صحيفة المثقف

ستذهب "كورونا" والحياة تعود

معراج احمد الندويقبل ثلاثة أشهر كان العالم يحتفل بمطلع العام الجديد، الذي رأى فيه عاماً مميزاً من حيث أنه يحمل رقماً ساحراً "2020"، ولم يخطر ببال أحد بأنه سيحمل بين طياته حدثاً يزلزل الدنيا، ويملأها خوفاً وهلعاً، كما هو الحال الذي هي عليه الآن، لكن جائحة كورونا أجبرت العالم اليوم على هذا التحول فورا، من خلال إجبار الناس على البقاء في منازلهم وبدء الإنخراط في “العالم الرقمي”.

إن دخول أزمة فيروس كورونا على خطّ أزمات الاقتصاد العالمي زاد من حدتها ومخاطرها، وأدخل العالم في أجواءٍ قاتمة، لكنها لا تزال ناراً غير ملموسة الأثر بشكل حقيقي، بسبب وقوعها في ظل نارٍ أكبر وأكثر خطورة، وهي خطر الموت الذي يتهدد ملايين البشر جراء انتشار الوباء القاتل.

يعيش العالم اليوم على وقع الأخبار المتعلقة بهذا الفيروس،وسبل مكافحته ولكن من الأكيد أن هذا العالم على أبواب تغيير كبير. فما بعد كورونا ليس كما قبله حتما، ولكن من المؤكد أيضا ان أسباب هذا التغيير الذي نحن مقدمون عليه، ليس هذا الوباء فقط، وان كان ظهوره علامة فارقة و فاصلة مهمة في تاريخ الشعوب و المجتمعات الحديثة.

إن الحياة بعد كورونا لن تكون كما كانت قبلها، الكثير من التغييرات ستطرأ خلال الأشهر والسنوات القادمة، وبعضها سيكون مليئاً بالتحديات سواء على الحكومات أو الشعوب، وسيتغير بدرجات متفاوتة شكل العمل والتعليم والسفر والتسوق والصحة والعلاقات الاجتماعية والأسرية.

واليوم يشعر العالم كله أنه في صفّ واحد بكل أممه وأعراقه وأديانه ومذاهبه. يواجهون عدواً مشتركاً واحداً. تتفق كل إجراءاتهم الصحية والسياسية والمسلكية في صيغة واحدة في كل أنحاء العالم، الأعداء والأصدقاء، الشرق والغرب، كلهم في ذات الخندق تجاه هذا فيروس كورونا الذي غزا العالم بأجمعه ولم يفرق بين إنسان وآخر، ولا بين أمة وأخرى.

ستتغيّر أمور كثيرة في عصر ما بعد وباء كورونا الذي ليس معروفا كم سيدوم. هناك من يتحدّث عن شهر وعن اختراقات علمية تحققت، وهناك من يذهب إلى القول إنّ سنة ستمضي قبل اكتشاف لقاح أو علاج للفقير والغني والكبير في السنّ قبل الصغير. في عصر ما بعد كورونا، لن يكون هناك تغيير في سلوك الناس فحسب، بما في ذلك بدء التفكير الفعلي في العمل من البيت، سيكون هناك أيضا تغيير في سياسات الدول.

لن يستمر هذا الحال الى ما لا نهاية، ولن يستطيع هذا الوباء أن يُوقِف تقدم الإنسان نحو الغد. ستنتصر البشرية على هذا الوباء وترسو سفينة البشرية المرتبكة علي جودي الأمن والأمان، وستكون أزمة كورونا مرحلة مفصلية في تاريخ البشرية وخطا فاصلا بين عهدين ما قبل كورونا وما بعد كورونا. إأن العالم ما بعد كورونا سيعيد بناء نفسه من جديد.

 

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

 جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم