صحيفة المثقف

السياسة امر متعلق بثقافة حياة الفرد وحقوقه المدنية

عقيل العبودالمقارنة مع العراق

ليس السياسة معناها منصب، وجاه، وأحزاب، وكتل وتصريحات، ومؤتمرات، وحمايات، ورواتب، وترف، وثراء وقصور فخمة، ينعم بها المسؤولون وأبناؤهم،

إنما هي مجموعة قوانين والتزامات اقتصادية وانسانية واخلاقية تضمن حياة الإنسان بما يتناسب وقيمته الفعلية كونه كما عبر كارل ماركس (الإنسان اثمن رأس مال).

هنا حيث مما لا شك فيه، فان المبنى يقوم على أساس ان هنالك تلازما ضروريا بين حاجيات الفرد كمواطن، وطبيعة حياته من جهة، وحاجيات الدولة لجهود هذا الموطن من جهة اخرى.

وهذا المبنى هو عبارة عن عقد وتعاقد بين الحكومة والشعب، وعلى أساس هذا العقد، تنهض الحياة وتنهض الحكومات ايضا.

حيث تترتب الحقوق والواجبات على كلا الطرفين.

وهما شرطان ملازمان ومتلازمان بين الدولة، والمجتمع، حيث مثلما يترتب على المواطن شرطية احترام القانون، يترتب على الدولة ايضا شرطية حماية حقوق الحياة المدنية وضمان حياة الشعب بالتساوي.

وهذا ما يتم تصنيفه ضمن ما يطيب لي تسميته (بدستور الحياة المدنية للمواطن)، وهو موضوع تشريعي وقانوني متكامل، ولا يمكن التفريط به، اوالتحايل عليه بأي شكل من الأشكال.

علما ان الأساس الأخلاقي والإنساني لهذا الموضوع قائم على جدلية مركبة، مفادها ان الموارد العامة للوطن، ملكية يجب ان يتمتع بها الجميع على حد سواء.

 

اي انه لا بوجد هنالك بناء على هذا الدستور تجاوز لخاصية المساواة بين طرفي المعادلة، المواطن والمسؤول.

ذلك باعتبار ان ضمان حياة هذا المواطن يعني ضمان استقرار الدولة وأمنها على مستوى الداخل والخارج.

فالقانون هو مجموعة تشريعات تتبنى رسم خطة لحياة حرة كريمة للمواطن، وتوفير هذه الحياة، يحتاج الى ضمائر حية ونزاهة integrity، اضافة الى موضوعي الخبرة والكفاءة qualifications and skills.

ومع توفر هذه الشروط، يصبح لا بد من اتباع منهجية متكاملة لإقامة ندوات ومؤتمرات ودراسات وتخطيط اداري واستثماري ومشاريع لبناء الدولة ومؤسساتها.

وهذه الدراسات تدخل ضمن سلسلة سياقات متناسقة من البرامج والبحوث، بغية الوقوف على ابرز المستلزمات الأساسية لبناء حياة الإنسان، بما يتناسب ومفردات التطور التكنولوجي للحياة.

ففي الدول المتطورة مثلا يتم مراعاة الالتزام بخطط تامين السكن، والغذاء، والصحة، والتقاعد، والتعليم، والأمن، والنقل، والترفيه وما يتعلق فيه، وبشكل خاص لشريحة الصغار، والمراهقين، والعاجزين، وكبار السن، وذلك من خلال اتباع ومراعاة جميع الفقرات الخاصة بالقوانين المتعلقة بهذه المجالات.

فمثلا يتم اعتماد نظام ال housing لتغطية جزء من نفقة الإيجار الخاصة بأصحاب الدخل المحدود من قبل الحكومة، ويتم اتباع برنامج ال tiny house لمن لا دخل لهم.

بينما في باب الغذاء يتم تزويد المواطنين من اصحاب الدخل المحدود ببطاقات ال food stamp وهو عبارة عن مبلغ شهري يتم منحه من قبل الحكومة الى الفرد ويتم الاستفادة من ذلك المبلغ من خلال بطاقة تشبه الcredit وهي للتسوق الغذائي فقط، بما يضمن حاجة الفرد للطعام.

اما في المجال الصحي فيتم توفير بطاقة ال health Insuranse وهي بطاقة تمنح للمعالجة الصحية للمواطن مجانا مهما كانت الكلفة.

ولنظام التقاعد، ثمة تصنيف خاص بامراض العجز الصحي، وكذلك كبار السن.

وعلى صعيد التعليم، يتم اتباع القوانين الخاصة لمختلف الفئات العمرية، فهنالك مدارس للصغار من الفئة العمرية ثلاث سنوات، اضافة الى التصنيف المعتاد للفئات العمرية من ست سنوات وما فوق، مع مراعاة التدرج التعليمي.

ولتبني الطاقات العلمية هنالك قانون ال innovations

حيث توجد مدارس خاص باصحاب الاختراعات العلمية لتشجيعهم ومكافأتهم.

هذا ناهيك عن الالتزام بنظام المساعدات الفيدرالية من قبل الدولة لطلبة الجامعات، حيث يتفاضى الطالب الجامعي مساعدات فيدرالية شهريا، بشرط النجاح في الدراسة، وهنالك باب للمساعدات الفيدرالية للمتفوقين.

وفي باب الأمن هنالك فقرات خاصة تتدخل فيها المحاكم لغرض ضمان حماية المواطن من التجاوزات بكل أنواعها بما فيها تعويضات الخسائر المادية والنفسية.

وكذا الأمر مع موضوع الخدمات الترفيهية والمواصلات، فهنالك شبكة خاصة للمواصلات التي ترتبط فيها خدمات الباص والقطار والسيارات ليتسنى نقل المواطنين حتى المعاقين والعاجزين منهم الى مختلف الأمكنة. 

ولكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، يتم تخصيص مراكز خاصة، يضمن فيها وسائل الراحة والإفطار والغذاء والنقل وبعض الخدمات الصحية في باب فحص ضغط الدم والسكري وضمان الاتصال مع الأطباء والمستشفيات.

هذا اضافة الى مؤسسات اخرى خاصة بالإشراف الصحي والسايكولوجي والإرشادي لأصحاب العاهات والمعتوهين، وبعض اصحاب الأمراض النفسية والعقلية والمدمنين، وجميع القضايا المتعلقة بمشاكل الحياة وحاجياتها.

وخاتمة الكلام ان عملية تشريع القوانين تحتاج الى عقول وضمائر وكفاءات حية يمكن من خلالها بناء الدولة، بطريقة يصبح فيها ديدن المسؤول بناء الوطن من خلال بناء الإنسان، وليس بناء نفسه وعائلته وذويه على حساب الإنسان.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم