صحيفة المثقف

شباك الكورونا عندما قررت زيارتي هذا الصباح

عقيل العبودهذا الصباح لم يكن كباقي الصباحات، فقد استيقظتُ قبل صلاة الفجر بساعات، بعد ان احسست بنوبة برد وجفاف في حلقي، حتى أخذني الشك بأنني ربما أكون قد وقعت أسيرا بشباك فايروس الكورونا.

لذلك استوقفني شعور الخوف هذا، ليتبادر الى ذهني سيناريو يكاد ان يكون موحشا، خاصة بعد توالي التقارير الخبرية الخاصة بتزايد نسبة الإصابات، حيث لم تعد المستشفيات كعادتها قابلة لإستقبال حالات الemergency، ولم تعد تلك الصالات جاهزة كما كانت لإستقبال المرضى كعادتها أيام زمان.

لذلك فجأة رحت استحضر صورة لسيارة اسعاف وحَجِر صحي لجميع أفراد عائلتي، بضمنهم حفيداتي اللائي لا تتجاوز اعمارهن الأربع سنوات.

صلاتي لم تكن كباقي الصلوات، كنت على عجالة من أمري بعد ان انصرفت تماما الى دفتر المذكرات الذي كان بحوزتي.

بصري بلا إرادة اتجه صوب الحاسوب، الذي كان ينتظرني كل صباح، لأستمع الى محاضرة ما، أو لكتابة بعض الموضوعات الخاصة بالبحث العلمي.

اما عقلي وحسي وجميع مشاعري، فقد اتحدت جميعا حتى وجدت نفسي امام معترك مصيري يدعوني لأن أودع هذه الحياة.

المشاهد راحت تمشي تباعا كأنما مجموعة قاطرات تحمل معها ركامات من السنين: المشاهد، السيناريوهات، مسرح كبير تتصارع على خشبته جميع الأحلام والأمنيات، الماضي بجميع اوراقه اتحد مع الحاضر ليختصر الزمن بطريقة غريبة.

ارادتي ذلك الشئ غير المنظور، صارت تتحرك على شاكلة سفينة اصطدمت نهاياتها بصخرة كبيرة وهي في غمرة رحلتها مع الامواج. 

لذلك دون استطاعة، وجدت نفسي اكتب وصيتي التي لم تكن تتجاوز بضعة اسطر.

توقفت عند ما امتلك، حيث ذلك المبلغ البسيط الخاص بايجار الشقة التي اسكن فيها، ومكتبتي، وذلك كل ما بحوزتي باستثناء السيارة التي لم تكن مسجلة باسمي أصلا.

توقفت قليلا، متمتما: لم يكن لدي من ممتلكات، الا بقدر هذا الذي ليس بحوزتي، فلم يكن هنالك ما يشدني اليه، سوى هذه الصلة التي ارتبط عبرها وهذا العالم مع الطيبين.

لذلك وحدها هذه الصلة استوقفتني، لأبقى منفردا بعيدا عن تلك الشباك.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم