صحيفة المثقف

العِراقُ بَيْنَ البَلاءِ والوَباء

ابراهيم الخزعلي"لا تشكو للناس جرحاً أنتَ صاحبهُ

لا يُؤلِم الجرح إلاّ مَنْ بِهِ أَلَمُ"

 الأمام علي بن أبي طالب (ع)

 إنَّ كل ذي جرح، إنْ تنكأ جرحه، تتفجر الآلام من أعماقه، فتنبعث الذكريات منه أنّات وآهات وأحزان، والصمت الذي فيه بعض سكينة، يسيل دموعا من دَمٍ على الخدّين !

نعم ..

اليوم حين استيقظت صباحاً، وكالعادة مددت يدي الى الهاتف المحمول الذي هو على الطاولة التي جنب سريري، لأرى ماذا في الواتساب، فرأيت أحد الأصدقاء قد بعث لي بـ (مقالة)، بعد ان تلقّاها من آخرين .

فكانت (المقالة) هي لأحد الضالين من أيتام الجرذ المقبور، وهو معروف للآخرين، صاحب صحيفة ألكترونية، يُنَفّس بها عن حقده وحقد فصيلته المهزومة ومن لفّ لفّها، ليبثوا من خلالها سمومهم، وأنفاسهم الموبوءة بوباء (كورونا الصدامية)، فجعل من نفسه اللئيمة والأمارة بالسّوء والخبث، المتحدث باسم شريحة كبيرة من الشعب العراقي، الذي يَعتبِر نفسه، هو منها، وبأسلوب ماكر، وملتوٍي، كالأفعى تتلوّى في حركتها حتى تصل الى مبتغاها . ظن وهو يشعر في قرارة نفسه انه سيخدع الآخرين بما يطرحه في مقالته، وكأنه نسي أو حاول ان يتناسى الواعين من أبناء الشعب العراقي بأنّهم يعرفونه حق المعرفة، ويعرفون تأريخه جيّدا .

فهذا ليس أقل خطرا من تلك الوحوش الكواسر على أبناء شعبها، وليس أقلّ خبثاً وجبنأً من أؤلئك، حين جاء العدو القذر المحتل، وقد تركوا قصور بغيهم وفجورهم وجرائمهم، فارّين كالفئران النتنة الى جحورهم التي ولدوا فيها، وهم يرون ويعلمون ماذا يفعل العدو الأمريكي وحلفائه الغزاة القتلة بالعراق وشعبه .

هذا البلد الذي بنى صرح أول حضارة إنسانية على كوكبنا، بقدرات أبنائه، وبمختلف الوانهم وأطيافهم الجميلة، حيث علموا البشرية كيف يبني صرح الحضارة الأنسانية الخلاقة، بقدراتهم الجبارة، وإرادتهم القوية وعزيمتهم الصلبة.

وكأنّ مهازل الأقدار خبأت للعراق ولشعبه ثلة من الأوباش وزمرة من المنبوذين والهمج الرعاع ليسفكوا الدماء ويستبيحوا البلاد والعباد، والأرض والعرض، ويحرقوا باحقادهم الدفينة ونفوسهم المريضة، كل ما هو خير، فارادوا ان يطفئوا نور مجد العراق واشعاعه بأنفاسهم الكريهة، ويهدموا ما بناه الآباء جيلاً بعد جيل !

فمنذ سقوط سيدهم وفرار أيتامه، تاركين العدو الأمريكي وحلفائه في غزو بلاد مابين النهرين (ميسوبوتوميا) وأهله يهانون ويُذبّحون على أيدي الغزاة القذرين الذين استباحوا العراق ودنسوا ارضه المقدسة، إستكمالاً لجرائمهم في حقبتهم السوداء، والعصابة الفاسدة والمجرمة التي عانى العراق وشعبه أقسى الويلات منها، في مطلع الخمسينات .

أجل..

فالمدعو (...) يروّج دائما للصداميين مقابل أموال السحت، بالأضافة الى حقده ودناءته التي تدفعه الى هذا السلوك، وقد قال أمير المؤمنين الأمام علي عليه السلام قبل 1400 عام، واصفاً مثل هؤلاء :

" ما أضْمَرَ امْرِؤٌ شَيْئأً إلّا وظَهَرَ في قَسَماتِ وَجْهِهِ، وفَلَتاتِ لِسانِه ".

فهذه (الكورونا الصدامية) الموبوءة بالحقد والكراهية والبغضاء، والمغموسة بدماء الشعب العراقي الجريح، لتتفشّى عدوانيتهم ووباء لؤمهم وسموم شرّهم بين ابناء الشعب العراقي بمختلف الوانه وأطيافه، بحجة انهم مع الشعب ضد الفساد الحكومي في المنطقة العفناء .

 ويقينا لا يصاب بعدوى خبثهم وحقدهم وجرائمهم المفضوحة، الواضحة الأعراض، إلاّ ضعاف النفوس، ومَنْ ليس لديه معرفة الوقاية من وبائهم، حيث لا يستطيع ان يشخص (كورونا أزلامهم المجرمين القتلة)، هؤلاء الذين لازالت دماء الشعب العراقي تقطر من أنيابهم المسمومة، وأياديهم القذرة، فلنكن حذرين ويقظين دائما من وباء (كورونا الصداميين) لأنّهم اخطر من الوباء الحالي المتفشي (كورونا)، فهذا الوباء والحمد لله لم تكن إصابات ابناء الشعب العراقي به، إلّا بعض الأشخاص المعدودين، ولم تُذكر ضحايا من الشعب العراقي نتيجة هذا الوباء، بينما وباء (كورونا ازلام الجرذ المقبور منذ ان تم تصنيعهم في المختبرات الصهيونية العالمية وإطلاق اسم (البعث) عليهم ودسّهم بين أوساط المجتمع العراقي في مطلع الخمسينات على يد فؤاد الركابي الذي أقبروه هم بأنفسهم بقتله بسجونهم، هذا وقد عانى الشعب العراقي من خبثهم وجرائمهم، فراح الكثير من الضحايا منذ يوم ابتلي العراق بهم،ولحد الآن ضحايا وبائهم لا تعد ولا تحصى، ومذ بدأت جرائمهم في الخمسينات، (قبل ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة بقيادة الشهيد البطل عبد الكريم قاسم ورفاقه عام 1958) وبعد انتصارها، ومن ثم الجريمة الدموية الكبرى في الثامن من شباط الاسود،والأطاحة بثورة الرابع عشر من تموز الفتية وسفك الدماء التي سالت انهارا في شوارع العراق، وسجونه وملعب الشعب في بغداد، حيث لم يقف وباء كورونا البعث المدمر للشعب والوطن عند ذاك الحد(شباط الاسود 1963)،لانه لم يتم القضاء عليه والتخلص منه نهائياً، وبعد فترة من الزمن، ليست بالطويلة، وفي ظلمة من الزمن، وإذا بوباء (كورونا البعث) يظهر من جديد في اليوم المشؤوم (السابع عشر من تموز 1968)، وما إدراكم ما اليومان المشؤومان في تأريخ العراق المعاصر..!  الثامن من شباط الأسود 1963 واليوم الآخر المشؤوم هو السابع عشر من تموز 1968، وما جلبا للعراق والعراقيين من كوارث، ومن بلاء ووباء إجرامي لا مثيل له .

 فهل هناك من أحد من الشعب العراقي ومن المثقفين الأحرار في الوطن العربي والعالم أجمع لا يعرف ماذا حل في (الثامن من شباط الأسود 1963) على العراقيين وهل تنسى الضمائر الحيّة الشريفة، ضحايا الوباء الأعظم الذي عَمَّ العراق أرضاً وشعباً، فشمل البشر والشجر والحجر، لا بل تفشى وباء (كورونا البعث الإجرامي) , فَعَبَرَ حدود العراق من كل جوانبه، والكل يعرف كم من الضحايا العراقيين عندما هيمن الظلام بشؤمه على العراق والعراقيين في اليوم النحس (السابع عشر من تموز 1968)، حتى استفحل حينها وباء كورونا البعث الصدامي، نتيجة تزاوج وتلاقح فيروساته الخبيثة المدمرة، فظهر الفايروس الفتاك الأخطر والأعظم، الذي دمر وفتك حتى بعناصر فصيلته، وطغى على كل الفايروسات الوبائية المدمرة التي سبقته في تدمير العراق وشعبه، وهذا الفايروس المدمر، هو وباء(كورونا البعث الصدامي)، الذي فتك بأكثر من مليونين ونصف المليون عراقي وإيراني بوبائه الفتاك الذي دام ثماني سنوات من الموت المجاني، من غير المغيّبين في السجون والزنزانات المظلمة .

وحين نفذ صبر العراقيين، ولم تبق طاقة للتحمل أكثر، إتحد الشعب العراقي بكل قواه للقضاء على ذلك الوباء البعثي الصدامي الفتّاك، فخرج  الشعب العراقي بكل عزيمة واصرار للتخلص منه بانتفاضة آذار (الشعبانية) 1991،

فطُهّرت الانتفاضة، خمسة عشر محافظة عراقية من وباء أزلام (كورونا) العصابة الحاكمة، من مجموع ثمانية عشر محافظة، وكاد التخلّص من وباء (كورونا البعث الصدامي) وللأبد، لو لا تآمر قوى الشر العالمي وعلى رأسها أمريكا، الذين ما أرادوا أن يعيش العراق وشعبه آمناً مطمئنأً، مثلما تفعله اليوم امريكا بحربها الجرثومية القذرة، وتصنيعها للفيروس الجديد المسمّى (كورونا) الذي اتخذته سلاحاً آخر في حربها ضد الشعوب الآمنة .

والتأريخ الأجرامي لأمريكا بحق الشعوب هو أكثر من كل الكتب والمجلدات التي دونت ذلك.

 ففي الحروب التي شنتها أمريكا وقوى الشر العالمي على العراق، تبيّن لأمريكا أن الشعب العراقي هو أكبرمن مؤامراتهم وخبثهم، وان العراقيين الأباة عرفوا أن تلك القوى الشريرة التي جاءت من وراء البحار والمحيطات، هي لغزو العراق،(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً)  وليست لمساعدتها في التخلص من الدكتاتورية الصدامية، ولم يكن يوما في التأريخ الأنساني أن الغزاة محررين لشعب ما من الظلم والعبودية، والذين يعوّلون على أمريكا في تحقيق ما يتمنونه أمّا هم عملاء لها وأما هم مُخطِئون .

 مما دفع الشعب العراقي حينها في أخذ المبادرة بنفسه في التحرر من الظلم ومن (فيروسات كورونا السلطة) المتفشية في البلاد . ولهذا السبب الذي لم يرق لقوى الشر العالمي المتمثل بأمريكا وحلفائها المجرمين القتلة، فسمحت للعصابة المتحكمة برقاب الشعب، باستخدام الجو، وبأبشع الأساليب الأجرامية للقضاء على الثوار الأحرار والأبادة الجماعية لهم. هذا بالأضافة الى همجية القمع السلطوي الصدامي، حيث لم تكتف أمريكا وحلفائها الأشرار بالسماح باستخدام الطائرات السمتية والمروحية في قمع انتفاضة الشعب، في الوقت الذي كان الحظر الجوّي ساري المفعول على الحكومة الصدامية بسبب غزو للكويت، ولم يتوقف الخبث الأمريكي وخبث حلفائه عند حدود قمع الأنتفاضة الشعبانية بواسطة أداتهم صدام، بل اندفعوا بعدوانيتهم الشريرة في فرض الحصار الأقتصادي الظالم على الشعب العراقي الذي أدى إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء الحاد وافتقادهم الى أبسط وسائل الحياة، بالأضافة الى ضحايا إنتفاضة آذار (الشعبانية) الذين لا يُعَدّون ولا يُحصَون .

أليس (فيروسات كورونا البعث الصدامي) كانت وما زالت أخطر وباء يعاني منه العراق وشعبه؟

وما المقابر الجماعية إلّا شاهداً أمام الله والتأريخ والضمير الأنساني الحر الشريف، وهي مآذن ترفع شكواها لرب السماء، ونواقيساً تُذَكّرُ الأجيال بما جرى من ظلم علي أيدي أزلام العصابة الحاكمة أنذاك التي فاق إجرامها على كل من سبقها من إجرام في العالم والتأريخ، ومن اوبئة وطاعون، وإذا لم تُسَجِّل (موسوعة جينيس) ضحايا وباء كورونا البعث الصدامي، فان ذاكرة الأجيال المتعاقبة هي الأكبر والأصدق من كل موسوعة، والذاكرة النابضة بالحس الأنساني الحر الخلاق، هي التي تكتب التأريخ الحقيقي، وليس الأيادي الموبوءة بكورونا الإجرام الصدّامي الفتاك، والتي لم تزل تفتك بالعراقيين على مختلف اطيافهم وألوانهم بوباء جرائمها ودناءتها ولؤمها وحقارتها، فلا يحق، ولا ينبغي ولا تسمحوا لمثل هذه الأقلام المأجورة والمسمومة أن تكتب عن مأساة العراق وشعبه وعما يجري، وأياديها مازالت تقطر من دم الشعب، لتحرّف الكلم عن مواضعه، فتُظهر نفسها تتباكى على حال العراق، بينما هي على العكس من ذلك تريد أن تكتب على مقاييس أسيادها، ولتقلب الحقائق البَيّنَة للجميع، بمقدار وبحجم السحت الذي يملأ كروشهم العفنة.

 فلتخرس كل الألسنة التي تشعل نيران الفتنة بين الشعب العراقي وبين ألوانه ومذاهبه ومعتقداته وأطيافه الجميلة، ولنكن حذرين من (فيروسات كورونا البعث الصدامي) مثل حذرنا من الحرب الجرثومية الأمريكية (فيروسات كورونا) التي صنّعتها للقضاء على الشعوب الأمنة التي ترفض العبودية والتبعية لها، وتتطلع الى الحرية والغد المشرق الخالي من كل وباء واستعباد .

 

الدكتور ابراهيم الخزعلي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم