صحيفة المثقف

حوارٌ بينَ كيوبيد وكوفيد

عاطف الدرابسةنصٌّ غيرُ صالحٍ للقراءةِ ..

بينَ كيوبيد وكوفيد :


كيوبيد:

انهضُ من غُبار الأساطيرِ

بيدي سهمي ، والحنين 

لأكونَ حُبَّاً يعيشُ في الدَّمِ المسكونِ

والعُيون ..

 

كوفيد:

هذا الزَّمانُ ليسَ لك

احملْ أشواقكَ وارحل 

فهذا زمني وعصري

فقد امتلكتُ الأرضَ

والفضاءَ

والجسد

سأبعثُ الحياةَ في نفوسِهم

سأُخلِّصهم من الجشعِ

والطَّمعِ

والتَّلوِّثِ

والفساد ..

 

كيوبيد:

أنتَ قاتلٌ 

لا تحملُ لهم إلَّا الموتَ

والعزلَ

والحصار

حرَمْتَهم من العطسِ

والسُّعال

من القُبلِ 

ومن عناقِ الأنفاس

سرقتَ ليلَهُم وأفراحَهم

وجعلتَهُم كالمنبوذينَ

كأوراقِ الشَّجرِ على الطَّريق ..

 

كوفيد:

لم تشربْ يوماً نبيذَ الرَّأسماليَّةِ

ولم تُعانِ من حرمانِ الشُّيوعيَّةِ

لم تشهدْ عصرَ داعشَ

ولم تشهدْ جشعَ ترامب

ولم ترَ أشلاءَ الأطفالِ

في الشَّوارعِ والأرصفة

ولم تشهدْ يوماً كيفَ تبتلعُ البحارُ أجسادَ الأطفال ..

 

كيوبيد:

أعودُ لأزرعَ الحُبَّ في النَّخيلِ

أحملُ الأحلامَ للنَّاسِ

وأُعيدُ للرَّبيعِ أغانيه

وأبني أوطاناً في النُّفوسِ

بلا خوفٍ أو إرهابٍ

سأُعيدُ العُيونَ لهذا الكون

وأُعيدُ النَّبضَ للقلوبِ القاسية

لتخفِقَ بالإيمان ..

 

كوفيد:

مَن حوَّلَ مجرى الأنهار ؟

مَن حوَّلَ مجرى الرِّياح ؟

مَن رسمِ الكونَ بالدَّمِ ؟

مَن علَّمَ الأطفالَ لغةَ البنادقِ ؟

مَن جعلَ الأرضَ مقبرةً ؟

ومَن جعلَ الأُفقَ دُخان ؟

 

كيوبيد:

لا أريدُ أن أدخلَ في صراعٍ معكَ

ما أتيتُ إلَّا لأملأَ القلوبَ حُبَّاً 

وأُعيدَ النَّغمَ لفمِ النَّاي 

وأنثرُ ألحاني على أغصانِ الشَّجرِ

وأبني بيوتَ الشَّمعِ للعسلِ ..

 

كوفيد:

هذا العالمُ مغرورٌ

متكبِّرٌ

مُتغطرِسٌ

أعمى

ما غزوتُهُ إلَّا لأزرعَ في أعماقهِ الضَّمير ..

 

كوبيد:

هذا سهمي

سأُطلِقهُ في قلبِ الظَّلامِ

كأنَّهُ ضوءُ الصَّباح

فليسَ لديَّ اختيار

لولا الحُبُّ ما ثارت ريحٌ

ولا اشتعلتْ نار ..

 

كوفيد:

كلانا يا صاحبي وجهانِ لحضارةٍ واحدةٍ

الحُبُّ والموتُ:

ففي حُبِّكَ موتٌ

وفي موتِي حُبٌّ ..

 

د.عاطف الدرابسة

....................

كيوبيد لمن لا يعلمُ هو ابنُ الآلهةِ فينوس ، آلهةُ الحُبِّ والجمالِ عندَ الرُّومانِ ، وكانَ جميلاً يحملُ سهماً ، وكانَ سلاحُهُ القوس ، إذا أصابَ سهمُهُ أحداً مسَّهُ حُبٌّ جُنونيٌّ ، وهذا هو أصلُ رمزِ القلبِ ، والسَّهمِ.

وقد أُصيبَ كيوبيد في أحدِ الأيَّامِ بسهمهِ فجرحَهُ ، وجعلهُ يقعُ في غرامِ امرأةٍ تُدعى بسايكي .

أمَّا كوفيد فهو ڤايروس كورونا ، وتعني هذه الكلمةُ باليونانيَّةِ " الإكليلَ " ، ويسمَّى الڤايروس التَّاجي ، أو ڤايروس الهالةِ ، أو الڤايروس المُكلَّل .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم