صحيفة المثقف

الصلاة في بيوتكم

معراج احمد الندويتحول  فيروس كورونا الذي وباءعالميا يهدّد الإنسانية جمعاء، يستهدف إلى كل إنسان على الكرة الأرضية، ولا يفرق بين شخص وآخر في انتشاره وانتقاله. يشكل هذا فيروس خطراً صحياً يهدد سلامة البشرية كلها، ويسهم بشكل دقيق في إعاقة الجهود الدولية وجهود منظمة الصحة العالمية الساعية إلى القضاء على هذا الوباء العالمي.

لقدأكدت المنظمة العالمية أن هذا الفيروس سيكون سبباً في وفاة الكثير من الأشخاص خلال الأيام المقبلة، وبناء على الرأي لمنظمة الصحة العالمية وسائر المنظمات الصحية بمختلف دول العالم التي تؤكد الخطورة الشديدة للتجمعات في نقل فيروس كورونا المستجد وما يشكله ذلك من خطورة داهمة على حياة البشر.

مع انتشار فيروس كورونا وتحوله إلى وباء عالمي، ومع تواتر المعلومات الطبية من أن الخطر الحقيقي للفيروس هو في سهولة وسرعة انتشاره، وأن المصاب به قد لا تظهر عليه أعراضه، ولا يعلم أنه مصاب به، وهو بذلك ينشر العدوى في كل مكان ينتقل إليه، ولما كان من أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار.

راح فيروس كورونا يمنع المسلمين من التوجه إلى المساجد، ولأول مرة تُغلَق المساجد والحرم المكي الذي بكاه الكثيرون، بعدما بدا خاليا من المعتمرين، وراح صوت المؤذن يصدح عبر مكبرات الصوت في العديد من العواصم الإسلامية "صلّوا في رحالكم"، في مشهد لا يبعث إلا على الحزن والخيبة ويدفع المؤمنين إلى التضرع إلى الله.

ولا شك أن خطر الفيروس أعظم من مشقة الذهاب للصلاة مع المطر، فالترخص بترك صلاة الجمعة في المساجد عند حلول الوباء، ووقوعه أمر شرعي ومسلم به عقلا وفقها، والبديل الشرعي عنها أربع ركعات ظهرا في البيوت، أو في أي مكان غير مزدحم.

يذكرنا فيروس كورونا بأننا جميعا في سفينة واحدة،، يذكرنا كورونا في أول مرة في التاريخ بأن جميع سكان على كوكب الأرض مصيرهم مشترك، فالجميع يهدف إلى الوقاية منه، والجميع يسعى إلى ابتكار علاج يوقف تمدّده وانتشاره السريع.

اليوم يوم الجمعة وسيظهر صوت مؤذن من المساجد وهو يختم الآذان بـجملة "الصلاة في بيوتكم بإيقاف خطبة وصلاة الجمعة والجماعة في المساجد وحتى إشعار آخر كإجراء احترازي خوفا من انتشار فيروس كورونا، لأأن "صلاة الجمعة تسقط عن المسلمين في حال انتشار وباء. "صلوا في بيوتكم"، آملين من الله عز وجل أن يرفع الغمة، ويدفع عن المسلمين وعن البشرية وباء كورونا.

إن توقيف صلاة الجمعة من الإجراءات اللازمة ترمي إلى الوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره، لكن مع الإبقاء على رفع الآذان حيث يقول المؤذن "صلوا في بيوتكم"، بدلًا من حي على الصلاة حي على الفلاح. ويجب على المسلم أن يردد خلف المؤذن بالصيغة الجديدة " لا حول ولا قوة إلا بالله".

لا شك في أن سماع نداء "صلوا في بيوتكم" من المساجد يبعث في النفس على الحزن، داعيا الله أن يعجل بانكشاف الغمة التي تضرب البشرية، وبما أن الأمن الصحي لإقامة الجمعة غير متوفر في معظم دول العالم بما يُخْشى معه خشية حقيقية على حياة الناس، فإن الجمعة تصلى ظهرًا في البيوت أو الرحال حيث يكون الإنسان.

نسأل الله أن يحمينا جميعا من كل الشر والوباء، ومن كل الفتنة والبلاء ويرفع عنا الوباء وعمنا بالخير والرخاء.

 

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

 الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

 جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم