صحيفة المثقف

ربيع كورونا

انعام كمونةهدت معاقل الإنسانية وغربلت الحب في افك المدعين، فأصبحت مهد الموت وسبيل هجر بقيد الفراق، لن يخمد جوعها مصل دواء ولا يطاوع فتكها أي جرعة علاج، فالأسقام  خلايا بيتها والشهيق سكنها،هي سلطة  وباء بلا دواء  ثورة تسونامي عاصف بزلزال الوجع يداعب رقاب البشر فيطيح بالعروش والدول، قاسية الإعصار معاندة متكبرة تستحوذ ريحها على جغرافية خطوط الطول ودوائرالعرض فتستبيح البشر من قطب لقطب بلا عذر ييرر حضورها أو قانون يسمح لها، فوضى من الم  تجتاحنا طقوسها الحمقاء  بلا ضمير، تودعنا على مهل سخرية حانقة، أهي وليدة المحيط  والبيئة أو خطا بيولوجي اطلق عنانه  دون دراية أو بصمت متعمد لتجربته على جرذان ناطقة، هكذا لا قيمة للإنسان في عقول باذخة الاستخفاف بمصير الوجود البشري، قد يكون طمع استفحل باقتصاد ربة التجارة والدول الشرهة ..؟!، لا نعرف كل له رأيه واجتهاده وتخمينه مما توثق بيده أو توجس بطابع معرفته باستقراء ذاتي..!!، فلا نفع لنبوءة صراع تنقذنا ولا توقع بصيرة لحكمة فنحن على حافة الهلاك ابينا ام رضينا القرار لحضرة فايروس كورونا بعد فشل كل المحاولات للقضاء عليها وبتنظيرات إدارة منظمة الصحة العالمية وروادها في ذهول لا يحمد عقباه...

 -  الا انها صارمة العدالة بين كل البشر فلا عنصرية ولا طائفية تميل لها ولا فقير أو غني تفرق بينهم، هجومية القسوة،  تعايشية الطباع كمصالح الغرب، حين تباغت الحواس تعشعش في الخلايا الرطبة، وتستنزفها لتتكاثر فتنمو ملتصقة بحرية غاشمة وسرعة توالد فتاكة في رئات الجميع، سواسية بلا استثناء،تصيب بلا انتقاء ببصيرة أعمى يأكل الأخضر واليابس عديم الرأفة، فهل هي ملحمة اسطورية فاقت بقية الأوبئة وحرب شعواء مجهولة الهوية اشعلت قلوب البشر بالرعب والجزع ...

-  فاجتياح كورونا للقارة الأوربية والأمريكية وهم في أعلى المستويات الصحية، كما  وانتشاره السريع في كل القارات أرهق الشعوب وحكوماتها التعبوية، فتقف عاجزة عن محاربته والقضاء عليه أو حتى التقليل من مستوى هجومه بشتى الطرق، فقد هزأ كورونا فايروس بكل ما تنعمت به من تقدم علمي وتطور تقني، فصُقع قلب غرورهم  وصُفع وجه كبريائهم الوحشي  وسُخر من كل مخططاتهم العدوانية على دول مسالمة بالحروب والقتل، فانتصر كورونا على كل ذكاء وهزمت  ارقى تكنولوجيا حديثة التطور توصلوا اليها  لإنقاذهم من الهلاك المحتوم ...

-  ونحن مجبرون على  الحجر في بيوتنا متسمرون امام شاشات التلفزيون  نتابع الأخبار علنا نتنفس الصعداء فنختنق أكثر مما نرى ونسمع من موجات موت، يلتفعنا  الياس والقنوط  على ما ينشر في رحاب الميديا الواسعة  من استنفار الدول بكل ما تملك من جيوش طبية لمجابهة دفاعية وامكانيات تقنية حديثة كلها باءت بالفشل، فعمدت لبث اقصى حدود الوعي بين شعوبها علها تنقذ ما يمكن انقاذه بأبسط السبل فلا باليد حيلة الا رحمة الرب، هكذا لتواجه مصيرها بلا اجتماعات ولا اتفاقات ولا بروتوكولات ولا تعاون طبي بل لجأت للانعزال والحجر وعدم التواصل بل بالاستنجاد بدول أخرى خاضت  التجربة كما في ايطاليا التي طلبت المساعدة من الصين، فزودتها الأخيرة بخبراء ممارسة وبعض المعدات علها تعينها على مصابها الأليم فلا مكان لدفن الأموات بعد، هكذا أذل هذا المخلوق الصغير دول عظمى وتغلب على كل اختراعاتهم وعبقرية تقدمهم العلمي، فتخلت عن كل صمودها المترافع وتكبرها الأنفي واثبتت الدول المتغطرسة ضعفها وفشلها وعدم قدرتها لمحاربة كائن صغير لا يرى بالعين المجردة، والله في خلقه شؤون..!!

  -   ويبقى التساؤل بفضول لاهث هل ستمر الأزمة عالميا دون القضاء على حماقة كائن غير مرئي متناهي الحجم  وعدو غير مرئي يعمل في الخفاء، التهم وسيلتهم آلاف  البشر وقد يزداد هجومه فتحدث كارثة بشرية، فلديه متسع من الوقت بما يلائم تصديه الشرس من ظروف بيئية ملائمة حسب تصريح منظمة الصحة العالمية، لربما هو الدرس الإلهي الشديد البأس لتنبيهنا بالالتفات لخالق السماوات والأرض كي تسترجع عقول تباعدت عن دينها وشغلتها الدنيا بحلاوتها بوجهات نظر مختلفة الحجج  وتناست ضعف كينونة البشر بعدم فهم حدود قدرة الأنسان على الخلق مهما وصل لدرجة من العلم والمعرفة، ومما يثبت عجزه  لمواجهة هذا الكائن المهين البطل، فكل المجتمعات المتحضرة  تقف مكتوفة الأيدي فاغرة عقولها امام عبقريتها  الجاهلة  لفهم كنه فايروس متناهي الصغر رغم اختراقها الفضاء وابحارها بين المجرات ...

-  وببالغ الخوف والهلع  نتابع الأخبار العاجلة التي تحصي عدد الأموات المرعب ونحن ننتظر ان يحين موعدنا امام الكم الهائل من المصابين والمعرضين للإصابة ..!! ويبقى حال العراق كأي دولة خصصت مستشفى للحجر الصحي كما يتفق أن تكون !! بأبسط التجهيزات والمقومات الصحية، مثل اسرة قليلة  وقناني اوكسجين وبعض المختبرات البسيطة بحجة الأنشاء الجديد فهل كل مريض يحجر مصاب بكورونا فقط  أن اثبت ذلك، أكيد لا  فكثير من لديهم امراض مناعية حجروا  بلا تشخيص طبي للإصابة  بفيروس كورونا فقط لأن مناعتهم مشكوك فيها، وبعد تجريدهم من اجهزة طبية  ضرورية تعني لهم الشفاء والحياة والأمل وهذا موتا محقق  لا محالة وقتل متعمد فكيف يثق المريض واهله بكوادر يعتمد عليها في المعالجة غير مؤتمنة علميا ..؟، الم يكن التشخيص المختبري والتحليلي هو الأولى، فالمعروف عن أعراض الأمراض المناعية تختلف كليا عن أعراض المصابين بفيروس كورونا  ومنهم من تكون مناعتهم ضعيفة ليبقوا تحت اشراف الأطباء أو تصفير مناعتهم من أجل العلاج بتوجيهات طبية وبما تستوجبه أجسامهم نتيجة عمليات زرع وجرعات دوائية موصى بها، ومع هذا ينقلون الى حتفهم المجبر و يلقون في زنزانة الموت  بلا أي تجهيزات يحتاجونها وتساهم سوء الحالة النفسية  بنفيهم لمثواهم الأخير بلا وداع، وبقلة الخبرة للكادر الطبي ومن الخوف المصاحب لهم  يبقى الشك يحوم بقلوبهم  وهم كادر مشرف وعلاجي اضافة ما يلعبه الدور الغير الإنساني فهل سيتعافى المريض في حجر غير صحي مجرد عزله وتركه يصارع الموت تحت ناظريهم بمراقبته عبر شاشات خارجية فأي رحمة ستنزل علينا ونحن نراقب الموت لمريض معتل بمرض آخر بلا عناية طبية ولا توفير معدات  لمساعدته أيوجد أسوء مما نحن فيه من إهمال متشفي فلا استغراب اذ لا قيمة لحياة ومشاعرالبشر !! ..

- اليس مهنة الطب انسانية قبل كل شئ، فاي انسانية لطبيب لا يستطيع ان يمد المريض بما يحتاجه من علاج او يوفر له اي جهاز يحتاجه حسب حالته فهنا تتجلى فشل المؤسسات الطبية بالاهتمام بالمرضى وعدم العناية الطبية ليس على عاتق الطبيب فقط بل لكل كوادر المستشفيات من ضمنهم الممرضين والكثير لا يشعر بأهمية المسؤلية الملقى على عاتقه وهذا يجسد أهمال صارخ وتعامل فاضح يدل على ضعف الدولة وتسرب الجهل وتفشي الموت عمدا،فاين نحن من بقية الدول والتي رغم تقدمها العلمي والطبي والتكنولوجي فشلت بمقاومة المرض وسلمت امرها للسماء فالويل لبلدنا العائم فوق المزابل والقاذورات والإهمال المستعر والاستعمار الظالم  والعراق من اغنى الدول،فهل ندع لومنا لقضاء والقدر ونحتوي حزننا على مضض العتاب،ونحن نفقد عزيز وقريب ومحب بلا ادنى شعور بالمسؤلية من الجهات المعنية فاين تولوون وجوهكم يا ..؟؟

 

إنعام كمونة

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم