاصفة السيتوكين)وهي اضطراب في مناعة الجسم، والتي تخرب نظام المناعة الأقوى لدى الشباب. في المقابل، وجد تحليل عام 2007 للمجلات الطبية من فترة الوباء أن العدوى الفيروسية لم تكن أكثر قوةً من سلالات الإنفلونزا السابقة، بدلاً من ذلك، فإن سوء التغذية والمخيمات الطبية المكتظة والمستشفيات ونقص النظافة الصحية يعززان من العدوى البكتيرية الإضافية، قتلت هذه العدوى الإضافية معظم الضحايا.

 بدأ الكورونا أجتياح العالم من الصين حيث ظهر اولا وتبادلت كل من الصين والولايات المتحدة الاتهامات  بخصوص المتسبب في ظهور الفيروس حيث نشرت تسريبات واشاعات تدعي بأن سبب ظهور الفيروس هو العادات الغذائية السيئة للصينيين حيث يتم استهلاك لحوم جميع انواع الحيوانات وخصوصا البرية والحشرات مما يؤدي الى ظهور امراض بسبب انتقال العدوى من الحيوانات الى الانسان حيث يشك بان الكورونا انتقل من الخفاش الذي يتناوله الصينيون في نوع من انواع الحساء،حيث كانت بؤرة ظهور الفيروس في احد اسواق الحيوانات في يوهان وتدعى اشاعات اخرى بأن الصينيين سرقوا عينات من الفيروس من الامريكان ثم فقدوا السيطرة عليها مما ادى الى انتشارها، فيما تدعي اخرى بأن الفيروس جزء من الحرب البايولوجية بين البلدين وان مختبرات صينية في يوهان قامت باطلاقه لخلق ازمة استطاعت الصين من خلالها استعادة اسهمها في الشركات على اراضيها، التي كان يمتلك أغلب اسهمها الاوربيون والامريكان، وعلى الجانب الاخر اي الصين فقد نشر الناطق باسم الخارجية الصينية تغريدة اتهم فيها الجيش الامريكي بنشر الفيروس في الصين، وردت امريكا على ذلك وطلبت سحب الاتهام وأكدت بان الجميع يعرف من المتسبب باطلاق الفيروس لتعيد التأكيد على اتهامها للصين بتسببها باطلاق الفيروس.ايران ومن خلال تصريحات بعض مسؤوليها اتهمت امريكا بالمؤامرة وانها ادخلت الفيروس الى الصين وايران واعتبرت ذلك اعلان للحرب البايولوجية عليها.

 سهل ظهور الفضائيات ووسائط التواصل الاجتماعي تناقل الاخبار والتحليلات فيما يخص الوباء حيث يطلع الناس في جميع انحاء العالم على تطورات المرض بشكل مستمر وعلى تصريحات المسؤولين السياسيين والدينيين والصحيين، ويتم تناقلها بشكل فوري كما يتم تناقل اخبار المال والاعمال والركود الذي يصاحب انتشار الفيروس، وتعليق رحلات الطيران وغلق الحدود بين دول العالم واغلاق المدارس والجامعات والطلب من السكان الاعتكاف في بيوتهم لمنع انتشار الفيروس،وصاحب ذلك نشر الاشاعات والاخبار والمقترحات والنصائح للوقاية من الفيروس من قبل المختصين ومن قبل بعض الناس الذين يبتكرون طرق لصنع الكمامات واخرى لتقوية المناعة واخرى تتهكم على المرض والهلع الذي اصيب به بعض الاشخاص .الناس منقسمون بين مجموعة غير مهتمة وتعتبر الامر لا يعنيها ومستمرة بنشاطاتها واخرى مصابة بهلع كبير وخصوصا بعد تناقل وسائل التواصل والفضائيات ما حدث في ايطاليا وهو ما لم يكن الناس والحكومة متوقعين حدوثه،حيث ادى عدم الاهتمام والالتزام بأجراءات الوقاية الى انتشار المرض سريعا و الذي ادى الى انهيار النظام الصحي واضطرت الحكومة الى منع التجول وايقاف جميع النشاطات لتوقف انتشار المرض.

  يعتقد أن الحرب بشكلها الاقتصادي والعسكري التقليدي او غير التقليدي بين امريكا والصين آتية لا محالة،حيث أن امريكا لن تسمح للصين أن تحل محلها كاكبر اقتصاد في العالم وأن امريكا اذا لم تصل الى اتفاق في عام 2020 مع الصين فأن هذا العام هو عام الحرب لأن الصين تسير بخطوات سريعة نحو المرتبة الاولى في الاقتصاد والتقدم التكنولوجي وان الحرب بكل انواعها قد تستخدمها امريكا ضدها والحرب البايولوجية من الممكن أن تكون احدى الادوات التي قد تستخدمها امريكا ضد الصين وغيرها من اعدائها او منافسيها.والحرب البايولوجية تتم باستخدام الكائنات الحية  ضد الانسان وبيئته والجمرة الخبيثة من اشهر الاسلحة البايولوجية التي اتهمت بها بعض الدول كالعراق ويقال أن امريكا وروسيا تحتفظان  بفيروسات الجدري كسلاح بايولوجي لحد الآن بالرغم من القضاء على المرض منذ عام 1975. ما يحدث في العالم من مواجهة مع هذا الوباء لم يحدث سابقا والكل متعجب من سرعة التطورات والايام او الاسابيع القادمة ستطلعنا على قدرة الانسانية على التعامل مع هذا الوباء وما سيسببه من خسائر . ما حدث وسيحدث خلال الاسابيع القادمة كارثة حقيقية تصيب البشرية لم يحدث مثلها منذ الحرب العالمية الثانية ككارثة ومنذ وباء الانفلونزا الاسبانية عام 2018 كوباء ومن المؤكد أن الدول الكبرى كامريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا واليابان تعلم ماذا يحدث وتخفى الملومات عن الجمهور لاسباب سياسية واقتصادية ولكن مهما تم اخفاء المعلومات سيأتي يوم سيضطر الجميع لكشف المعلومات خصوصا مع التقدم الحادث في تناقل المعلومات وأن غدا لناظره قريب.

 

د. احمد مغير

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم