صحيفة المثقف

الدعاء الأصلح

جواد عبد الكاظم محسناستوقفني مؤخراً ولمرات عديدة وبشيءٍ من العجب وظلال من الحزن سماع بعض الأدعية التي ترتفع عندنا للخلاص من جائحة الكورنا التي انتشرت في كل بلدان العالم تقريبا وبثت الرعب بين شعوبها؛ إذ يقتصر أصحاب هذه الأدعية على السؤال والتوسل بالحفظ والسلامة من الله تعالى للمسلمين فقط !! وكم تمنيت لو كان فكرنا أرقى ونظرتنا أوسع مادام الخطر يهددنا جميعا فنشمل بني البشر كافة معنا بأدعيتنا وتوسلنا بالرحمة من الله تعالى، وهو رب العالمين كما ورد في محكم كتابه المجيد ولم يختص بقوم دون قوم، وكم تساءلت مع نفسي لماذا نريد اقتصار رحمة الله علينا فقط دون غيرنا من الشعوب؟!!

في اعتقادي أن الأمر قد لا يحمل صفة الأنانية أو العداء بقدر ما يحمل من صفة الجهل وربما الانغلاق الفكري!! وكلاهما مردودان علينا وغير مقبولين على الإطلاق، فينابيع الثقافة والمعرفة تفيض على مدار الساعة ومتوفرة للجميع بلا حدود عبر كل الوسائل المختلفة في عالم الاتصالات، وعلينا أن ننهل منها حد الارتواء والفائدة  بلا قيود، ونختار من الأفكار والسلوك والأخلاق الأفضل والأرفع منزلة، ألم يقل الله تعالى (الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه)؟! فهل استمعنا واتبعنا أحسنه؟!

كما أود التذكير هنا بأن دول العالم المتقدمة حضاريا تخوض اليوم حربا شعواء ضد هذا الفايروس اللعين في مختبراتها ومؤسساتها العلمية لاكتشاف الأدوية الناجعة والمفيدة لعلاجه واللقاحات المانعة لحدوثه وانتشاره، وفي حالة اكتشافهما فهي لن تبخل بها على بقية بني البشر في الدول الأخرى، كما أود التذكير هنا وبالتقدير قيام التعاون بين أغلب دول العالم بغض النظر عن أجناسها وأديانها وعقائدها السياسة لمواجهة هذه المحنة، ألم نسمع بوصول مساعدات الصين الصحية وهي الدولة المنكوبة بهذا الفايروس اللعين إلى العراق وإيران وإيطاليا؟! ألم نسمع بالمجموعات الطبية التي وصلت للمساعدة أيضاً إلى إيطاليا من كوبا وألبانيا؟! ألم نسمع بإرسال طائرة من المساعدات الطبية الروسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ؟! وغير ذلك الكثير!!

أقول ليس من اللياقة والعدل أن تقتصر أدعيتنا ونحن نرفعها إلى الله تعالى على المنائر والمنابر على سلامة وحفظ المسلمين فقط دون سواهم !! فالله تعالى ليس لنا فقط، بل هو رب العلمين ووسعت رحمته كل شيء، وعلينا أن نعرف جيداً حقيقة مهمة في السراء والضراء، وهي أن (الإنسان أخو الإنسان في كل زمان ومكان)، ونعيش في ظلالها، ونمد بصرنا إلى أفقها الرحب.

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم