صحيفة المثقف

هل نحن في خضم حرب عالمية ثالثة؟

حسين فاعور الساعديأم لم تبدأ الحرب بعد؟

لم يحدث من قبل وعلى مدار تاريخ البشرية أن سُجن غالبية سكان كوكب الأرض في بيوتهم بالتزامن ولفترة طويلة ومتواصلة لا يعرف أحد متى تكون نهايتها. ولم يحدث من قبل أن هدأت حركة الإنسان على هذا الكوكب كما تهدأ الآن. إنه الخوف من كائن مجهول يجوب كل ركن من أركان هذه المعمورة ويضرب في كل الاتجاهات، دون أن يسمح أو يترك المجال لأحد بالتنبؤ بما هو قادم.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مر العالم بحقبة قاسية جداً هي حقبة القطب الواحد. في هذه الحقبة انهارت الكثير من القيم والقوانين والمبادئ الدولية وسادت شريعة الغاب. صارت أمريكا تقرر ما تشاء ومتى تشاء من منطلق عدم وجود من يحاسبها أو يردعها فصارت ترى في هذا العالم مزرعة تابعة لها ومن حقها وحدها التصرف في هذه المزرعة.

في السنوات الأخيرة هذا الوضع بدأ يتزعزع وبدأت الأمور تخرج عن السيطرة بعد ظهور من بدأ ينافس الولايات المتحدة على مزرعتها وخصوصاً الصين التي لم تكن مجرد منافس، بل بديل يملك كل المقومات، أو شريك كامل الحقوق في أسوأ الأحوال وهو ما لا يمكن أن ترضى به أمريكا التي كانت صاحبة الأمر والنهي لسنوات طويلة.

أمريكا حاولت كبح الصين ولجمها بمختلف الطرق والأساليب. وبعد أن خرجت الأمور عن السيطرة في ردعها ولجمها ومنذ سنوات والحوار غير المباشر والمباشر أحياناً يجري بين الطرفين لتقاسم الكعكة. إلا أن الصين زعمت دائماً ألا نية لها في السيطرة على العالم وهي تترك هذا الأمر للولايات المتحدة ولا ترغب بتاتاً في السيطرة. أمريكا تعتقد أن الصين تقول ذلك وعلى ارض الواقع تفعل ما يناقضه. ففي كل يوم يمر تسحب البساط من تحت أقدامها في طريقها للسيطرة على العالم.

لذلك وبعد فشل كل محاولات الولايات المتحدة الجلوس مع الصين على طاولة المفاوضات لوضع قوانين وأسس جديدة لتقاسم النفوذ على هذا العالم، لم يكن بديل عن الحرب بين هذين الحوتين الذين يقفان أمام صيد ثمين وكل واحد منهما يريده لوحده. هذه الحرب بدأت باردة وتحولت إلى حرب تجارية ضروس أدت إلى السير نحو حتمية انهيار المنظومة الاقتصادية القائمة وهو ما لم تستطع الولايات المتحدة القبول والتسليم به. لذلك كان لا مناص من الحرب بين القطبين في سنة 2020 وقبل الانتخابات الأمريكية لأن الصين بدأت تربح الحرب التجارية إن لم تكن قد ربحتها وأمريكا لا يمكن ان تسلم بذلك. كان لا مناص من حرب عالمية بين القطبين لإجبار الصين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات كما يجلس المتحاربون بعد كل حرب وكما حدث بعد الحرب العالمية الأولى والثانية. لوضع أطر وقوانين ومعاهدات جديدة تحدد معالم المرحلة المقبلة. هذه الحرب بين أمريكا والصين كان مخطط لها أن تكون في بحر الصين وليست لأهداف تدميرية وإنما للوصول إلى اتفاق بعد أن رفضت الصين الجلوس بعد الحرب التجارية.

يبقى السؤال الملح هو: هل هذا التخطيط الذي تتحدث عنه مراكز البحوث والدراسات الأمريكية لا يزال قائماً؟ أم أن حرب الصواريخ والبوارج قد تم استبدالها بحرب بيولوجية ونحن الآن في خضمها.

في رأيي أننا في خضم حرب عالمية بيولوجية بين الحوتين المتصارعين منذ فترة، ولكننا لا نعرف هل سيكتفيان بها أم هي مقدمة لحرب عالمية قادمة لا بد منها بينهما. هذه الحرب الدائرة لا يمكن في هذه المرحلة معرفة من بدأها ولا يمكن الجزم هل نحن في بدايتها أم في خضمها أم في نهايتها. لا أحد يعرف كم ستستمر ولا كيف ستكون نهايتها والخروج منها. خوف الجميع هو أن تخرج الأمور عن السيطرة وينزلق العالم إلى نهاية مخيفة خصوصاً إذا كانت هذه الحرب هي فعلا مقدمة لحرب أخرى لا سمح الله.

في هذه الأيام العصيبة كل الدلائل تشير أننا أمام عالمٍ جديدٍ يتبلور، عالم مبني على التعاون الدولي المبني على القيم والأخلاق والمبادئ على أنقاض عالم جنح نحو التوحش والتغول والانهيار الأخلاقي وستكون هذه آخر الحروب في هذا العصر وسنكون نحن في الشرق الأوسط أكثر الرابحين بإذن الله لأننا دفعنا أثماناً باهظة من الدمار والخراب والدماء.

 

حسين فاعور الساعدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم